«الأيام» تناقش قضية القات وتضع مواصفات علاجه على طاولة المسؤولين ..القات.. آفة الزمن وسرطان الجيوب

> «الأيام» محمد مرشد عقابي:

>
شابان تركا الدراسة ليتفرغا لبيع القات
شابان تركا الدراسة ليتفرغا لبيع القات
القات ذلك الوغل الذي يختار الخدود ليستوطن فيها ويتغلغل في الجيوب ليفرغها من محتواها المالي، كثير من شباب المسيمير ابتلوا بتعاطيه، بل أن الغالبية العظمى من شيوخ وشباب المديرية مدمنو قات، ويتعاطونه في السر والعلن، ومن يزور سوق القات بالمسيمير يرى العجب العجاب، فقد تحول هذا السوق إلى ما يشبه سوق عكاظ باكتظاظه بالباعة والمتجولين والمشترين ومعظمهم من الأطفال.

كثير من شباب وأطفال وشيوخ المديرية يرون في القات المنقذ الوحيد للخلاص من الأزمات والمشاكل العائلية وغيرها، بل الصغير يصفه بالصديق وقت الشدة والضيق والكآبة.

القات في المسيمير في دم الصغير والكبير على حد سواء، وهناك علاقة حميمة بين القات ومتعاطيه تفوق علاقة رب الأسرة بأسرته، ومن يدخل في نقاش عن القات مع موالعته، فهو كمن يبيع الماء في حارة السقايين.

في المسيمير من لا يتعاطى القات يتحول إلى مسخرة، وربما البعض بحكم مبادئ شجرة «القات» أن الجيب فارغ ومن باب القيام بواجب العادات والتقاليد فلابد أن يتصدق عليك أحدهم بوريقات قات، ومعها يتخضب الوجه بحمرة الخجل الممزوجة بنبرات الشكر.. إنها المأساة! ولهذا فكان لابد لـ«الأيام» أن تناقش بموضوعية قضية القات وتستطلع آراء مختلف شباب المسيمير وموقفهم إزاء تعاطي هذا السم وتخرج إليك عزيزي القارئ بهذه الحصيلة.

خطط الحرب على القات لابد أن تكون مدروسة من شتى النواحي وأهمها إيجاد بدائل مناسبة لزارعيه، مالم فإن الفشل هو المصير المحتوم.

في بداية نزول «الأيام» لتجميع آراء الشباب حول هذه القضية المستعصية التقينا بالشاب أمين علي الذي رسم بعض انطباعاته حول تعاطي شباب المديرية لهذه الشجرة فبدأ قائلا: «بالنسبة لقضية تعاطي القات فيجب منا كشباب الاعتراف بأن القات أصبح داء مستوطن ليس فقط بالمسيمير، وإنما في عموم وربوع الوطن، ويصعب بين ليلة وضحاها استئصاله، لكن هذا ليس بمستحيل في حالة تكاتف الجميع للقضاء عليه، ونزعه من تراب الأرض، وذلك بعمل سياسة بعيدة المدى تقوم بها الدولة بالتنسيق مع جميع المواطنين بمن فيهم زارعوه، مع العمل على إيجاد الحل المناسب لمن يزرعه كبديل يغنيه عن الفوائد التي يجنيها من زراعته لهذه الشجرة الخبيثة».

وأضاف:«في الواقع إن الحرب على القات لن تؤتي ثمارها بحكم أن القات حاليا يحظى بدعم ومساندة من أغلبية الشعب سواء أكانوا متعاطيه أو زارعيه، وهذه حقيقة يجب أن نؤمن بها ولا نغفلها، وطريق النضال ضد القات يجب أن يشترك فيه وتتفاعل معه جميع القنوات الرسمية والشعبية، وذلك بهدف القضاء عليه نهائياً واستئصاله من الأرض».

وأردف قائلاً: «يجب أن لا نكابر على وضعنا الحالي، بل علينا الاعتراف بالواقع الاجتماعي المعاش، فطريق النضال ضد هذا (السم) يحتاج منا إخلاص كل النوايا والجهد والبذل للخلاص منه، ولابد أن تأخذ هذه العملية الوقت الطويل، كون القات قد تسيد على واقعنا وعاداتنا وأصبح معتقداً اجتماعياً للأسف عند بعض الناس، سواء بالمسيمير أو خارج المسيمير لا تنجح المنتديات ولا حلقات النقاش ولا أي أمور أخرى إلا بتناوله وتعاطيه».

واختتم حديثه بالقول: «إذا أردنا بحق وحقيقة الخلاص من هذه الشجرة الخبيثة، فعلينا أن نقدم ما بوسعنا، وما يجب علينا أن نقدمه من تنازلات في سبيل ذلك بعيداً عن حسابات الربح والخسارة، ويجب علينا كذلك وضع صحتنا وصحة إخواننا وأولادنا فوق فوائد القات المالية الزائلة، ومن على منبر «الأيام» نعطي مؤشر البداية لعمل هذه المبادرة الإنسانية الجيدة، فهل يشمر كل منا عن ساعده ويعمل كل منا بحسب موقعه ومكانته، وما أوتي من وسائل لتوعية الناس لاقتلاع هذا الوباء الخبيث، ليكون شعار (الصحة شعارنا جميعاً) وندرأ أمراض القات».

إبليس الأخضر كيف ننزعه؟!

تتلاقح الآراء وتمتزج الأفكار ومعها ينبعث الحوار كتجسيد مهم لإعطاء مؤشر إيجابي لتحديد الاتجاه الأنسب للخلاص من هذا السم، وفي ذلك تداخل معنا الشخصية التربوية عبدالقوي مرشد بالحديث قائلا: «طبعا نحن أهالي المسيمير بحكم العوامل والتضاريس المتوارثة وظروف الفقر السائد أصبحنا مجبورين تحت الخضوع لهذا الداء الفتاك، لاسيما وجميعنا يعتمد على زراعته اعتماداً كلياً في توفير أسباب العيش، والقات هو الأكثر استحواذاً على مساحات الأرض الزراعية في المديرية».

وأضاف: «لا ندري بأي طريقة نتعامل للقضاء على القات بعد أن بسط نفوذه، واستوطن الأراضي الزراعية، وكذا الخدود، وأصبح من الصعب أن يغادرها بسهولة».

وتابع حديثه: «التخلص من زراعة القات ونزعه من الأراضي الزرعية لن يأتي بالسهولة بعد أن أحكم سيطرته على معظم رقعة الأرض الزراعية، إنما ذلك لابد أن يكون وفقا لاستراتيجية عملية طويلة المدى ومتكاملة، يسهم فيها الجميع، السلطة والمواطن، فالمراهنة على المواطن يجب أن تكون بعد أن تقدم له التسهيلات الممكنة التي من خلالها تستطيع أن يتغلب على أي اختلال في موازين دخله المادي اليومي الذي قد تحدثه عملية اقتلاع القات، ونجاح عملية نزع القات مرهونة بتعاون وتكاتف الجميع وتقديم المصلحة العامة والصحة فوق كل المصالح الذاتية».

شبان يعانون البطالة وبانتظار وصول القات
شبان يعانون البطالة وبانتظار وصول القات
وقال: «دور السلطة المحلية بحكم حديثنا المقتصر عن انتشار القات بمديريتنا، فدور السلطة في هذا الإطار يجب أن يقوم على تعويض المواطن-مزارع القات- التعويض المناسب، بحيث لا يشعر بمدى الخسارة التي خلفها اقتلاع هذه الشجرة، وبالتالي الاستمرار التدريجي في هذا النهج حتى تزال شجرة (القات) نهائياً من مساحات الأراضي».

وواصل حديثه بالقول:«هذه الطريقة حسب ما أرى هي الأفضل والأنسب والتي من خلالها قد لا يشعر المزارع بفقدانه الشجرة التي يعتبرها مصدراً لرزقه».

واستطرد قائلا: «القات بلاويه على صحة متعاطيه من المواطنين كثيرة لا حصر لها، باعتباره يمتص نضارة الشباب ويختزل معدل الأعمار إلى ما يواكب جنازة القبور، ومما يحز في النفس ألماً وحسرة، هو أن للقات في المسيمير الكثير من المحامين الذين يدافعون عنه، تارة يدللونه بالكلام الشاعري وتارة أخرى يعددون فوائده، بل إن بعض المواطنين ينسبون للقات فوائد صحية من باب الجهل وعدم الوعي بأضراره، وهو بريء من أي فائدة صحية، وحجة البعض في ذلك أنه الرفيق والصديق وقت الضيق، وهذه نظرة خاطئة مغروسة في عقول البعض من شباب المسيمير إن لم يكونوا شباب الوطن عامة».

واختتم حديثه: «يجب علينا جميعا كمتعلمين ومثقفين أن نقوم بتوعية الناس وكل من يتعاطونه بأضراره، ونعرفهم أن القات هو السبب الرئيس لتولد سرطان الجيوب الذي يؤدي إلى خراب البيوت، بحسب العديد من الدراسات العلمية التي أجريت على متعاطيه المدمنين، وما يترتب على ذلك من تشريد للأولاد، ومن الواجب على كل مواطن مخلص محاربة القات، أينما وجده وتضييق الخناق عليه بشتى الوسائل المتاحة، وكل بحسب مقدوره يعمل في سبيل الخلاص من هذه الآفة المستوطنة أراضينا».

القات إرهابي يقيم في أراضينا

للأسف الشديد فقد ارتسم عند البعض من الناس حكاية مغلوطة، وهي أن القات مبعث القوة والنشاط، بل إن البعض ارتبط لديهم تعاطي القات بحجة واهية، خيوطها أوهن من بيت العنكبوت، والسواد الأعظم من متعاطيه من أهالي المسيمير يقولون نحن نتعاطى القات لننجز أعمالنا الخاصة، لأن القات يعطينا دافعاً قوياً للعمل، ورغبة جامحة لرسم أحلام المستقبل الوردية، والقات يعطينا طاقة لا تستطيع أن توفرها لنا مشروبات الطاقة المختلفة، حتى أن بعض من الموالعة يرون في القات أنه يضخ في الجسد طاقة هائلة لا تقاوم، وهذه مشاهد واقعية ملموسة ومفاهيم مغلوطة تتداول مع الأسف يومياً بين الناس.. ونحن نقول من باب المسؤولية لمثل هؤلاء إن معتقداتهم خاطئة، ويجب أن تغسل هذه المعلومات من العقول بالوعي والتثقيف المستمر، كون القات والصحة نقيضان لا يلتقيان إطلاقا وأبداً، فالقات سم زعاف يتعاطاه البعض بحكم الموروث الشعبي، وهو الموت البطيء الذي يمتص حيوية الشباب، ويلقيه عظاما هشة، وهو دمار جسم الإنسان ومصدر هلاكه، بينما الصحة ومعانيها عكس ذلك وليس لها علاقة بتعاطي القات لا من قريب ولا من بعيد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى