رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

>
الجالسون من اليمين: حامد الصافي ويليه في الوسط علي محمد لقمان ويوسف حسن السعيدي والواقفون من اليمين: عبدالله طيب ارسلان، علي عبدالله باصهي، محمد عمر مدي وعبدالرزاق فكري واخذت هذه الصورة في أواخر الثلاثينات
الجالسون من اليمين: حامد الصافي ويليه في الوسط علي محمد لقمان ويوسف حسن السعيدي والواقفون من اليمين: عبدالله طيب ارسلان، علي عبدالله باصهي، محمد عمر مدي وعبدالرزاق فكري واخذت هذه الصورة في أواخر الثلاثينات
-1 الفقيد عبدالله الطيب أرسلان:الميلاد والنشأة: الفقيد عبدالله الطيب (هو أكبر أنجال الفقيد محمد الطيب أرسلان) من مواليد كريتر (عدن) عام 1923م تلقى مرحلة تعليمه العام في المدارس الحكومية وأكمل تعليمه الثانوي في مدرسة بازرعة الخيرية الإسلامية بعدن عام 1940.

التحق بعد ذلك بالمعهد التجاري العدني ADEN COMMERCIAL INSTITUTE واجتاز بنجاح عدة دورات في المحاسبة ACCOUNTANCY ومسك الدفاتر BOOK KEEPING، وفي العام 1942م، عُين عبدالله الطيب أرسلان موظفاً لدى «إدارة الرقابة الاقتصادية» التي أُنشئت خلال سنوات الحرب لترشيد توزيع المواد الاستهلاكية، وكانت الحصص تمنح من خلال تراخيص لتجار يستخدمون الطرق البحرية ولها قسم خاص بها وهناك قسم آخر لإصدار تراخيص للبضائع المنقولة بحراً. (راجع حلقة رجال الذاكرة: عمر كونترول- العدد -3942 10 أغسطس، 2003م)

من مقر عمله بإدارة الرقابة الاقتصادية (الكونترول) بمنطقة الريزميت بكريتر، انتقل عبدالله الطيب أرسلان إلى المكلا منتدباً من مرفقه (الكونترول) وقضى فيها قرابة ثلاثة أعوام.

المبرشت ينتقل إلى الزراعة والأسماك:

بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها عام 1945م، انتقل عبدالله الطيب أرسلان إلى إدارة الزراعة والأسماك AGRICULTURE FISHERIES DEPT. موظفاً في قسم الحسابات وارتقى درجات السلم ليصبح رئيساً للموظفين وفي العام 1958م صدر أمر إداري بتعيينه محاسباً وكان في منصبه الأخير كثير التردد على المناطق الريفية وكانت تسمى «المحميات» PROTECTORATES.

في العام 1966م، انتقل عبدالله الطيب أرسلان إلى وزارة الصحة وارتقى فيها درجات السلم الوظيفي ليصبح كبير المحاسبين وممثلاً للخزانة العامة TREASURY وبعد عام واحد، أعيد أرسلان إلى وزارة الزراعة والأسماك، التي أصبحت بعد نيل الاستقلال الوطني وزارة الزراعة والري واستحدثت مؤسسة للثروة السمكية.

عمل عبدالله الطيب أرسلان رئيساً لقسم الحسابات بوزارة الزراعة والري وانتقل قسم الحسابات إلى معسكر نورمندي (معسكر طارق بخورمكسر لاحقاً) وفي بداية السبعينات من القرن الماضي، أحيل عبدالله الطيب إلى التقاعد. عرضت إدارة مصنع الطلاء والأملشن (وكان قطاعاً مختلطاً) للعمل لديها بوظيفة محاسب ومارس مهام عمله حتى عام 1978م، حيث قدم استقالته من العمل.

باصديق يوثق وعبدالله فاضل يعلق والطيب يدقق:

ورد في كتاب Aالثقافة اليمنية - رؤية مستقبلية» - الجزء الأول في سياق الموضوع الموسوم «القصة اليمنية وآفاق تطورها» للقاص الكبير والكاتب المعروف الأستاذ أحمد محفوظ عمر (ص 99): «وتأسس مخيم أبي الطيب وهو عبارة عن نادٍ ثقافي وظهر كتاب القصة كثيرون مثل أحمد شريف الرفاعي والطيب أرسلان صاحب «أيام مبرشت» .

القاص والباحث الكبير حسين سالم باصديق، رحمه الله في موضوعه الموسوم «القصة في اليمن ومراحل تطورها» تناول الرواية اليمنية (ص 128) وأفاد بأنها امتداد للقصة القصيرة في اليمن وأن أول رواية كانت لمحمد علي لقمان وعنوانها «سعيد» وصدرت عام 1939م وأن عبدالله الطيب أرسلان صدرت له رواية عنوانها «يوميات مبرشت» في عدن عام 1948م.

إلا أن أستاذنا الكبير عبدالله فاضل فارع، أطال الله عمره ومتعه بالصحة منح أرسلان الشهادة الآتية:«كان عبدالله الطيب أرسلان أحسن من كتب الرواية بين المثقفين العدنيين في تلك الحقبة من الزمان، فكتب روايته «يوميات مبرشت» وكانت درة للناظرين في ذاك الزمان على الرغم من صغر سنه عند كتابته الرواية. كان موفقاً ودقيقاً في اختياره للألفاظ والعبارات كدقة المسطرة عند سرده في وصف أحداث روايته فأمتعت قراءها أيما إمتاع».

أعيد طباعة ونشر رواية «يوميات مبرشت» بصنعاء عام 2003م من قبل اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بغرض إحياء التراث الثقافي اليمني وذلك بالاشتراك مع دار عبادي للنشر والتوزيع وعلاوة على الرواية المذكورة، ألَّف الأديب عبدالله الطيب أرسلان كتابه الثاني، وكان عبارة عن مسرحية كوميدية في فصلين عنوانها «بين عهدين» وفقدت جميع نسخها من دار «فتاة الجزيرة» ولم يعرف عنها شيء نتيجة الاضطرابات السياسية والأمنية التي شهدتها المنطقة ومن ضمن إسهامات الفقيد عبدالله الطيب أرسلان «أنه قام بتصحيح ومراجعة تواريخ الأحداث والمعارك في سلسلة كتب التاريخ للمدارس الثانوية التي قام بتأليفها زوج ابنته الكبرى، أستاذنا الكبير عبدالرحيم لقمان رحمه الله، وقامت مكتبة الجيل الجديد بعدن لصاحبها سالم علي الزغير بنشرها وتوزيعها بعدن عام 1965م.

الطيب أرسلان في رحاب علي محمد لقمان:

أدلى عبدالله الطيب أرسلان بدلوه في دائرة الكتابة الصحفية في الصحيفة الرائدة «فتاة الجزيرة» منذ بداية إصدارها (1940م) حتى نهاية الخمسينات وله رحمه الله عدة قصائد شعرية منها على سبيل المثال لا الحصر قصيدة «أنا الطيب» أشار إليها الراحل الكبير علي محمد لقمان في قصيدة له معنونة باسم الطيب أرسلان ووردت في ديوانه «هدير القافلة» (ص51).

تقع القصيدة في (44) بيتاً مطلعها:

مرحباً بالطيب ابن الطيب

مشرق الطلعة مثل الكوكب

ومنها:

عالم في بردتيه شاعر

وأديب سافر ملتهب

ومنها:

قد بلوناه يراعاً وافقاً

كالآتي الزاخر المنسكب

وعن روايته يقول لقمان:

قصة «التهريب» كم قد أضحكت

من مصاب لم يغز بالهرب

قد شهدنا الحرب في «برشتةٍ»

هي في التاريخ بعض الحرب

أرسلان ودائرة صداقة نوعية:

كان لفقيدنا عبدالله الطيب أرسلان، رحمه الله دائرة صداقة نوعية يتصدرها محمد علي لقمان المحامي وأخوه حمزة علي لقمان المؤرخ وأولاد لقمان: علي محمد لقمان وعبدالرحيم لقمان وإبراهيم لقمان وفضل لقمان وفاروق لقمان ومحمد علي باشراحيل والسيد حامد محمد الصافي ويوسف حسن السعيدي وعلي عبدالله باصهي ومحمد عمر مدي وعبدالرزاق فكري وعبده حسين أحمد وحسن بن حسن غبري وسعيد علي الجريك وأحمد شريف الرفاعي وأنور محمد خالد ومحمد أحمد يابلي وآخرون.انتقل عبدالله الطيب أرسلان إلى رحمته تعالى يوم الإثنين، 23 ديسمبر، 1985م عن عمر ناهز الثالثة والستين عاماً وله سبعة أولاد، الذكور منهم اثنان: 1)عادل 2) الدكتور نزيه، أستاذ في قسم اللغة الإنجليزية وخمس بنات.

-2 السيد عبدالله علوي الصافي:

الميلاد والنشأة:

وردت سيرة السيد عبدالله علوي الصافي من خلال لقاء أجراه معه الزميل الكاتب الصحفي والباحث المتألق سند بايعشوت والذي نشرته «الأيام» في عددها (5122) في 18 يونيو،2007م ومن ضمن الإفادات أن السيد عبدالله علوي محمد نيس الصافي من مواليد عام 1928م في رباط باعشن التي نشأ فيها وتلقى مبادئ تعليمه الأولى.

عن رباط باعشن وآل الصافي جاء في «معجم بلدان حضرموت» المسمى «أدام القوت في ذكر بلدان حضرموت» للعلامة المؤرخ السيد عبدالرحمن بن عبيد الله السقاف (ص 666) أن الجانب الشرقي لوادي الأيمن من دوعن فأوله «رباط باعشن» وآل باعشن بيت علم ومغرس فضل ومنبت صلاح، منهم الشيخ الكبير أحمد بن عبدالقادر باعشن، كان من أقران السيد عمر بن عبدالرحمن العطاس، ومن آل باعشن الشيخ عبدالله بن عمر بن عبدالقادر باطويل .

كما جاء في المعجم (ص 168):«وبالرباط آل الصافي الجفري وهم من أقرب الناس لوحيد حضرموت ومجدد مجدها وشرفها، في القرن الثالث عشر - سيدي الحبيب حسن بن صالح البحر... وقد نقل منهم جماعة إلى عدن وهم السيد طه وأخواه السيد محسن والسيد حامد ولهم ذرية هناك.

السيد الصافي يشد الرحال صغيراً إلى الحبشة وعدن:

رافق السيد عبدالله علوي الصافي والده إلى أرض الحبشة وكان في نعومة أظفاره والحضارمة متميزون بالهجرات التي تركت بصمات بارزات في أوساط المجتمعات التي هاجروا إليها سواء أكانت الجزيرة العربية أو شرق إفريقيا أو شرق آسيا.ورد في كتاب «الهجرة اليمنية» لمحمد عبدالقادر بامطرف أن الهجرة الحضرمية إلى شرق إفريقيا والصومال والحبشة مقيدة بتأشيرة دخول مسبقة من نيروبي أو من دار المقيم البريطاني بالمكلا بالنسبة للأقطار التي كان يطلق عليها «شرق إفريقيا» وكانت حينذاك زنجبار ويوغندا وكينيا وتنجانيقا (ص111).

وفي إفادة أخرى للراحل الكبير بامطرف (ص 94) أنه استناداً للإحصائيات عام 1935م فقد بلغ عدد المهاجرين الحضارم إلى الصومال والحبشة حوالي (2000) مهاجر مقارنة بـ(13.000) مهاجر في الهند و(12.000) في شرق إفريقيا و(768) في السودان ومصر.

وفي أديس أبابا ألحق السيد علوي ينس الصافي ولده السيد عبدالله بمدرسة الجالية العربية وانتقل بعد ذلك إلى عدن وواصل تعليمه فيها.

السيد الصافي بين مطرقة غذاء البطون وسندان غذاء العقول:

ورد على لسان السيد عبدالله الصافي في لقائه مع زميلنا سند بايعشوت أن والده جاء من الحبشة، حيث كان يعمل في شركة البس (A.BESS) هناك (وكان من أبرز موظفيها المغفور لهما بإذن الله عبدالقوي حسن مكاوي وعلي خليل يناعي). فتح والده محلاً تجارياً في المكلا، لأنه كان وكيلاً لبعض اليمنيين في المواد الغذائية وخاصة الذرة أيام المجاعة.

دخل السيد علوي الصافي ذاكرة تاريخ الثقافة في حضرموت القعيطية وحاضرتها المكلا من خلال تأسيس «مكتبة الشعب» عام 1957م ويقول الزميل بايعشوت (مرجع سابق): «مكتبة الشعب ليست مجرد مكتبة بل مركز إشعاع ثقافي تنويري على مدى نصف قرن من الزمان». يمضي الزميل بايعشوت في ديباجة حواره «أن مكتبة الشعب تجتر ذاكرة العقول والإبداعات التي تجلت في العقود الذهبية لحضرموت والتي تمظهرت في الحاكم المستنير ومكتبات النور (المكتبة السلطانية و مكتبة الشعب ومكتبة أحمد سعيد حداد) وفي رموز الثقافة ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: محمد عبدالقادر بافقيه ومحمد عبدالقادر بامطرف وحسين بن محمد البار والمصور أحمد باجنيد ولفيف من مثقفي المكلا التي تحتضن البحر والجبل في تعانق أبدي».

مكتبة الشعب وأول شرارة من بافقيه وبارحيم:

أفاد السيد عبدالله علوي الصافي (مرجع سابق) بأنه افتتح مكتبة الشعب عام 1957م بتشجيع من الدكتور محمد عبدالقادر بافقيه وخالد أبوبكر بارحيم وكانت البداية في الأدوات المكتبة وبدأ رفدها بالكتب من مكتبة عبدالحميد حاج عبادي بعدن (ومن بعده نجله عبداللطيف حاج عبادي ويرحم الله الجميع).تعامل السيد الصافي، متعه الله بالنعمة وأطال عمره مع مكتبة المثنى بالعراق ومكتبة الحلبي والفكر العربي، إلا أن أبرز علاقاته كانت مع مكتبة لبنان، كما تعامل مع صحف محلية مثل: «الطليعة» و«الرائد» و«الجماهير» و«الرأي العام» إضافة إلى الصحف القادمة من عدن مثل:«النهضة» و«فتاة الجزيرة» و«الأيام» و«الرقيب». عن علاقة الحاكم بالمكتبة، قال السيد الصافي بلسان اليقين ومنطق الحق المبين: «للسلطان غالب دور كبير في حصولي على أرضية مكتبة الشعب أنا والأخ أحمد سعيد حداد وكان السلطان غالب يرسل سكرتيره ليبتاع بعض الأشياء من المكتبة».

وفد مجلة «العربي» في زيارة السيد الصافي:

قام وفد من مجلة «العربي» وكان من ضمنهم سليم زبال وأوسكار متري بزيارة مدينة المكلا لإجراء استطلاع عنها وقام بمرافقتهم السيد عبدالله علوي الصافي والمصور أحمد باجنيد ومحمد باعكابة وسالم عبداللاه الحبشي وتقرر تعيين السيد الصافي وكيلاً لمجلة «العربي» الكويتية.

أما عن أبرز الشخصيات والمؤلفين الذين تعاملت المكتبة مع كتبهم فهم محمد عبدالقادر بافقيه وعلي محفوظ باحشوان (حوره) والدكتور فرج بن غانم وآخرون على مستوى الشخصيات، أما على مستوى المؤلفين الحضارم: السيد محمد أحمد الشاطري وكتابه «أدوار التاريخ الحضرمي» وكتاب آخرون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى