أغنية (وامغرد بوادي الدور).. ما تفضل به فناننا الكبير محمد مرشد ناجي كان هو القول الفصل

> «الأيام» علي محمد يحيى:

> كم أسعدني وأبهجني هذا الزخم من التواصل المستمر حول ما أعد وأقدم من أغنيات الطرب الأصيل في هذه الزاوية الموسومة به، وبما ينوع ذلك التواصل المسر من خلال مايقدمه المهتمون وذوو الاختصاص من الآراء والملاحظات والإفادات، وكذلك التصويبات لما قد ينشر، إما منقوصا أو مبهما بحسن القصد أو بسبب قصور بعض المراجع في صحة النص الغنائي أو اسم مؤلفه، وكذلك هو الحال للمطرب أو الملحن.

وأجمل ما جاء مؤخرا تلك الرسالة الرقيقة الموجهة إلى صفحة الفن والفنانين من الأستاذ كمال منيعم حول أغنية (وامغرد بوادي الدور) التي نشرت في هذه الزاوية التي وصفها بالبديعة، وعرض فيها ملاحظات أربع في اجتهادات طيبة يشكر عليها، وأهم تلك الملاحظات أن اللحن المشاع للأغنية اليوم هو للأستاذ فضل محمد اللحجي.

والأجمل أيضا في هذا التواصل هو ذلك التعليق الموجز الذي خص به «الأيام» فناننا الكبير الأستاذ محمد مرشد ناجي (أبوعلي)، وهو ما أتصور أنه كان القول الفصل فيما دار من جدل حول لحن هذه الأغنية، إذ كان ذلك التعليق هو خير ما يمكن الأخذ به والاستئناس بمرجعيته حين يبلغ بنا العجز في تناول مثل هكذا قضية، ومما جاء في تعليقه: أولا أنه لم يقل في أي وقت من الأوقات أن أغنية (وامغرد) هي من لحن الأستاذ فضل محمد اللحجي، كما جاء في تصور الأستاذ كمال منيعم، بل هو من أصل التراث الصنعاني.. وجاء في سياق حديثه أيضا «أن الأغنية قد سجلها الشيخ علي أبوبكر باشراحيل عام 1938م في أسطوانة لشركة (أوديون)، حين كان وقتها عمر الأستاذ فضل لم يتجاوز السادسة عشرة، إلا من الموال الذي أضافه في مقدمة الأغنية في الستينات. وأعتقد أن هذا ماكان من حال اللحن الأصل، وما أضاف إليه الأستاذ فضل كان الموال».

ورغم الاتصالات التي فاقت اعتقادي من كثير من المهتمين بالتراث وبالغناء الصنعاني بالخصوص، فقد كان أهمها الاتصال الهاتفي الذي تكرم به عليّ الباحث الأستاذ عبدالقادر أحمد قايد، رئيس قسم الموسيقى، أستاذ النظريات الموسيقية بمعهد جميل غانم للفنون الجميلة، ثم تشريفه لي حين زارني في داري حاملا معه جملة من الأشرطة لهذه الأغنية بأصوات عدد غير قليل من الفنانين، منهم الشيخ علي أبوبكر باشراحيل، ومحمد مرشد ناجي، وعلي بن علي الآنسي، وأيوب طارش، وحسن المهنا، وفضل محمد اللحجي، وأبوبكر بلفقيه، وفيصل علوي، وأسمعني ذلك اللحن بطرائق وأداء كل فنان من هؤلاء المجيدين.

ثم بدأ يشرح لي نظرية البحث في أصل اللحن، وما أضيف إليه، ومما قاله: «أصل اللحن هو الذي لايختلف عليه اثنان من أنه من الثرات الصنعاني.

ولكن لايمنع في أن يكون هناك اجتهاد في تقديم اللحن برؤية فنية جديدة، أو أن يضاف إليه، كما فعل الأستاذ فضل محمد اللحجي حين أدى الأغنية بطريقة تميز اللحن بها عنده، مما اختلط على الكثيرين فيما إذا كان اللحن (المشاع) له أو هو الأصل، فإن الحقيقة أن الأستاذ فضل محمد اللحجي هو الذي أدخل على اللحن الأصلي مقدمة الموال، وهي التي أشار إليها أستاذنا الكبير محمد مرشد ناجي، وكذلك هي الطريقة التي يظهر فيها الأستاذ فضل في فرتاش تلك المقدمة، كما علينا ألا ننسى أن هناك إضافة لحنية وضعها فضل محمد اللحجي على بعض الأبيات التي جاءت قبل نهاية الأغنية، هذه الإضافة اللحنية التي بناها على نفس المقام الأساسي (الهُزام)، وعلى إيقاع (الوسطى) إلى أن يعود إلى سياق لحن الأغنية من عند قوله:

أحبتي بعدكم والله جفاني هجوعي

وجرح مقلتي يا أحباب جاري دموعي.

وهذا الأسلوب يمكن أن نسمعه أيضا من الفنان حسن المهنا وهو يؤديها على طريقة الأستاذ فضل، ولاننسى الإشارة إلى أن الأداء المتميز للحن عند حسن المهنا يرجع إلى أنه قد أخذ أسلوب اللحن على يد الفنان الكبير الشيخ يحيى محمد فضل الذي يمثل أحد الذين حافظوا على أصالة الموسيقى والغناء اللحجي». ويكمل الأستاذ الباحث عبدالقادر أحمد قائد: «وهكذا بعد أن ينتهي من غناء الإضافة اللحنية يعود إلى سياق اللحن، كما هو معروف عند الشيخ علي أبوبكر والقعطبي والمرشد وبلفقيه وأيوب طارش .

أما عند فضل محمد اللحجي فإن له عودة في إضافاته على اللحن التي جاءت قرب نهاية الأغنية على مقام الحسيني، وعلى نفس الإيقاع (الوسطى) 4/4، خلاف البداية التي بدأت بها الأغنية والتي كانت على مقام (الهزام) وإيقاع (الدعسة الأولى 11/8)». بهذه الملاحظة الأخيرة أكتفي بهذا القدر اليسير من معلومات كثيرة استمعت إليها من أستاذنا عبدالقادر أحمد قائد، وأنا هنا بدوري أضع أمام القارئ المهتم مفهوم أسلوب اللحن حسبما جاء في الموسوعة العربية التي جاء فيها:

«إن أسلوب اللحن هو تعبير يعم كيفيات الأداء في النغم والألحان، والأصل فيه صنفان كما في صنفي اللحن الواحد، وهو منظوم، وهو أسلوب اللحن ذي الإيقاع الذي ينقسم إلى أجزاء صغرى وأجزاء وسطى وتامة، ثم ينظم موزونا في طريقة ما.

والآخر مطلق، وهو أسلوب الألحان المسرودة التي لاتنقسم إلى أجزاء تصاحب بالإيقاعات، وهذا النوع من الأسلوب إذا استعمل في التلحين الغنائي مطلقا بغير شرط فقد يخرج به المؤدي إلى كيفيات إلقائية يراد بها تخييل المعاني بوجه ما من التمثيل الصوتي».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى