المـعـــــــلا ..باب عدن (العقبة).. وجبل حديد

> «الأيام» عبدالقادر باراس:

>
مدرسة جبل حديد (كلية أبناء السلاطين)
مدرسة جبل حديد (كلية أبناء السلاطين)
حديثنا عن المعلا في حلقتنا الأولى كرس عن بداياتها الأولى حول موقعها الجغرافي، وتاريخها، وأصل تسميتها، وأهميتها كمرسى للسفن الشراعية والتجارية، ومركز لخزن البضائع، والأسباب التي جعلت الإنجليز يفضلون تحويل الميناء البحري إلى الخليج الغربي في المعلا بدلا من ميناء صيرة في الخليج الأمامي بكريتر، وتشييد آرصفتها لرسو السفن وتقديم التسهيلات المتميزة.

نواصل السرد بقدر ما نملك في ذاكرتنا من مشاهد وشواهد لأزمنة وأماكن تّذكر بماضينا، وماضي من سبقونا، لنرويه لأجيالنا القادمة، عن تلك المدينة التي أخذت بأسباب ازدهارها ونهضتها لتصبح مدينة عامرة.

باب عدن (العقبة)

تعتبر العقبة رمزا بارزا لمدينة عدن، ومن أشهر معالمها، وللعقبة عدة تسميات منها:

(باب عدن - باب العقبة - باب البر - باب اليمن - باب السقائين - باب المعلا).

وقد أطلق الإنجليز عليها تسمية (الممر الرئيس) تمييزا له عن الممر الصغير الذي يبعد عنه قرابة كيلومترين، ويسمى (عقبة حجيف).

وأقدم الإنجليز على قطع صلتها ببقية أجزاء مدينة عدن، حيث قاموا ببناء متارس على سفوح جبالها والوديان المحيطة بها.

وما نشاهده من تحصينات على رؤوس السلسلة الجبلية دلالة واضحة على أهميتها التاريخية.

وتحيط بباب عدن (العقبة) سلسلة جبلية ترتبط بجبل حديد، أو كما يعرف بـاسم (الدرب)، وهي جزء من الاستحكامات العسكرية الدفاعية البرية للمدينة، إذ إنها واقعة في نهاية السلسلة من الأسوار والدروب الممتدة من تحصين باب عدن البري شمالا لتغطي الجوانب المنخفضة من السلسلة الجبلية لتنتهي بالثكنة، وكان جبل حديد يشتمل على سور وبوابة عرفت باسم (باب السلب).

وعند مدخل (باب السلب) هناك مبنى للجمارك المحاذي لفرضة المعلا، وتعني (مرسى) أو (مرسى السفن الشراعية)، حيث كانت الفرضة أو المرسى من أقدم موانىء عدن قبل الاحتلال البريطاني في 1839، واستمر مبنى الجمارك مع ازدهار الميناء كمرسى لاستقبال السفن وصيانتها.

ولأهمية باب السلب، وضعت السلطات البريطانية حاجزا دفاعيا وحراسة مشددة فيها، وأصدرت قانونا في سنة 1851، يقضي بتفتيش دقيق لكل عربي قادم إلى عدن، عبر المنافذ المؤدية إليها، وكل من دخلها صباحا عليه مغادرتها بعد الظهر، إلا بإذن من المقيم السياسي.

لحظة تفجير جسر العقبة في أبريل 1963
لحظة تفجير جسر العقبة في أبريل 1963
هدم جسر العقبة

كان جسر العقبة في أغسطس 1962 مثارا للجدل والنقاش بين المجلس التشريعي وإدارة الأشغال العامة، عندما عزمت الأخيرة على القيام بمشروع لتوسيع الممر بحيث يتسع لأربع ممرات بدلا من ممر واحد للسيارات، تخفيفا للضغط المتزايد بسبب كثرة حركة السيارات.

ولكن الحكومة أبدت مخاوفها وتحفظها من المشروع حفاظا على الجسر كمعلم تاريخي، إلا أن عملية التوسع التي اتخذت كانت للمحافظة عليه، ومنها اقتراح بإجراء بعض الأعمال الهندسية لتدعيم الأقواس بالإسمنت المسلح حتى يتمكن من التحمل، لأن عملية التوسعة تقتضي استخدام مواد تفجير الصخور.

وبعد نقاشات ومشاورات طويلة رفع المهندسون تقريرا بهذا الخصوص، ذكروا فيه بأنهم لايضمنون بقاء هذا الجسر أثناء عمليات توسيع الطريق.

وعلى ضوء هذا التقرير اعتمد المجلس التشريعي، وقرر من خلاله هدم الجسر، وقد تمت عملية الهدم في منتصف أبريل 1963.

يذكر أنه كانت توجد نقطة لتنظيم حركة المرور عند مدخله، وبعد توسعته أصبح مبنى للخزانة (ترجرجر) التابعة لسلطة إصدار تراخيص السواقة، وفي السبعينيات أقيم عليها استراحة عرفت بـ (استراحة أروى) تقام فيها الأعراس للعائلات.

جبل حديد

جبل حديد أو كما يعرف بـ (باب السلب) يعد أحد مداخل مدينة المعلا، ويقع في الاتجاه الشرقي الجنوبي منها، وتعود تسميته بجبل حديد كما أشار بعض المؤرخين إلى وجود معدن الحديد فيه، وقد زادت اهميته بعد الاحتلال البريطاني، وأصبح أحد المنشآت العسكرية الكبيرة، ويقع أعلاه خزان عدن الرئيس لتموين مختلف مدن ومناطق عدن بالمياه.

مدرسة جبل حديد

(كلية أبناء السلاطين)

وجبل حديد كان في السابق عبارة عن ثكنة مهجورة، ومن ثم مطعما لضباط الوحدة الهندية، وفي عام 1936 افتتحت فيه مدرسة تعليمية، يدرس فيها أبناء محميات عدن الغربية، وكان يطلق عليها (كلية أبناء السلاطين)، حيث اقترح المقيم السياسي السير (برنارد رايلي) تخفيض صرفيات الهدايا للرؤساء، وأن ما يوفر منها يتم به افتتاح مدرسة لأبنائهم، إلا أنها أغلقت سنة 1951، بسبب إنشاء المدارس في عدن والمحميات.

ويقال إنه اعتقل فيها الزعيم المصري سعد زغلول «بشكل مؤقت» عند إبعاده من مصر، وسكنها كذلك الجنرال الفرنسي (ديجول) عند مروره بعدن خلال الحرب العالمية الثانية.

عقبة عدن
عقبة عدن
وقد أورد بعض الباحثين أنها كانت (مسجدا)، وذلك يعود إلى العبارات المكتوبة على اللوحة التذكارية، المدون عليها من الشيوخ والسلاطين المتبرعين ببناء المسجد.

بنجلة الشيطان

ارتبطت تسمية مبنى الشيطان بالبناية، وتعني بالهندية (بنجلة)، ولهذا عرفته العامة بـ (بنجلة الشيطان)، ويُعتقد أن المبنى قد شُيد في العام 1850، كمحفل رئيس للحركة الماسونية.

ويحكى أنها مسكونة بـ (الجن والعفاريت)، وكان الناس يخافون الاقتراب منها، وقيل إن هذا المبنى يتم فيه اختطاف الأطفال وقتلهم وشرب دمائهم.

وقد أورد الرئيس علي ناصر محمد في كتابه الشهير (عدن بداية التاريخ) قوله:

«إن هذا المبنى أقدم محفل ماسوني في العالم العربي، وقد أقيم من قبل الماسوني الأسكتلندي الأعظم بعد الاحتلال البريطاني للمدينة بحوالي إحدى عشرة سنة، وضم في عضويته من الإنكليز والهندوس والفرس واليهود وغيرهم, وكان مبنى المحفل معروفا في حي المعلا، وقد أطلق عليه العامة ذلك الاسم (تطيرا منه، وللتدليل على السرية والكتمان) اللذين يحيطان المبنى ونشاطاته».

بعد الاستقلال مباشرة أصبح مقرا تابعا للجبهة القومية، وبقي مهجورا فترة من الزمن.

وفي بداية الثمانينيات تم إزالته، وشُيد مبنى وزارة التجارة والصناعة بدلا عنه، وحاليا هو مقر محافظ عدن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى