مدرسة «جبل حديد» إحدى ضحايا حرب صيف 1994

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

>
نالت عدن نصيبها من الذكر الحسن سواء في الكتب المقدسة أو كتب المؤرخين أو في تاريخ الملاحة، وتربط همزات الوصل حلقات تاريخ هذه المدينة، قديمها ووسيطها وحديثها وتجلى في ذلك الربط تميزها في كل شيء: فهي متميزة في موقعها الجغرافي ومينائها الذي حصنته السماء وبآثارها التي تتميز بعضها بأنها لاتزال تؤدي وظيفتها (خذ مثلاً صهاريج عدن)، وتميزت أيضاً بتنوع جذور السكان (كوسموبوليتان) والتسامح الديني (رغم انتشار المساجد إلا أنها تعايشت مع الكنيسة والمعبد الهندوكي والفارسي واليهودي)، ورغم هذا وذاك تميز سكان هذه المدينة بالنزعة الوطنية والقومية والإسلامية القوية.يحسب لهذه المدينة أيضاً عراقتها في النظام والإدارة ومؤسسات المجتمع المدني التي تجلى تفاعلها مع ما يعتمل في ساحتها في مختلف المنعطفات قبل وبعد الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م، أو قبل وبعد قيام دولة الوحدة في 22 مايو 1990م التي ألغيت في 7 يوليو 1994م، ومن نماذج ذلك التفاعل كان اجتماع الأربعاء، 6 فبراير 2008م، الذي شاركت فيه: الجمعية الجيولوجية اليمنية، عدن والجمعية اليمنية للتاريخ والآثار، عدن والهيئة العامة لحماية البيئة، عدن والهيئة الإدارية للمجلس المحلي، صيرة وصندوق النظافة وتحسين المدينة، عدن، ومكتب الآثار، عدن ومكتب الأشغال العامة، صيرة، وعدد من المهتمين في علوم الآثار والهندسة، حيث وقف المجتمعون أمام جملة من القضايا منها قلعة صيرة والمخاوف من أعمال الترميم والهدم الجارية في محيط القلعة، ويتمثل ذلك في مشروع الطريق إلى قلعة صيرة التاريخية وغيرها من القضايا في إطار ملاحظات شملها التقرير المقدم من قبل الأخ معروف عقبة، الاستشاري الجيولوجي، ويعد الأخ المهندس معروف عقبة أحد أبرز المجاهدين المدافعين عن عدن في هذا السياق، كما شاركت الأخت هيفاء عبدالقادر مكاوي، من قسم الآثار بكلية الآداب في تقديم الملاحظات التي حواها التقرير المذكور.

لمزيد من التفاصيل حول أعمال الاجتماع والتوصيات التي خرج بها يرجى مراجعة «الأيام» في عددها الصادر يوم الخميس، 7 فبراير 2008م.

جملة عوامل أثرت في وضع آثار عدن ومعالمها، وأبرزها غياب العمل المؤسسي وضعف الجهاز الإداري وتخلف مريع في فهم التعامل مع الآثار والمعالم، والذي زاد الطين بلة أن حرب صيف 1994م لاتزال تفرز تداعياتها في الجنوب عامة، وحاضرته عدن خاصة، ورغم التوصيات التي خرج بها اجتماع الأربعاء المشار إليه سلفاً، إلا أن المشاركين في ذلك الاجتماع وسكان المحافظة وفي طليعتهم المثقفون هالهم ما رأوا من حفريات جارية على الحائط الصخري الرابضة على سطحه «مدرسة جبل حديد» وأعمال الحفر وبالوتيرة المرصودة ستؤثر دون شك في وضع المدرسة التاريخية التي احتضنت يوماً الزعيم المصري الكبير سعد زغلول باشا عام 1922م.

إن الواقع عصي ويتطلب نفساً جهادياً، فلا احترام للدستور ولا تقدير للذوق الحضاري ولا اعتبار للقانون والعهود التي قطعتها السلطة السياسية على نفسها فمنطقة «جبل حديد» هي إحدى المناطق المحمية التابعة للمنطقة الحرة، لكنها على أرض الواقع مع مناطق محمية أخرى يتم التصرف فيها على نحو مغاير لما نص عليه القانون ولائحته التنفيذية.

إننا نتحدث عن «مدرسة جبل حديد» بصفتها أحد معالم عدن، إلا أن أخباراً تسربت ومفادها أن أحد الحيتان باعها بمبلغ محترم وبالعملة الصعبة، وهو سلوك تتجلى مظاهره في ظل الدولة الرخوة، التي يحل النافذون فيها محل المؤسسات والتي يختلط في ظلها المال العام بالمال الخاص، ولذلك أتعشم حصر جهود منظمات المجتمع المدني أمام القضايا الساخنة في غرفة عمليات تخطط وتشرف على تنفيذ فعاليات متنوعة في تبني قضاياها، وأن تكرس حضورها في موقع أو في مواقع إليكترونية وأن تنقل خطابها المدني الحضاري إلى المانحين عامة، والمنظمات الدولية المعنية (كاليونيسكو مثلاً). إن منظمات المجتمع المدني تصنف بأنها «جماعات ضغط» وعليها أن تنشد ضغط قوى المجتمع في الداخل وضغط المانحين في الخارج.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى