قصة قصيرة ملوخية (الغلابة)

> «الأيام» مازن فاروق:

> رفعت:يقف علي بثبات أمام الحضور واللجنة المشرفة على رسالة الماجستير الخاصة به، التي تحمل عنوان «الملوخية.. وعلاقتها بالديمقراطية وانعكاساتها في واقع الدول (النايمة)»، بنظرات مشحونة بالثقة، يصوبها علي نحو اللجنة الإشرافية، ويفتح فمه ليفرغ عليهم أفكاراً لم تأخذ منه سوى ليلة فقط في أحضان العشب الأخضر: كلنا نعرف الملوخية! وكلنا نعرف فوائدها.. ففي العصر الحجري كان الإنسان يأكل الملوخية مثله مثل الحيوان العشبي. ومع مر العصور تطورت طريقته في تناول الملوخية. صار هناك ملوخية بالأرانب وملوخية اللحم وملوخية الدجاج وغيرها. لكن ما لا يعلمه أحد علاقة الملوخية بالديمقراطية. وهذا ما أنا بصدد توضيحه في رسالتي هذه! صمت على قليلاً ليشاهد ردة فعل الحضور على أطروحته الغريبة، ثم استطرد: أولاً نحضر وعاءً كبيراً نصب فيه كمية كبيرة من الديمقراطية! كيف؟!.. نملأ الوعاء بالماء إلى آخره. ثم نفرغه منه، ويصبح الوعاء فارغاً. فهو إذن يحتوي على الديمقراطية!.. نضع الوعاء فوق النار ونصب فيه كمية من العرق، وليس أي عرق! نضع عرق الطبقات الكادحة والفقيرة.. ننتظر حتى يسخن العرق ويتظاهر وينتفض، نصب عليه غازاً مسيلاً للدموع. ننتظر حتى يهدأ ويستوي حتى آخره نضيف عليه عدة ملاعق فواتير بحسب المقادير المنصوص عليها في الدستور. نبدأ بتحريكها وخلطها مع العرق حتى تصدر منه رائحة الفقر.. عندها نأتي بقدح مليء بالعرق، مع الحرص أن يكون العرق هو نفسه المستخدم في الوعاء، نغمس الملوخية فيه لدقيقة حتى يصبح شكلها مهموماً. نقوم بخلطها مع إضافة نكهة الرشوة عليها! بعدها نصب الملوخية في الوعاء ونحركها بطريقة قانونية، وفي النهاية نغلق الوعاء بإحكام، ونرفع درجة الغلاء لأقصى حد، ونتركه هكذا حتى نسمع صوت صراخه. عندها تكون الملوخية جاهزة!

تسمى هذه الملوخية بملوخية (الغلابة)، حيث تتميز بأنها غنية بفيتامين (و) الذي يسهل على جسم الإنسان مضغ الظلم وهضمه.

انتهى علي من شرح رسالته، وجاء دور اللجنة لتبدي رأيها على لسان رئيسها الذي قال: يسعدني ! بل ويشرفني! أن أشرف على رسالة قيمة بل رسالة رائعة كالتي أعدها الطالب علي.. بل إنها رسالة سامية تخدم معاني وأهدافاً وطنية تساعد على الحراك السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد وتقوم بتقديم خدمة جليلة لدول المجتمعات (النايمة) بأخذ وضعيات مريحة للنوم.. لهذا أقول إننا لسنا بحاجة لأخذ فترة استراحة لإعلان النتيجة التي تظهر بجلاء في قيمة هذه الرسالة لذا تعلن اللجنة عن منح شهادة الماجستير بدرجة امتياز للطالب علي لرسالته القيمة.

بعد أن انتهى الحاضرون من تهنئة علي، انفردت به اللجنة في غرفة رئيسها الذي قال لعلي: هاهي شهادة الماجستير وبامتياز نلتها، الآن جاء دورك!

قال علي: لا تقلقوا لقد جهزت لكم غداء في أفخم فندق!

سـأله أحد الأعضاء: ماذا عن السهرة؟!

أجاب علي: اطمئن يا أستاذ لقد أعددت لكم سهرة حمراء لم تحلموا بها!

- ممتاز!.. ممتاز.. أنت طالب نجيب!

هتف العضو الآخر: قبل السهرة الحمراء! ماذا عن الخضراء! ضحك علي وقال: من المعقول أن أنسى شيئاً مهما كهذا؟

ثم أخرج من معطفه الأكاديمي الأنيق قاتاً بطول ذراعه، ومده لأعضاء اللجنة الذين تناولوه بلهفة ، وهم يتفحصونه، ثم نظر رئيس اللجنة إلى علي وغمز له قائلاً: إياك أن يكون ملوخية!! وانفجروا ضاحكين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى