حتى نقابة المحامين

> جمال محمد الجعبي المحامي:

> تمر لحظات نعتقد فيها أن ما يجري في الجنوب مبالغة من الجنوبيين في رد الفعل تجاه سوء إدارة غير مقصود، وأن مطالب أبناء الجنوب في الشراكة السياسية في الدولة التي ساهموا وشاركوا في قيامها بعد أن قبلوا التضحية بمقدرات وامكانيات دولة كانت موجودة في سبيل حلم (الوحدة) الذي انقلب إلى عقاب جماعي، يدفعون ثمنه دمعا ودم. مطالب الشراكة تلك نتوهم في بعض الأحيان أنها مبالغة من الجنوبيين، لكن سرعان ماتأتي المواقف لتؤكد أن ما يجري ضد الجنوب وأبنائه سياسة مقصودة ومتعمدة، وأن الأمر لايتوقف عند الإقصاء والتهميش من الوظيفة العامة، ولاعند الإحالة للتقاعد قسرا أو بالتطفيش للإجبار على التقاعد في المؤسسة الامنية والعسكرية، كما أن الأمر لايتوقف عند الاستيلاء على الأراضي والانتقاص من الحقوق، بل يتجاوز ذلك إلى إلغاء الهوية، وفرض الغلبة والقهر على الثقافة والإنسان.

من بين الشواهد على ذلك التوجه والنهج ما يجري في نقابة المحامين اليمنيين، وهي التي قامت نتيجة توحيد نقابتي المحامين في الشمال والجنوب، حيث ضحى المحامون في الجنوب بما لديهم، وقبلوا بقيام نقابة موحدة رغم أن خيار وجود أكثر من نقابة للمحامين كان ممكنا، كما هو الحال في لبنان أو المغرب، أو كما هو في أوروبا وأمريكا.

ورغم أنه لم يكن هناك اتفاق على تناوب قادة النقابتين المندمجتين على موقع النقيب أو اشتراط التبادل في موقع النقيب ونائبه بين الطرفين.. رغم ذلك كان من بين الوعود الجميلة التي أطلقت يومها تمهيدا لقيام الكيان النقابي (الموحد) هو أن يجري عقد المؤتمر العام بصورة دورية، مرة في صنعاء ومرة في عدن، ولكن لم يعقد سوى مؤتمر واحد (يتيم) في عدن، وكان ذلك في العام 1996م وكان من أفشل المؤتمرات التي عرفتها نقابة المحامين، وجرى فيه السيطرة من طرف واحد هو المنتصر عقب حرب 1994م، وكان نتيجة ذلك تدخل اتحاد المحامين العرب وقيامه بتجميد عضوية نقابة المحامين اليمنيين في الاتحاد حتى العام 1999م.

وفي المؤتمر العام الأخير الذي عقد في 2004م بصنعاء كان من ضمن قرارات المؤتمر أن ينعقد المؤتمر العام التالي المقرر في أبريل 2008م بمدينة عدن، ولكن ذلك لايراد له أن يحدث، فقد سارع مجلس نقابة المحامين إلى اتخاذ قرار يفتقد إلى أغلبية أعضاء المجلس، وقرر انعقاد المؤتمر بصنعاء!.

هذه صورة مصغرة للنظرة التي لدى بعض الأشخاص من شريحة المحامين، وهم ممن يفترض أن لديهم استيعاب للواقع السياسي، وأهمية الحفاظ على أسس الوحدة الوطنية أو حتى (الوحدة) النقابية، لكنها النظرة القاصرة التي لاتختلف عن ثقافة الإلغاء والتهميش، حتى لو كان ذلك على حساب العمل المهني والنقابي.

لا أدري ما هو التصرف الذي يمكن أن يقوم به المحامون في فروع نقابة المحامين في عدن وأبين ولحج والضالع وحضرموت، وهل يمكن أن يمر ذلك القرار مرور الكرام دون التصدي له والعمل على إلغائه؟ وما هو الحل إذا أصر مجلس النقابة العامة على القرار؟ رغم تعارضه مع مقررات أعلى سلطة في النقابة وهو المؤتمر العام للجمعية العمومية الذي قرر انعقاد المؤتمر في مدينة عدن، وهل سيكون من بين الخيارات مقاطعة أعمال المؤتمر القادم في حال الإصرار على انعقاده في صنعاء، لعدم مشروعية الانعقاد ومخالفته لقانون مهنة المحاماة؟.

هذه أسئلة، وتلك عينة مما يجري في الميدان من استهداف للإنسان وهويته الجنوبية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى