نظرية (الاستبعاد الاجتماعي) وعدن

> محمد فارع الشيباني:

> الاستبعاد الاجتماعي هو عنوان كتاب جديد صدر ضمن سلسلة (عالم المعرفة الكويتية) وهو ترجمة لنص بريطاني قام بتأليفه مجموعة من الأساتذة البريطانيين، وهذه النظرية الجديدة في علم الاجتماع هدفها الرئيس هو تجديد الديمقراطية الاجتماعية- كما جاء في الكتاب- ومعقلها الرئيس مدرسة لندن للاقتصاد والعلوم الاجتماعية. وكما يقول الكتاب فإن هناك شكلان للاستبعاد الاجتماعي (الأول هو استبعاد أولئك القابعين في القاع والمعزولين عن التيار الرئيس للفرص التي يمنحها المجتمع، أما الشكل الثاني- عند القمة- فهو الاستبعاد الإداري).

وفي تفسيرهم للمساواة الاجتماعية يرى المؤلفون أنها «اندماج الناس في مجتمعهم على أصعدة الإنتاج، الاستهلاك، العمل السياسي، التفاعل الاجتماعي»، وعدم المساواة بالنسبة لهم «هي الاستبعاد أو الحرمان أو الإقصاء عن المشاركة الاجتماعية».

وتفسيرا لحالة الاستبعاد فإنه «يحصل عدم وجود فرص تعليمية ومهنية متساوية، وكذلك إنكار للفرص المتكافئة على صعيد المشاركة السياسية».

وعند قراءتي لهذا الكتاب، وهذه النظرية الجديدة في علم الاجتماع رأيت أنها تفسير صادق وترجمة حقيقية لما حصل لأبناء وأهالي عدن منذ الاستقلال من استبعاد اجتماعي لهم، فقد عزلوا فعلا عن التيار الرئيس للفرص التي ينتجها المجتمع- كما جاء في الكتاب- لقد فصلوا من أعمالهم، وبذلك حرموا من الدور الاجتماعي لخدمة المجتمع، بالإضافة إلى انتقالهم إلى حالة أكثر فقرا وحاجة، واستبعدوا من القيام أو المشاركة في أي دور سياسي، بل على العكس من ذلك، فقد اعتبروا خطرا على المجتمع، ولولا خبرتهم في الإدارة والأعمال المدنية الأخرى لما استطاعوا الهجرة إلى بلدان الخليج والحصول على عمل، ولذلك نرى- وحسب النظرية الاجتماعية الجديدة- أنهم لم يدمجوا في المجتمع الناشىء، بل حرموا من المشاركة الاجتماعية بأسلوب الاستبعاد القهري.

وجاءت الوحدة واستبشروا خيرا، وأنهم في المجتمع الذي كبر وتوسع سيسمح لهم وتعطى لهم فرص المشاركة، ولكنها المأساة.. فقد تم استبعادهم أكثر، وأضيف إليهم من استبعدوهم اجتماعيا بعد الاستقلال، فإن الذي استبعدهم أصبح هو أيضا مستبعدا معهم، ومنع عن المشاركة في كل شيء، من الجيش والإدارة، وجميع أوجه السلطة، وشمل الاستبعاد الاجتماعي وبجميع أشكاله وصوره جميع أبناء الجنوب.. أي كل من كان مواطنا لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ورغم أنه كان هناك أفراد من عدن والجنوب يحملون ألقابا سياسية في السلطة، فإنهم كانوا الاستثناء الذي يثبت القاعدة ولا ينفيها، فالكل كان يعرف- وهم كذلك- أن لا حول لهم ولا قوة، وأن تعليماتهم لا ينفذها مدراء مكاتبهم.

أما بالنسبة لعدن وأبنائها فبدلا من العدالة والمساواة الاجتماعية، فإنهم بعد الوحدة واجهوا استبعادا اجتماعيا جديدا أكثر شراسة وعنفا، فقد واجهوا استبعادا لجميع مكونات الشخصية عندهم إداريا وأدبيا وفنيا، واعتبرت عدن بعد الوحدة كأنها صحراء قاحلة أو مدينة صغيرة، يسكنها صومال وهنود.. ولقد وصل الاستبعاد الاجتماعي أنه تم جلب منظفين للشوارع من أمكنة أخرى.

والآن بدأ تمرد من استبعدوا اجتماعيا من أبناء الجنوب، ولكن في حماسهم للثورة والتمرد نسوا أبناء عدن وما لحق بأبناء عدن.. ولكن جاء الوقت الذي يجب فيه على أبناء عدن النهوض والدفاع عن حقوقهم الاجتماعية التي سكتوا عنها أعواما طويلة، ويجب أن يعرفوا أنه لن يطالب أحد بحقوقهم إذا لم يفعلوا ذلك بأنفسهم..

اللهم احفظ عدن.. آمين.. يا رب العالمين!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى