الصرية عاصمة السلطنة الفضلية الأولى.. موقع أثري مهمل !

> «الأيام» محمد منصور بلعيد:

>
الصرية أو بحسب اللهجة المحلية في أبين (امصرية) هي العاصمة الأولى للسلطنة الفضلية، التي قام فيها الشكل الأول لنظام السلطنة الفضلية والتي تعد محطة الانطلاقة الأولى للسلطنة الفضلية التي تعددت عواصمها باتساع رقعة السلطنة، وتوسعها لتشمل الإطار الجغرافي الجنوبي لمحافظة أبين أي السهل الساحلي على أطراف جبال المراقشة ومنطقة الدلتا في أبين وأصبحت شقرة العاصمة الثانية للسلطنة والتاريخية لها حتى أصبحت زنجبار العاصمة الأخيرة لسلطنة آل فضل بعد عام 1945.

تقع الصرية في الوادي المسمى باسمها أسفل الجبل المعروف بجبل الدولة نسبة إلى دولة آل فضل أو السلطنة الفضلية ويعد الجبل جزءاً من سلسلة الجبال المعروفة بجبال المراقشة، وهذا الموقع المتميز الجميل الذي قامت فيه حاضرة آل فضل الأولى يعد من أخصب المناطق في جبال المراقشة إذ يتميز هذا الجبل باخضراره على مدار العام، نتيجة لمواجهته البحر وسقوط الأمطار الدائم عليه وقربه من ساحل البحر ما جعل الموقع مناسبا لقيام السلطنة الفضلية في أول تاريخها وحاميا لها من أية محاولات لإسقاط هذا الكيان في بداية تأسيسه.

زيارة الصرية

كنت متشوقاً لزيارة الصرية والتعرف على بقايا هذه العاصمة التي بدأت خرائبها تندرس وقد وفر لنا الأخ أحمد عبدالله فضل الفضلي مدير موقع منتدى أبين الإلكتروني زيارتها بالتنسيق مع الشيخ طارق الفضلي شيخ مشايخ آل فضل فاتجهنا بسيارة الشيخ طارق بمعية الأخ أحمد الفضلي وسعيد محمد بايونس رئيس جمعية شقرة الثقافية لزيارة الصرية، ورغم وعورة الطريق الذي يخترق السهل الجبلي الوعر المتدرج الارتفاع حتى الصرية، والذي يشقه وادي الصرية ويجعل صعوده صعبا على السيارة، لما تلقيه مخلفات السيول من أحجار ضخمة تجعل الطريق الموصل إليها صعبا، لذا ترجلنا كثيرا لإزالة الأحجار ولتغيير طريق السيارة حتى وصلنا إلى مرحلة لم نستطع بعدها إلا الترجل عن السيارة والسير لمسافة طويلة للوصول إلى بقايا العاصمة الفضلية الأولى الصرية.

خرائب يحيطها سور من الحجارة وبدو :

وصلنا بشق الأنفس إلى موقع العاصمة المهجورة الصرية الذي هو عبارة عن خرائب لعدة حصون مبنية بالحجارة يحيطها سور طويل يطوقها لم يبق منه إلا أجزاء وإلى جواره خيام للبدو السكان المحليين في المنطقة من القبيلة المعروفة بأهل الجبل، يعشون على تربية الأغنام والنحل.

وعند وصولنا لموقع وجدنا بقايا لحصون قديمة وعديدة لم يبق منها إلا جدران والسور المبني بالحجارة وبقايا لأكوام من الحجارة مجاورة للجدران والسور الذي تهدم عدد من أجزائه، حدثنا رفيقنا حيدرة الطراقي المكلف من الشيخ طارق بمرافقتنا لتعريفنا بالموقع وتاريخه، أن الشيخ طارق تعاقد مع أحد المقاولين لحفر الموقع بعد أن كان سابقاً بقايا خرائب مدفونة تحت الحجارة والتراب، فقام المقاول بإزالتها وأبقى بعض المعالم الأساسية كالأساسات والأسوار وجمع عدداً من اللقى الأثرية التي وجدت كبعض الحراب والأدوات وقام بتسليمها للشيخ طارق الفضلي، وحدثنا عن عدد من الأحداث التاريخية التي دارت حول الصرية بين آل فضل والعوالق السفلى وأن الصرية كانت مأهولة بعدد من آل فضل حتى بدايات القرن العشرين، ثم هجرت.

وبمسح عام للموقع وجدنا آثاراً دالة على دولة مدنية (حضرية) قامت في الموقع الذي تكون من عدة حصون للسلاطين الذين أسسوا السلطنة بالإضافة إلى عدد من الدور التي تحولت إلى أكوام من الحجارة لعدد من السكان، وكذا أكوام لحظائر الماشية، وقد رافقنا دليلنا إلى بقايا الغيل الذي بدأ يجف، والذي كان المورد المائي الرئيس لسكان الصرية.

موقع أثري مهمل بحاجة للدراسة الأثرية العلمية:

يعد موقع الصرية (امصرية) من المواقع الأثرية المهمة لدارسي تاريخ أبين بشكل عام، والسلطنة الفضلية بشكل خاص، إذ نستطيع تحديد تاريخه ببدايات القرن السابع عشر الميلادي، وهي البدايات الأولى لظهور الكيان السياسي لآل فضل، الذي قام بالتحالف بين سلاطين آل فضل وقبيلة المراقشة التي أقامت سلطانهم (جدهم) الأول فضل و نصبته سلطانا عليها، ليحل خلافاتها ويحكم فيما بين مختلف قبائل المراقشة وجيرانهم من آل بليل، وقد شكل المراقشة الدعامة الرئيسة لقيام السلطنة الفضلية في الصرية، من خلال الاتفاق التاريخي بين المراقشة وآل فضل القاضي باقتسام دخل الدولة مناصفة بينهما وهو العرف القبلي الذي استمر طيلة تاريخ السلطنة بأن ينصب المراقشة سلاطين آل فضل من خلال ربط حبل على رأس السلطان المتوج حتى ينال شرعيته على السلطنة، ومازال موقع الصرية وتاريخ السلطنة الفضلية بحاجة إلى دراسات أكاديمية وعلمية مستفيضة لتدوينه من قبل الأكاديميين والباحثين والمراكز العلمية في جامعة عدن وأقسام التاريخ والآثار بكلياته للدراسة والترويج للموقع سياحيا كأحد أهم المعالم التاريخية الشاهدة على تاريخ أبين بشكل عام في العصور الحديثة، والتي شكلت البنية الاجتماعية والتاريحية لأبين اليوم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى