ألوان الطيف في المضاربة ..آلام جمَّة.. وآمال ضائعة.. ومعالم قاتمة

> «الأيام» محي الدين الشوتري :

>
تحت ظلال العش والخشب يدرسون
تحت ظلال العش والخشب يدرسون
ما فتئت مديرية المضاربة ورأس العارة بمحافظة لحج حبلى بهمومها وأحزانها وآلامها وجراحها رغم مضي عقد من الزمن منذ إعلانها مديرية مستقلة بعد أن كانت تابعة لمديرية طور الباحة، فمازال الضباب «المتجمع» والمتعاقب على كرسيها الهش يباعد من الرؤية المطلوبة الواضحة لمستقبل بدا أكثر قتاماً وحلوكة ولا غرابة في مديرية يعشعش فيها الثالوث المخيف: الفقر، الظلام،الخوف، ويدق المسمار الأخير في نعشها ولدفنها في عالم التوهان والنسيان «عالم الحرافيش» وقد دخلت هذا النفق المظلم بفعل فاعل فعله النصب ورفعه القرب من أصحاب العمامات البيضاء وجره الكذب، آهات وأنات متعددة وجراحات وصرخات مثخنة لم تضمدها ليال مسكنات «ليالي الدعايا والانتخابات» فما انفكت أزمة الظلام ملامسة لبقعة أرضها الخصبة المترامية الأطراف ونهر الدماء الهادر الذي يسكبه أبناؤها في جنباتها يخضب أصقاعها ، فلعلعة الرصاص بلغت الفيافي والقفار، والجبال والبحار، اللهم سلم، سلم.

«الأيام» تنقلكم إلى موقع الحدث ليكتمل الصوت والرمز والصورة عند عزيزي القارئ فتفضلوا بقراءة السطور.

التربية والتعليم.. اعملوا لي من البحر طحينة

سأكون عزيزي القارئ وفي إطار سبري لأغوار واقع مديرية المضاربة والعارة الهش أكثر جرأة وصراحة من التربية والتعليم، نهلنا من فنون المعرفة والعلم المختلفة، وترعرعنا إلى أن وصلنا إلى هذا المستوى، لماذا التركيز على التربية والتعليم فقط؟! قد يجول هذا السؤال في خاطر أحد منكم.

أجل أحبائي الكرام، وأنا أوجه السؤال هل يستقيم ظل أمة من الأمم في مشرق الأرض ومغربها، وعود ودعامة التنمية وركيزتها الأساسية عوجاء؟!! هل المجتمعات التي تجتاحها الأمية والجهل تستطيع تحقيق وبلوع ركب التنمية المنشودة؟! أعتقد أنه لا يختلف اثنان على صدارة التعليم لدعامات التنمية المجتمعية، وعلى أي حال من الأحوال يجب أن نكون أكثر صراحة بأن واقع التربية الصعب في المديرية يستمد ذاته من وضع المديرية البائس، فكلاهما حلقة تكاملية في مسرحية هزلية عنوانها «نصب المشانق»، وأنا شخصياً أشفق على الأستاذ حميد محمد علي، مدير مكتب التربية في المديرية، الذي مازال عوده طريا في شغل هذا المنصب وتواجهه مصائب كثيرة في ظل معالم لمستقبل مجهولة فصوله، وأنا على يقين بأن البعض يزعجه الكلام هذا.. أليست المديرية تبلغ مساحتها %40 من إجمالي مساحة المحافظة، وتوجد في المديرية مابين عشر إلى خمس عشرة مدرسة مترامية أطرافها في المديرية الفسيحة.

صناديق أدوية خاوية
صناديق أدوية خاوية
إذن من الفاعل ومن المفعول، من اللاطم ومن الملطوم، من الجاني، ومن المجني عليه؟.. مدارس في المضاربة تشكو خواء عروشها.. شكاوى نقص المعلمين، نقص الكتاب المدرسي، كل تلك تدق مسمارها على أبواب التربية في المديرية، وكشفت للمتابع لواقع التعليم في المضاربة عن ساقها.

ثمة أسئلة تدور في الذهن هل مكتب التربية في المضاربة وفرت له الإمكانات والوسائل المختلفة ليقوم بمهامه على أفضل وجه؟ أم أنه مشترك مع المديرية أيضاً في الهم؟ صحيح قد ننتقد ونوجه العتاب واللوم لمدير التربية، لكن يجب علينا أن لا ننتقد إلا إذا عرفنا السبب فإنه يكون قد بطل حينها العجب، وعموماً هل جعلنا رأس مكتب التربية بالمديرية كله خلية مقدرات كما يفعل الخبازون بالعجينة الرخوة، أما أننا لا نوفر له عجين الفلاحة ثم نقول له اعمل من البحر طحينة.. فهذا لا يقبله أحد!!

والسؤال للمرة الأخيرة هل من حل لتلك المنغصات، أم سيظل الصوت في الوادي والجهات ذات العلاقة في الجبل؟!

الصحة.. ما أكثر الأمراض حين تعدها

من يرى واقع الصحة في المضاربة والعارة يجهش بالبكاء حال رؤيته للمستشفيات والمستوصفات الهشة، التي لا تتعدى عدد أصابع اليد، وإن لم يبكِ سيحاول أن يتباكي للتعبير عن واقع محزن تعيشه هذا المديرية التي لم ترَ خيرات الثورة ولا الوحدة، وصار مواطنوها لعبة بيد من يجيد فن الخداع السياسي.. فالصرخات من الوضع الصحي السيء الذي عشش الفساد في أركانه، جعلت صيحات المواطنين تتعالى للتعبير عن غضبهم إزاء تدهور ركن الصحة في المديرية. وسنكتفي من خلال هذا الباب وضع مستوصف الحيمة الجديد والوحدة الصحية القديمة تحت المجهر كنموذج حي لعجرفة الإدارات الموجودة، مع تقديرنا في الوقت ذاته لواقع المديرية المكلومة.

مستوصف الحيمة دخل عامه الثالث وأبوابه موصدة
مستوصف الحيمة دخل عامه الثالث وأبوابه موصدة
وحدة صحية قد عفى وتقادم عليها الزمن..

أكثر من عقدين من الزمن مرت منذ إنشاء وحدة الحيمة الصحية، والحال يفصح ويتحدث بلسانه.. وحدة صحية قد تكون بدائية، جدرانها وسقوفها متشققة ومتهالكة، يكاد من ينظر إليها يقول خذوني من هول الفاجعة.. مرضى يشكون من قلة الخدمات في المستوصف، رغم الجهود الطبية التي يبذلها طاقم الوحدة الصحية، رغم تواضع مستوى الوحدة الصحية. تفاجأنا عند إحدى الزيارات التي قامت بها «الأيام» للوحدة الصحية، صناديق الدواء فارغة وخاوية على عروشها جراء شحة وعدم توفر الأدوية، مما اضطر المواطن إلى شراء الأدوية من الصيدليات المجاورة للمستوصف.

مستوصف الحيمة.. لماذا أنشئ؟

ما إن تصل الحيمة غرب المضاربة حتى يظهر أمام عينيك مستوصف متمايلة أركانه ترقص وتغني طرباً بإنجازه، هو مستوصف الحيمة الجديد، وهو هدية الوحدة الوحيدة التي قدمتها لمناطق: مليبة، التربة، الرويس، الحيمة، هقرة، المأهولة بالسكان، عدا ذلك لم يظفر أبناء تلك المناطق لا ببلح الشام ولا بعنب اليمن.. وشعارات التطبيل التي أودعتهم خانة النسيان ونكران الجميل. مستوصف الحيمة هامة شامخة وفرحة ما تمت وما اكتملت.. وقد سبق أن نشرت «الأيام» خبراً عن استمرار إغلاق الوحدة الصحية بالحيمة بعد إلحاح من مواطني القرى المجاورة للمستوصف، ولا ندري ما سبب الاستمرار في إغلاق هذه الوحدة، رغم حاجة مواطني القرى المجاورة الماسة لها، على أمل أن تخفف عنهم وطأة الفقر المدقع، الذي يسود غالبية سكان المضاربة والعارة.

عموماً الأسئلة كثيرة، والأعذار متعددة من الجهات المختصة، ومستوصف الحيمة تعشش فيه الطيور.

طرق وعرة.. ووعود ضبابية

لأن الطرق صارت ميزة من مزايا تقدم المجتمعات لحيويتها في تسهيل عملية تنقل المواطنين بسهولة فإن المضاربة ما زالت محرومة من هذه الخدمة الحيوية، التي تربط المديرية بمناطقها والمناطق الأخرى ببعضها .

قرى الشريط الساحلي بمنطقة رأس العارة تشكو من عدم تأهيل طرق النابية والسقية، والعزق، ومركز السهيل، وربطها ببعضها لتسهل للمواطنين عملية التنقل أسوة بمنطقة باب المندب بمحافظ تعز.

طرق وعرة
طرق وعرة
طريق خور عميرة- الشط.. طال الغياب

سبق لـ«الأيام» أن نشرت أخبارا متعددة عن توقف العمل في شق طريق خور العميرة- الشط، الذي يقال -كما نسمع يومياً- أنه يمتد من عاصمة المديرية الشط إلى الوازعية، ليربط المديرية بتعز.

ورغم أن العمل بدئ به منذ بضع سنين لكن لا ندري ما سر التوقفات المستمرة في العمل التي تتكرر دائماً؟.. حيث يستأنف العمل، ثم يعود للنوم، ثم يصحو، وعلى المزاج وعلى كيفك.. والجهات للأسف تتفرج.. (وعيني عينك) لسان حالها في غالب الأوقات. المشروع برمته تماطل وتكاسل المعنيون، وأعمال ومشاريع تنجز بعد انقضاء عمر إنسان.

جهود المواطنين لتسهيل تنقلهم

إن كان من كلمة فلابد من الإشادة بالجهود التي يبذلها المواطنون في مناطق المديرية المظلومة في شق طرق فرعية بسواعدهم المتينة. وذلك نظرا لتسهيل عملية نقل ما يتطلبونه من أمور حياتهم ومتطلباتهم المختلفة إلى منازلهم، وتغطية لعجز الدولة في شق الطرقات التي تشقها بالورق الوهمية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى