قالوا:«شوقي ليس أميرا على الشعراء»

> «الأيام» عبدالناصر علي النخعي:

> هذا النفي الذي صدرت به عنوان المقال هو فحوى رأي شعراء الحجاز والأدباء السعوديين.

ففي المؤتمر الذي دعي إليه شعراء العرب وأدباؤهم لم يحضر الحجازيون وقاطعوا (المهرجان) الذي أقيم في القاهرة، الأمر الذي دفع بشوقي إلى التساؤل عنهم قائلا:

ياعكاظا تألف الشرق فيه

من فلسطينه إلى بغدانه

افتقدت الحجاز فيه ولم نو

ثر على قسه ولا سحبانه

وقد كان لهذا الغياب أثر بالغ في نفس شوقي.. فعدم حضور الحجازيين (السعوديين) يشكل إخلالاً في الموازين والحسابات الأدبية.

وهذه المقاطعة التي أبداها شعراء الحجاز لم تكن مصادفة أو عدم اهتمام، بل كانت مقصودة وعناها أصحابها.. فهذا محمد حسن العواد، وهو أحد الشعراء السعوديين يقول معلقاً على هذه الحادثة:«وكم أحسن الحجاز أو المملكة العربية السعودية في الاستخفاف بهذه الظاهرة، عندما أضرب عن التجاوب مع أصحاب الحفل... وأنا أؤيد أن إمارة الشعر أمر باطل، وأن القصر في مصر كان يريد أن يكون شاعره أميراً للشعر والشعراء».

ويقول عبدالفتاح أبو مدين، رئيس تحرير مجلة (علامات) الأدبية:«إن إمارة الشعر خرافة لا تستند إلى حقيقة ولو صحت لأطلقت على امرئ القيس وزهير».

فإمارة شوقي على الشعر والشعراء يرى أبو مدين أنها لقب عريض ناله أحمد شوقي عن طريق العصبية، والتحيز إلى المناطقية.

ويقول محمد سعيد العامودي:«إن صحيفة الأهرام هي التي أطلقت عليه أمير الشعراء مجاملة».

ويبدو أن الحجازيين كانوا يدركون الإدراك كله ما يدور في مصر من حركة نقد تجديدية تهاجم المقلدين كافة، وعلى رأسهم الأمير، ويبدو كذلك أنهم كانوا يشاطرون أصحاب تلك الحركة (الديوان) الرأي، ويذهبون مذاهب التجديد والتحديث.

وهاك أبياتاً قالها العواد تلخص رأي المدرسة التجديدية في الحجاز عن الشعر وما ينبغي أن يسير عليه، وعن شوقي وإمارته المزيفة على حد زعم العواد:

ولقد قلت ياغبيُّ لشوقي

وهو ينعى الحجاز في سحبانه

من حبا أمرة القريض لفرد

ثم من سـوغ اللّغا في حسـانه

ليس للشعر من أمير سوى الفكر

وحـيّ الشـعــور لا وسـنـانـه

فالحساب الحساب للفكر خلاقاً

بـعيـد المضـي في أشـطـانـه

تلك في الشعر من رسالة سحبا

من حديثاً وغابراً في زمانه

فانصب (المهرجان) لعبة فرد

وتمتع ومن ترى باحتضانه

فهو أضحوكة من الأدب المملوك

تغري دُعاته بامتهانه

وليس أدل على أن شعراء الحجاز كانوا مجددين وثائرين على الكلاسيكية المقلدة من قول أحدهم مناصراً جماعة الديوان التي أسهبت في نقد الكلاسيكيين ولاسيما شوقي، إذ يؤكد أن «العقاد يستحق منا كل تقدير؛ لأنه أوقف المدرسة الشوقية المقلدة عن مواصلة السير والتمادي في القديم».

وعلى الرغم من كثرة الكلام والجدل في شاعرية شوقي واستحقاقه الإمارة من عدمها، يبقى أحمد شوقي شاعراً عظيماً شامخاً في صرح القصيدة العربية، وأرى أن الذين هاجموه قد انطلقوا من زاوية ضيقة إذ انتقدوا بعض قصائده الركيكة وهي قليلة، ولكن من باب الإنصاف وعدم الإجحاف فإن له الكثير من القصائد القوية الجزلة.

وأما الذين هاجموه من الناحية العرقية، موجهين إليه عبارات مثل: (شركسي، دخيل، قذر) فميدان الأدب لا يؤمن بهذه الشعوبية المنتنة. وأما الذين هاجموه بالتقليد والتقوقع فعليهم أن يتذكروا أن الأمير هو رائد الشعر المسرحي، الذي يعد من مظاهر التجديد في الأدب العربي الحديث.

ويكفيه شرفاً ومكانة كثرة الدراسات الأدبية التي أثيرت حوله وخاضت في شخصه وشعره مابين مادح وقادح، ومع هذا وذاك يبقى شوقي شاعراً مجيداً وكفى المرء نبلاً أن تعد معايبه.

* الموضوع مأخوذ بتصرف من مجلة علامات في النقد /لعبدالرحمن المحنسي/ المجلد 14، الجزء 56 عام 2005م.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى