في ذكرى وفاته .. الفنان فضل محمد اللحجي عبقري الأزمنة

> «الأيام» سند حسين شهاب:

> الاعتقاد السائد لدى العامة بأن القمندان هو باعث النهضة الثقافية والفنية، هو اعتقاد صحيح لكنه قاصر، ذلك أن أي معادلة لا تستقيم فقط على عنصر واحد وإن كانت كذلك فإنها لا تنتج شيئاً ولا ينبغي أن تسمى معادلة أصلاً.

هل أسمعك فضل يوماً في الغناء ما أعاني

يكفي أن نستمع أو نقرأ هذا البيت الشعري للقمندان لنسجل هذا الاعتراف الذي أدلى به القمندان طواعية دون أن يطلب منه أحد ذلك .

ماذا يعني أن فضل - والمقصود هنا الفنان العبقري فضل محمد اللحجي -هو الذي يسمع الآخرين ما يعانيه القمندان في ظل وجود عدد كبير من الفنانين حينها سبقوا فضل في العمر والتجربة .

يافضل غني لنا بالعود شل الربابة

هذا اعتراف آخر بقيمة فضل واقترابه من القمندان حينذاك بل وتفضيله على غيره من المطربين.

هذه المعطيات تكفي إثباتاً لتحديد العنصر الآخر الذي شكل مع عنصر القمندان معادلة بعث النهضة الثقافية والفنية في لحج. نحن لا نريد أن نغمط الآخرين حقهم لكننا نريد أن يعطى كل ذي حق حقه.

لاريب أن القمندان كانت له اليد الطولى في رسم الملامح وتحويلها إلى واقع على الأرض تأسيساً على مكانته وسلطته وقدراته، لكن فضل هو الآخر أخذ نصيب الأسد تأسيساً على عبقريته واجتهاده وموهبته وقبل ذلك أخلاقه.

ولئن كانت فضائل القمندان سباقة في تبني فضل محمد اللحجي منذ أن كان طفلا ورعايته، فقد كان وفاء فضل كبيراً في ترجمة أحاسيس وشعر القمندان وإخراجها في ثوب قشيب.

كان هذا زمن القمندان الذي انتهت علاقة فضل به بعد وفاته في عام 1943م، لكن عبقرية فضل لم تنته بوفاة القمندان بل يمكن القول إنها ولدت لهذا الزمان الجديد. يمكننا القول إن الفترة التي تلت وفاة القمندان شهدت ولادة القصيدة اللحجية الجديدة على يد أدباء كبار كالأستاذ عبدالله هادي سبيت وصالح فقيه وصالح نصيب وغيرهم، ولاشك أن هذه القصائد شكلت حالة جديدة في مضمونها عن قصائد القمندان وهذا الأمر كان يتطلب عبقرية جديدة تنقل أذن المستمع من قصيدة القمندان إلى زمن القصيدة الجديدة، وهنا تظهر عبقرية فضل محمد من جديد لتثبت قدراتها في هذا الشأن لتنتج ألحاناً جديدة اعتبرت فتحاً في مسار الغناء اليمني ككل على مدى أكثر من عشرين عاماً هي المدة الفاصلة بين وفاة القمندان 1943م ووفاة فضل 1967م، ظلت عبقرية فضل تنتج بلا هوادة رغم الحياة الصعبة التي عاشها فضل وتنقله في أكثر من منطقة إلا أن الإبداع ظل ديدنه الدائم الذي لم يتوقف إلا حينما أراد الله لهذه النفس أن تعود إلى بارئها .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى