الابتهاج القاتل في لبنان

> بيروت «الأيام» جوسلين زبليط :

>
احمد علي الساحلي في غرفة العناية المركزة
احمد علي الساحلي في غرفة العناية المركزة
اطلاق النار ابتهاجا في كل مرة يطل زعيم سياسي على شاشات التلفزة في لبنان يحصد قتلى كان آخرهم الفتى احمد علي الساحلي (14 عاما)، فيتحول احتفال البعض الى مأتم لدى غيرهم.

وقد اخترقت رصاصة راس احمد عندما كان يلعب خارج منزله في منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت. وما لبث ان توفي أمس الأول متاثرا بالاصابة بعد ايام من الغيبوبة في المستشفى. وهو الضحية الثانية التي تسقط برصاص الابتهاج خلال حوالى ثلاثة اسابيع.

اما سونيا سعاده (49 عاما)، فقد شعرت اثناء سيرها في الطريق في احد احياء الاشرفية شرق بيروت بالم مفاجىء لا يحتمل في معدتها، وظنت انها نوبة قرحة. ولم تعرف انها مصابة برصاصة الا بعد نقلها الى غرفة الطوارىء في المستشفى حيث رأى الاطباء بقعة دم صغيرة على قميصها وبدأوا التحاليل وصور الاشعة اللازمة لمعرفة السبب.

وعادت سونيا الى منزلها بعد ايام طويلة من العلاج وعملية جراحية في المستشفى.

وسونيا واحمد اسمان على لائحة طويلة من اسماء ضحايا اطلاق النار الابتهاجي الذي يملأ سماء العاصمة وغيرها من المناطق في كل مرة يدلي زعيم سياسي بخطاب متلفز او يجري مقابلة عبر التلفزيون.

ويبدو انصار الاكثرية والمعارضة في تنافس لاثبات اي من الزعماء يحصد كثافة اكبر في اطلاق النار او حتى في اطلاق القذائف الصاروخية احيانا، لدى ظهوره على الشاشات.

وقال المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي لوكالة فرانس برس ان اطلاق النار هذا هو تعبير "غير حضاري ويعكس انعدام الاستقرار السياسي في لبنان".

واضاف "الاطفال يموتون مجانا. انها ظاهرة وحشية غير مقبولة ومدانة"، متابعا "كلنا مسؤولون وعلينا ان نتحمل مسؤوليتنا، خصوصا بعد وفاة" الفتى احمد الساحلي.

واصيب الساحلي لدى القاء رئيس الحكومة فؤاد السنيورة خطابا في 28 آذار/مارس، عشية انعقاد القمة العربية في دمشق. وخرقت الرصاصة رأس الفتى واستقرت في عنقه، فدخل في غيبوبة لم يخرج منها.

وكان شاب في التاسعة عشرة توفي ايضا في آذار/مارس متأثرا بجروح اصيب بها خلال اطلاق نار ابتهاجي باطلالة تلفزيونية للنائب السابق، الزعيم الدرزي طلال ارسلان (معارضة).

واصيبت سونيا سعاده لدى القاء الامين العام لحزب الله حسن نصرالله خطابا في ذكرى اربعين القيادي في الحزب عماد مغنيه.

وقال الاطباء الذين عالجوها ان نجاتها تشكل معجزة تعود خصوصا الى انها كانت على بعد خطوات من المستشفى. وقد دخلت الرصاصة صدرها واستقرت قرب كليتها وخلفت ضرارا في انسجتها.

ويقول الطبيب فايز ابي اللمع انها "كانت على وشك الاغماء لدى وصولها الى المستشفى وخضعت لعملية شارك فيها ثلاثة جراحين واستغرقت اربع ساعات"، مضيفا "انها محظوظة لبقائها على قيد الحياة".

وافاد مكتب المدير العام لقوى الامن الداخلي ان 12 اصابة سجلت نتيجة مثل هذا النوع من اطلاق النار منذ شباط/فبراير 2007، لدى ظهور نصرالله والنائب سعد الحريري وغيرهما على التلفزيون... وقال ريفي "على القادة السياسيين ان يتحركوا لوضع حد لهذا الوضع".

كما ان هناك تقارير عدة لقوى الامن عن رصاصات اصابت سيارات وابنية. واعلنت السفارة السعودية في بيروت ان سيارة احد دبلوماسييها اصيبت برصاص الابتهاج اخيرا، وكذلك الامر بالنسبة الى سيارة تابعة لرئيس الحكومة السابق سليم الحص.

سونيا سعاده
سونيا سعاده
ودان السنيورة في بيان صدر عنه في 29 آذار/مارس ظاهرة اطلاق النار، وقال انه "شعر بالحزن والغضب والاسف" بعد اطلاق النار خلال القائه كلمته في اليوم السابق.

وقال "انا اعتبر هذا الاسلوب وهذه الطريقة في التعبير دليل تراجع في القيم والمعايير الانسانية والحضارية التي طالما كنا في لبنان ندعو اليها".

وجدد السنيورة ادانته أمس الأول. واعتبر وفاة الساحلي "خسارة جسيمة لي ولكل العائلات اللبنانية التي تبحث عن الاستقرار وتفكر بمستقبل آمن لاولادها".

وناشد القيادات السياسية والروحية في لبنان "التشجيع على العودة الى الطريق السلمي والديموقراطي والمؤسساتي في لبنان والى اعتماد الاساليب الحضارية والسلمية في التعبير".

اما رئيس المجلس النيابي نبيه بري فقد تعهد من جهته عدم المشاركة في اي ظهور مباشر عبر التلفزيون بسبب موجات اطلاق النار التي تلي اطلالته في كل مرة.

ويقول المسؤولون الامنيون ان اطلاق النار محظور بموجب القانون، وان القوى الامنية تنتشر بكثافة في الشوارع والطرق عندما تكون هناك مواعيد تلفزيونية للزعماء. ومع ذلك، لم تحصل اي عملية توقيف، نظرا لدقة الوضع السياسي ووجود بعض المناطق في العاصمة الخارجة عن سيطرة القوى الامنية.

وقال ريفي "هناك مناطق كالضاحية الجنوبية (التي يسيطر عليها حزب الله) او المخيمات الفلسطينية التي لا يمكن لقواتنا الدخول اليها".

وتقول سونيا سعادة التي خرجت من المستشفى الاسبوع الماضي لوكالة فرانس برس "للاسف، لا اظن ان الوضع سيتغير"، مضيفة "علينا ان نلازم منازلنا عندما يبدأ احدهم بالكلام عبر التلفزيون".

ويقول علي كريم، المدير العام لمستشفى بهمن الذي نقل اليه الساحلي، انه يشعر بغضب لمقتل فتى كان يلعب كرة القدم مع رفاقه قرب منزله. ويقول ان المستشفى استقبل "ستة جرحى نتيجة هذه الظاهرة خلال الاشهر الستة الاخيرة"، مضيفا "على الزعماء اما ان يصمتوا واما ان يغادروا هذه البلاد لان الناس يريدون ان يعيشوا فيها بامان". (أ.ف.ب)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى