قضية تعويضات بالحاف .. ثلاث سنوات بدون حل ..شركة الغاز أعادت القضية لنقطة البداية والمتضررون أرجأوا اعتصاماً على باب المشروع

> «الأيام» احمد بوصالح:

>
دخلت قضية التعويضات الملزم بتسديدها الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال للمتضررين من مشروعها الجاري تنفيذه في منطقة بالحاف من ملاك الأراضي والصيادين عامها الثالث دون أي يتم حلها, ومرت القضية (التعويضات) بعدة مراحل اتضح أخيراً أنها عملية مماطلة بهدف كسب الوقت بحسب أقوال المتضررين أنفسهم , والآن ورغم إنجاز أكثر من %80 من مراحل عمل المشروع وبدأ العد التنازلي لإسدال الستار على أعمال المشروع بدأت القضية تثار من جديد وتأخذ منحى مغايراً باعتزام أصحاب الحق (المتضررين) تنظيم وإقامة عدد من الفعاليات .

«الأيام» وللمرة الثانية تسلط الضوء على قضية التعويضات من خلال التحقيق التالي :

بالحاف قبل مشروع الغاز :

حتى الاستقلال الوطني عام 1967 م كانت بالحاف ميناء يستقبل القوارب المتوسطة (العباري) ويوجد بها مركز للشرطة ومكتب جمارك يتبعان السلطنة الواحدية , وبعد ذلك تحول ميناء بالحاف إلى موقع لتجمع الصيادين الذين يأتون من كل مكان للعمل فيه خصوصاً خلال فترة الرياح الموسمية (الكوس)، بالإضافة إلى أنه مكان سياحي جميل وجذاب يؤمه المواطنون والأجانب بشكل شبه يومي مما حدى ببعض المستثمرين لشراء الأراضي وقيام البعض الآخر ومن ضمنهم المستثمر أبوبكر فدعق ببناء شاليهات مكونة من عشرات الغرف السياحية ومرافقها في منتصف التسعينات، وبالنسبة للأراضي فقد تم صرفها من قبل الدولة للمواطنين عبر منظمة لجان الدفاع الشعبي (سابقاً) وإدارة الإسكان بمديرية ميفعة التي كانت تضم حينها مراكز رضوم وميفعة والروضة, حيث كان يحصل الممنوح له الأرض على استمارة تبين مساحة الأرض وموقعها وحدودها معمدة من الدفاع الشعبي والإسكان, ولم يقم بعملية التوثيق إلا من رحم ربي ولديه الإمكانيات والوساطة .

الأراضي والحصول عليها :

كما أسلفت اشتد الطلب على شراء الأراضي في بلحاف في منتصف التسعينات من القرن الماضي وبلغت أسعارها الذروة في بداية الألفية الثالثة حيث وصل أسعار أراضي بالحاف إلى أرقام خيالية تتعدى الملايين لأسباب يعرفها هؤلاء تماماً . فبالإضافة إلى الأراضي المصروفة رسمياً يمتلك البعض منازل ومباني في بالحاف منذ زمن بعيد وهناك أناس استصلحوا أراضي زراعية بالقرب من بالحاف. ففي بالحاف منازل ومبان مختلفة تعود لأسر كثيرة وتجار منذ عشرات السنين رفضوا بيعها رغم ما عرض عليهم من ملايين مقابل بيعها ثم جاءت بلدوزرات الشركة ودكتها خلال ساعات، أضف إلى ذلك معالم تاريخية مثل حصن بالحاف ومركز شرطة السلطنة الواحدية آنذاك ومقابر أثرية قيل أنه تم اكتشافها أثناء عمل الشركة في المواقع لم تسلم هي الأخرى من بلدوزرات شركات مشروع بالحاف .

الأضرار والمتضررون :

عندما وقع اختيار الدولة وخبرائها ومختصيها على بالحاف كموقع مناسب لإنشاء ميناء لتصدير الغاز الطبيعي المسال القادم من مأرب وبعد مشاورات بين السلطة المحلية في المحافظة والمسئولين في الشركة ووزارة النفط والمعادن تم الاتفاق على تعويض من يتضرر من المشروع .

وبعد الشروع في العمل التهمت مكوناته ومنشآته حتى الآن مساحة تقدر بـ 8 كم2 شملت كافة أراضي ومباني المواطنين والمساحات الزراعية وتم إخراج الصيادين من الموقع , ولمعالجة الأمر تم تشكيل لجنة وزارية عليا مكونة من شركة الغاز ووزارة النفط والمعادن ومجلس النواب والسلطة المحلية بالمحافظة. قامت اللجنة باستلام صور من وثائق المتضررين وكشوفات بأسماء الصيادين مرفوعة من الجمعيات السمكية والاتحاد السمكي ومكتب وزارة الثروة السمكية, وبعد مدة دامت أكثر من سنتين استراحت خلالها وثائق الناس في أحضان لجنة التعويضات تم إعادة القضية إلى نقطة البداية (يعني سنة أو سنتين أخرى) وتم تشكيل لجنة فرعية في المديرية أنيط بها مهمة فحص الوثائق وتأكيدها من السلطة المحلية بالمديرية ما تزال حتى اليوم تواصل أعمالها وعلى الجانب الآخر بلغ سيل المتضررين الزبى ونفد صبرهم الطويل وقرروا إقامة اعتصام نهاية الشهر الماضي ولكنهم تراجعوا عن تنفيذه بعد تدخل السلطة المحلية بالمديرية ممثلة بالأخ أحمد عبد الله الوبر مدير عام المديرية الذي طالبهم بمنح اللجنة العاكفة على عملها مدة زمنية محددة لاستكمال مهمتها وبالتالي رفع تقريرها النهائي حتى لا تقول الشركة ماذا نعمل لكم واللجنة ما تزال تشتغل؟

تعويض عادل وبسرعة :

في ظل هذه المتاهة وأسلوب التطويل والمماطلة التي استحوذت على قضية التعويضات كان لا بد من معرفة آراء كافة الأطراف المتضررين ولجنتي التعويضات العليا والفرعية والشركة إن أمكن, وفعلاً التقينا الأخ أبو بكر عبد الله الذئب الحسيني نائب رئيس لجنة قبائل آل لخنف الذين يشكلون أكثر من %70 من إجمالي المتضررين كون منطقة بالحاف تقع في أرض آل لخنف، الذي تحدث لــ «الأيام» قائلاً: «بادي ذي بد لا بد أن أحيي صحيفة «الأيام» على مواقفها الثابتة تجاه قضايا المواطنين عامة، وأشكرها على تناول هذه القضية التي طال مداها ولم تعرف الحل حتى الآن. كما أحب أن أعلن باسمي وباسم كافة قبائل آل لخنف (حمير) عن وقوفنا إلى جانب «الأيام» فيما تتعرض له من مضايقات.

فالتعويضات أو المطالبة بها من قبلنا ما هو إلا حق مشروع كان الأجدر بالشركة تسديده فوراً كون الناس تنازلوا عن أراضيهم البيضاء والزراعية ومبانيهم وممتلكاتهم لمصلحة عامة.. مصلحة ستعم فائدتها الوطن كاملاً وأبناءه ولم يخطر على بال أحد أن الشركة ستماطل إلى هذا الحد وتتخذ كل يوم مبرراً واهياً.

وأنت تعرف أن كل شبر في هذه الدنيا له من يملكه , والدولة دفعت بل اشترت أراضي بمليارات لتقيم عليها المشاريع وعندك مطار صنعاء الجديد أقرب مثال .

وحقيقة المشروع رغم أنه مفيد مستقبلاً كما يقول المسئولون ولكنه ألحق أضراراً كبيرة بالناس فأنا أعرف أناساً يمتلكون وثائق منذ عام 82 و83 م وأعرف أناساً اشتروا أراضي بملايين كانوا يريدون تعميرها وإقامة مشاريع عليها ولكن جاءت شركة الغاز وألغت كل أفكارهم ومشاريعهم. فالكثير من أبناء قبائل آل لخنف يمتلكون أراضي نقدر نقول أنها %70 على الأقل ومعظمهم لا يملكون إلا استمارات صرف كإثبات ملكيتهم , لأن التوثيق كان صعباً ولم يستطع التوثيق إلا من لديه مال أو وساطة, بالإضافة إلى ناس في أماكن مختلفة من المحافظة وخارجها لديهم أراض في بالحاف ومبان, لهذا نطالب الدولة بسرعة حل هذه القضية وتعويض الناس تعويضاً عادلاً, ونحن في لجنة آل لخنف نعتزم مطالبة الشركة بإيجار للاراضي الفائضة في إجمالي وثائق المتضررين التي تصل إلى أكثر من 4 كم2 كما أننا نرفض تقسيم العملية (التعويض) إلى مراحل بل نطالب بتعويض الكل في مرحلة واحدة أصحاب الوثائق وأصحاب الاستمارات وأصحاب المباني والأراضي الزراعية».

اللجنة العليا ضيعت الوقت :

والتقينا أيضاً الشيخ ناصر سعيد بن عديو القميشي رئيس لجنة ملاك الأراضي المتضررين الذي قال : «في البدء أشكر صحيفة «الأيام» على نزولها إلى منطقة بالحاف واستطلاع هذه القضية وباسم المتضررين كافة من مزارعين وصيادين وأصحاب أراض أحمل لجنة التعويضات المسئولية الكاملة عن تأخير البت في التعويضات فهي خلال سنتين لم تعمل أي شيء وفي الأخير تقول لنا سنعوض عشرة أو عشرين شخصاً يعني كل ما عملته هذا فقط فالشركة أخذت كل ممتلكات الناس ووعدتهم بالتعويض ولم تعوض أحدا حتى الآن ونحن كملاك للأراضي قررنا تنظيم اعتصام سلمي للمطالبة بحقوقنا نهاية شهر فبراير ولكن تقديراً للسلطة المحلية في المديرية قررنا تأجيلة وأعطيناهم مهلة 20 يوماً فقط. وما زال الاعتصام قائماً ولدينا فعاليات أخرى ستتبعه , فالحقيقة لم يستفد أحد من الشركة فالعمالة والمصالح لغير أبناء شبوة فعلى الأقل نطالب بحقوقنا, فلجنة التعويضات هي السبب وقالها لي مسئول كبير في الشركة في صنعاء أن موضوعكم بيد لجنة التعويضات أخيراً الأسعار التي حددتها اللجنة للأراضي غير مقبولة أبداً ونرفضها جملة وتفصيلاً».

وتعويض الصيادين أيضاً :

والشق الآخر من التعويضات يخص الشريحة الأكبر من المواطنين ألا وهم الصيادون وحول ذلك تحدث لنا الأخ طلال صالح باصهيب رئيس فرع الاتحاد التعاوني السمكي بالمحافظة وقال: «في البدء أسمح لي وليسمح لي قراء «الأيام» الكرام أن أعطي موجزاً قصيراً عما يمثله موقع بالحاف من أهمية بالنسبة للصيادين وللقطاع السمكي بالمحافظة. فبالحاف كان أكبر وأهم موقع للاصطياد والإنزال السمكي في البلاد قاطبة لما فيه من خصائص جغرافية تجتذب الصيادين من كل المحافظات للعمل هناك, وصدقني الأرقام والإحصائيات تثبت ما سأقوله لك , إن الإنتاج السنوي في الأسماك بعد إغلاق بالحاف انخفض لأكثر من %40 أما بشأن التعويضات.

فما أصاب الصيادين من مماطلة وتسويف أصاب كافة المتضررين من المشروع, فالشركة طلبت كشوفات بالمتضررين وتم رفع كشوفات من الجمعيات السمكية ومعمدة من كافة الجهات كما أنها كل يوم تقول كلاماً فتارة تعتبر المشاريع الصغيرة التي أنشأتها في بعض المناطق من ضمن التعويض وتارة أخرى كاسر الأمواج في جلعة, وبحسب ما نسمع تقرر الشركة صرف قوارب كبيرة (عباري) وأحياناً قوارب صغيرة (تقليدية) ولا ندري ماذا تريد بالضبط؟ مع العلم أن من يقرر نوع التعويض هم الصيادون أنفسهم عبر جمعياتهم والاتحاد السمكي والوزارة».

اللجنة الفرعية أنجزت مهامها :

وفي سياق تقصي «الأيام» حقيقة التعويضات ورحلة البحث عن أسباب تأخير تسديدها التقت الأخ أحمد عبد الله الوبر رئيس لجنة التعويضات الفرعية بمديرية رضوم ورداً على سؤال «الأيام» حول أسباب تأخير صرف تعويضات المتضررين من مشروع الغاز ببالحاف تفضل مشكوراً بالقول: «نحن في اللجنة الفرعية استلمنا عدداًَ من الملفات التي تحمل آلاف الصور من وثائق ملاك الأراضي في بالحاف من لجنة التعويضات العليا, وكلفنا بمهمة فحصها وتأكيد ما هو صحيح وترتيب هذه الوثائق وأرشفتها ووضعها في كشوفات تنظمها. واللجنة تضم عدداً من الجهات ذات العلاقة بصرف الأراضي سابقاً وحالياً, ومنذ نحو ثلاثة شهور واللجنة تعمل ليل نهار وأستطيع القول إنها أنجزت أكثر من %95 ويبلغ عدد الوثائق التي في أيدينا 2600 وثيقة خاصة بالمباني والأراضي الزراعية والبيضاء والاستمارات ونتوقع انتهاء وإنجاز العمل خلال فترة أسبوع من الآن.

وأحب هنا أن أشير إلى أنه بعد مقارنة ما لدينا خصوصا الاستمارات مع الكشف المسلم لنا من الدفاع الشعبي وجدنا أن هناك عدداً كبيراً من المواطنين لم يسلموا وثائقهم ولهذا شكلنا لجنة مصغرة لمتابعتهم وذلك حرصاً على استفادة الجميع دون استثناء.

ولكن المشكلة التي نواجهها بالفعل تكمن في الضغط المستمر من قبل المتضررين الذين فيما يبدو أنهم سئموا انتظار الشركة وبالفعل أرادوا تنظيم اعتصام سلمي أمام بوابة المشروع في بالحاف وبعد الجلوس معهم تفهموا وأجلوا إقامته لوقت لاحق, لأننا قلنا لهم إن اللجنة ما تزال تعمل ولم تكمل مهمتها فانتظروا وفعلاً نقدر لهم تجاوبهم هذا . وفي الختام نأمل من الشركة والأخوة في لجنة التعويضات العليا العمل على حسم هذا الموضوع لما له من انعكاسات سلبية مستقبلاً» .

أسعار الأراضي منظورة:

اتصلنا بالأخ ناصر محمد باجيل عضو مجلس النواب عضو لجنة التعويضات (العليا) وقال مشكوراً:«حقيقة الموضوع أخذ أكثر من حجمه ونحن في اللجنة عملنا كل جهدنا لحل هذه المشكلة الخاصة بتعويضات المتضررين من المشروع .

وأنا شخصياً تقدمت بطلب لهيئة رئاسة مجلس النواب تضمن دعوة وزير النفط ومساءلته عن التعويضات من قبل المجلس ونشرتم في «الأيام» خبر الطب المذكور. المهم أننا وانطلاقاً من شعورنا بما يعانيه أولئك المتضررون من أصحاب الأراضي والمباني والصيادين وأصحاب المباني والممتلكات التي تم إنشاء مشروع ميناء التصدير عليها نبذل جهوداً هادفة إلى إنهاء الموضوع وحصول كل شخص على حقه كاملاً وغير منقوص.

فالوثائق الآن لدى اللجنة الفرعية التي تعمل على تصنيفها وتوصيفها وأول ما تسلمها بعد ملاحظات اللجنة الفنية عليها ستقوم اللجنة العليا بما يتوجب علمه, وبالنسبة لأسعار الأرض اتفقنا مع الأخ د . علي محمد مجور رئيس الوزراء خلال زيارته الأخيرة للمحافظة أثناء اجتماعة باللجنة وبحضور وزيري الإدارة المحلية والنفط على إعادة النظر في أسعار أو قيمة الأراضي حيث إننا نعرف تماماً أن أشخاصاً اشتروا بالملايين في بالحاف وكذا هناك ناس تضرروا من مرور الأنبوب في أراضيهم تم أخذهم بعين الاعتبار».

وعن أسباب تأخر اللجنة في حل المشكلة قال النائب باجيل:«يا أخي عراقيل كثيرة واجهتنا من جهات كبيرة يهمها المشروع كان الأجدر بها أن تساعدنا بدلاً من عرقلتنا ولكن أؤكد لك أننا في اللجنة والكتلة البرلمانية بالمحافظة عملنا وسنعمل حتى يحصل كل مواطن تضرر من المشروع على حقه كاملاً».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى