> «الأيام» عبدالوهاب الحراسي :
قدم الصديق الأستاذ ناصر البداي من (عدن) حاملاً نسخاً من رواية القاص ياسر عبدالباقي (زهافار) التي كان قد قرأها في طريق عودته إلى ذمار.. تسلمنا نسخاً.. أنا وبعض الأصدقاء لنلتقي مساء ً، بعد قراءتها، كاتب هذه السطور، والأستاذ ناصر والقاص يحيى الفتاحي.. وقد أثارت الرواية بيننا جدلاً من حيث بنائها وموضوعها.
كان أول المتحدثين الأستاذ ناصر البداي، الذي أعرب عن إعجابه الشديد بالرواية لدرجة أسف عليها من الأخطاء الإملائية التي اعترضت قراءاته لها.
أما الفتاحي الذي بدأ بتناولات الرواية، فقد فأجانا بملاحظاته الصريحة، تعلقت ببناء الرواية بوجه خاص، قائلاً:«إنها رائعة لو أخذت حقها من تحليل الشخصيات والتعميق في دواخلها.. وكان لابد أيضاً على المؤلف أن يستفيض في تفاصيل الأحداث، بدلاً من اختصارها في حوارات أخذت أكثر من حقها.. على حساب سرد الأحداث، فبدت الرواية وكأنها ضحية إفلاس كاتبها في فنيات الرواية».. بالنسبة لي أجد ما قاله الفتاحي صحيحاً، لكن حين أضاف:«وقع المؤلف في شرك النظرة الشوارعية للشخصية اليهودية»، فإنه يكون مخطئاً جداً، ومخطئاً عندما علل ذلك في اعتقاده «بعدم وجود نظرة إنسانية عميقة»لدى المؤلف.
بينما العكس هو الصحيح ، فالمؤلف أبعد ما يكون عن الواقع في ذلك الشرك ، وحاول أن يكون أقرب إلى النظرة الإنسانية للشخصية اليهودية. والحقيقة أن سبب وقوع هذين الخطأين في الحكم يرجع إلى افتقار الرواية إلى تلك الصورة التحليلية لشخصياتها، أو إلى عدم وصف عمق الشخصيات، فبطلا الرواية ظهرا كشخصيات محمومة، تحرك وتتحرك في أحداث هي الأخرى محمومة، فنجد مواقف وأحداثاً غير مبررة، غريبة أو مبالغاً فيها، قياساً إلى أفق ونمط سردية الرواية.. مثل رغبة البطل في العودة إلى عدن في صفحة (17) أو تلك الفروسية الرومانسية في صفحة (81) حين قرر البطل الخوض في مغامرة من أجل إعادة القلادة التي سلبها قُطَّاع طرق من حبيبته!!
لقد نهض السرد- في الرواية- على الحدث وتسارعه، الذي غالباً ما يبديه المبدع ياسر عبدالباقي.. مستغلاً خبرة القارئ- حتى يجعل الأخير حريصاً على معرفة النهاية.
وإذا أضفنا إلى هذا، ذلك الانتقال الرشيق، ولو لم يكن مبرراً، من قسم إلى آخر من زمن الرواية، فإننا نكون مع (زهافار) أمام فنيات السيناريو أكثر منها فنيات الرواية. ومهما كانت الملاحظات السابقة على صواب أو خطأ فإن (زهافار) هي أول قصة حاولت أن تعكس صورة عن الأثر النفسي الاجتماعي والسياسي في جنوب الوطن التي خلفته حرب 1994م الوطنية.. وإن كان الكاتب - وعلى لسان بطل الرواية - لم يطل الكلام عن حدث وطني لا يمكن إخفاؤه كالحرب.. فقد فعل العكس مع موضوع بالغ الصغر حد الاختفاء في هذا الوطن، كموضوع اليهود اليمنيين الذي اتخذ ثلثي الرواية وعلى هذه المساحة أضاء لنا الكاتب بعض النقاط:
- أزمة الهوية التي عانتها زهافار بطلة الرواية .
- ذكورية المجتمع، والتقاليد اليمنية تجاه المرأة .
- الكراهية والعداء بسبب الدين.
- الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
ولأن كل ذلك هو مما يشكل أزمة ثقافية، وصراعاً نفسياً في المجتمع العربي المسلم، فقد وضع الكاتب بطله في خضمها ليعيش آلامها في مغامرات كادت تودي بحياته.. ولم يجد الخلاص سوى بالحب، وفي تلك الرومانسية ينتقل المؤلف إلى موضوع كبير وخطير في واقع الوطن، وهو سرقة الآثار، وتهريبها، وهنا لا نرى الكاتب يحدد جهة أو منطقة أثرية بعينها.. إذ كانت أغلب أحداث الرواية قد تمت في شمال الوطن، فإن الرواية لذلك كله، هي قصة حب وطنية.
كان أول المتحدثين الأستاذ ناصر البداي، الذي أعرب عن إعجابه الشديد بالرواية لدرجة أسف عليها من الأخطاء الإملائية التي اعترضت قراءاته لها.
أما الفتاحي الذي بدأ بتناولات الرواية، فقد فأجانا بملاحظاته الصريحة، تعلقت ببناء الرواية بوجه خاص، قائلاً:«إنها رائعة لو أخذت حقها من تحليل الشخصيات والتعميق في دواخلها.. وكان لابد أيضاً على المؤلف أن يستفيض في تفاصيل الأحداث، بدلاً من اختصارها في حوارات أخذت أكثر من حقها.. على حساب سرد الأحداث، فبدت الرواية وكأنها ضحية إفلاس كاتبها في فنيات الرواية».. بالنسبة لي أجد ما قاله الفتاحي صحيحاً، لكن حين أضاف:«وقع المؤلف في شرك النظرة الشوارعية للشخصية اليهودية»، فإنه يكون مخطئاً جداً، ومخطئاً عندما علل ذلك في اعتقاده «بعدم وجود نظرة إنسانية عميقة»لدى المؤلف.
بينما العكس هو الصحيح ، فالمؤلف أبعد ما يكون عن الواقع في ذلك الشرك ، وحاول أن يكون أقرب إلى النظرة الإنسانية للشخصية اليهودية. والحقيقة أن سبب وقوع هذين الخطأين في الحكم يرجع إلى افتقار الرواية إلى تلك الصورة التحليلية لشخصياتها، أو إلى عدم وصف عمق الشخصيات، فبطلا الرواية ظهرا كشخصيات محمومة، تحرك وتتحرك في أحداث هي الأخرى محمومة، فنجد مواقف وأحداثاً غير مبررة، غريبة أو مبالغاً فيها، قياساً إلى أفق ونمط سردية الرواية.. مثل رغبة البطل في العودة إلى عدن في صفحة (17) أو تلك الفروسية الرومانسية في صفحة (81) حين قرر البطل الخوض في مغامرة من أجل إعادة القلادة التي سلبها قُطَّاع طرق من حبيبته!!
لقد نهض السرد- في الرواية- على الحدث وتسارعه، الذي غالباً ما يبديه المبدع ياسر عبدالباقي.. مستغلاً خبرة القارئ- حتى يجعل الأخير حريصاً على معرفة النهاية.
وإذا أضفنا إلى هذا، ذلك الانتقال الرشيق، ولو لم يكن مبرراً، من قسم إلى آخر من زمن الرواية، فإننا نكون مع (زهافار) أمام فنيات السيناريو أكثر منها فنيات الرواية. ومهما كانت الملاحظات السابقة على صواب أو خطأ فإن (زهافار) هي أول قصة حاولت أن تعكس صورة عن الأثر النفسي الاجتماعي والسياسي في جنوب الوطن التي خلفته حرب 1994م الوطنية.. وإن كان الكاتب - وعلى لسان بطل الرواية - لم يطل الكلام عن حدث وطني لا يمكن إخفاؤه كالحرب.. فقد فعل العكس مع موضوع بالغ الصغر حد الاختفاء في هذا الوطن، كموضوع اليهود اليمنيين الذي اتخذ ثلثي الرواية وعلى هذه المساحة أضاء لنا الكاتب بعض النقاط:
- أزمة الهوية التي عانتها زهافار بطلة الرواية .
- ذكورية المجتمع، والتقاليد اليمنية تجاه المرأة .
- الكراهية والعداء بسبب الدين.
- الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
ولأن كل ذلك هو مما يشكل أزمة ثقافية، وصراعاً نفسياً في المجتمع العربي المسلم، فقد وضع الكاتب بطله في خضمها ليعيش آلامها في مغامرات كادت تودي بحياته.. ولم يجد الخلاص سوى بالحب، وفي تلك الرومانسية ينتقل المؤلف إلى موضوع كبير وخطير في واقع الوطن، وهو سرقة الآثار، وتهريبها، وهنا لا نرى الكاتب يحدد جهة أو منطقة أثرية بعينها.. إذ كانت أغلب أحداث الرواية قد تمت في شمال الوطن، فإن الرواية لذلك كله، هي قصة حب وطنية.