عقل حيراني فِكَر

> سعيد عولقي:

> قبل أيام اتصل بي الصديق صالح شيخ، وهو زميل وصديق قديم لم ألتقِ به منذ ربع قرن بالوفاء والتمام.. وفي تلك الأيام الخوالي التي كنا نلتقي فيها، كان موظفا بوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي (في العلاقات العامة على ما أظن) وكانت بالوزارة لجنة للنشاطات المختلفة والمتنوعة، أبرزها كان المعرض الزراعي الذي يقام سنويا برعاية الرئيس سالم ربيع علي شخصيا.. وقد أقيمت على ما أذكر خمسة أو ستة معارض زراعية، كان آخرها معرض المعارض، وكان الأخ صالح النينوه وكيل وزارة الزراعة آنذاك هو الدينامو المحرك لنشاط تلك المعارض في السنوات الوسطى للسبعينات، والأخ المحترم صالح شيخ مدير العلاقات لإبراز مختلف جوانب الحياة الفنية من خلال إحياء حفلات فنية ليليا في مقر المعرض الذي كان يقام داخل مدرسة البنات المتوسطة بالمعلا في فترة الإجازة الصيفية من كل عام.

وكان لشخصي المتواضع بعض المساهمات في المسرح وغير المسرح، فقد كنت منتدبا من صحيفة «14 أكتوبر» لتغطية بعض النشاطات من ليالي المعرض الساهرة، مع أنه الأخ النينوه- الله يمسيه بالخير- قد أنعم على الأخ صالح شيخ بلقب مدير الإدارة المسرحية، وكان الزملاء من أهل المسرح يحبون السخرية فينطقون اللقب (الإدارة البصرحية).

وفي جو تلك الأيام المفعم بالحلو والمر والحبحب والجبن كانت المعلا تتألق بتلك المعارض.. ومع تألقها كان أصحاب المزارع والمعامل والعمال الزراعيون والفلاحون يعتبرون إقامة تلك المعارض أحلى أعيادهم.

باختصار.. ذكرني الأخ صالح شيخ بمناسبة كان يلتقي فيها العامل والفلاح والفنان على السواء ليقدم كل واحد منهم أحسن ما عنده من محصول في ليلة من ليالي العمر التي تحلق لتصل إلى النجوم.. وإذا لم تحلق فإنها تبرق هكذا فجأة ثم تختفي كفتافيت من رذاذ.. وهكذا تدور بناء الأيام وندور معها في هذا (المولد) الكبير.. مولد الدنيا.. وتجري مياه كثيرة تحت الجسور.. فأعود بالذاكرة مرة أخرى مع اتصال صالح شيخ من صنعاء إلى الوقت الراهن، وقت انعقاد القمة العربية في دمشق وزيادة خمسين ريالا أخرى في سعر الطماطه.. وبهذه المناسبة أستأذن الصديق صالح قردش في إلقاء بيت من الشعر الهندوسي كان أثيرا جدا لديه.. جدا جدا.. ولا أدري إن كانت الذاكرة تسعفني بشعر القردش وإلا لا؟ يقول: عقل حيراني بِدَرْ قمّا.. طمة قالو دكر.. دو صراخي شنقل حجر كثر فِكْر شعتل بشر ليل ما نام من فِكَرْ.. دوس وادوس لازم يعرف أيش خبر (تصفيق حاد).

المسألة وما فيها يا إخواني أن الأخ صالح شيخ عندما اتصل بي من صنعاء كان التليفون زي اللي كذه يتقطع منه الكلام، وعلى العموم قد أعاننا الله وفهمت منه أنه قبل أيام سرقت منه سيارته (لاند كروزر صالون تيوتا) وطبعا ما خلاش مكان ولا جهة إلا وبلغ واستعان بدون أيتها فايدة.. بعدين اتفق بمشورة صديق له أنه ما حك جلدك مثل ظفرك.. بعد أيام أجا صديق مع صديق صالح وقدمه صديق صالح على أنه يعرف الناس اللي معاهم السيارة وأنهم يشتوا يحلو المسألة بطريقة ودية.. الله.. كيف ودية يعني؟! سيارة الرجال عندهم وأخذوها هكذا بلا رخصة مع الديرة والسكان سقا الله روضة الخلان، وتقولوا لي ودي! المهم يا صالح أنته ما فيش بيدك حل ثاني صح والا لا؟ قال صالح ممكن يوجد حل.. ولكنه لم يقل لي ما هو الحل.. فقلت له أنه مافيش معه حل إلا يشل فرقة عسكرية مسلحة تحاصر المكان اللي فيه السيارة وتستردها بالقوة! ضحك.. على العموم عرفت منه أنه أخذ بنصيحة صاحبه، وقبل بالحل الودي، ومشى فيه، وقد أوصله هذا الحل الودي- حتى الآن- إلى أنه دفع للناس اللي عندهم السيارة عن طريق صاحبه ثلاثمائة وخمسين ألف.. ألف ينطح ألف.. وسلم صاحبه الفلوس للناس دي.. وهاه.. يومين وثلاث ولا كان الله من السيارة.. إيش دا الكلام يا ناس.. صاح صالح شيخ في نفسه حقي ويسترق مني وعادنا فوق دا أدفع للي سرقوها فلوس وفوق ذا وذاك برضه ما يرجعوش السيارة.. كيف ذا الخبر والخبيرة؟!

من ناحيتي أنا أناشد الأستاذ وزير الداخلية والأساتذة اللي معه في الوزارة (الاستاف) يعني.. أنهم يفكروا في هذ الموضوع قليل.. لأنه صالح شيخ لا عاد رجعت له السيارة حقه ولا الفلوس اللي سلمها لمن شلوها.. وسنبتسم لأننا في اليمن.. أما أنا والله فمشغول كثير.. وعقلي حيراني بدر!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى