وتلك الأيــام .. قوة المسئولية لا مسئولية القوة

> محمد عبدالله الموس:

> طالب أكثر من صوت ومنذ وقت مبكر بتجنب جر الحراك الشعبي السلمي إلى مربع العنف، فالعنف، أيا كان مصدره، يضرب في الصميم الروابط الإنسانية والأخلاقية، ويلغي لغة العقل التي تشكل أساسا وشرطا ضروريا للحوار حول المشكلات التي يعاني منها الوطن، وتقر بوجودها كل الأطراف السياسية سلطة ومعارضة، وما حدث في ردفان من اعتداء على الممتلكات العامة والخاصة يشكل ضربا من الشطط المرفوض, نعتقد أن سببه عدم التعاطي الرسمي مع صراخ الناس في محافظات الجنوب, الذي تجاوز مداه الزمني السنة، وأقرت لجان رسمية ذات مستوى عالٍ بوجود اختلالات تتطلب معالجات، كما أن هذا الاعتداء لايبرر الإقدام على اعتقال رجال يحملون رؤى، مهما كان حجم الاختلاف مع هذه الرؤى، وقد لاتكون لهم علاقة مباشرة بما حدث في ردفان.

إن الإقدام على اعتقال حاملي الرأي الآخر يضر بالأمن والسلم الاجتماعي ويذهب بقوى المجتمع بعيدا عن مربع التباين السلمي المشروع في الرؤى التي لايخلو منها مجتمع إلى العنف المضاد، وهو فوق هذا وذاك لايعمل على حل المشكلات بقدر تعقيدها ورفع كلفة الإصلاح، ويشكل هروبا من مواجهة مشكلاتنا بالعقل والحوار إلى مجاهل لايضمن أيا منا نهاية لها، فحوار العقول أفضل وأكثر سلاما للمجتمع من إطلاق رصاصة واحدة أو إزهاق نفس مهما بلغ حجم التباين في هذا الحوار، لأن معالجة آثار الرؤى أسهل كثيرا من معالجة آثار الصراع، وشواهد ذلك كثيرة.

لايرى عاقل أن الإضرار بالممتلكات العامة والخاصة ضربا من التعبير السلمي، كما لايمكن للاعتقالات وكل صور القوة أن تحل المشكلات أو توقف حراك الشارع ولايقبل عقل أن يتم النظر إلى معاناة الناس بخفة، كأن يقول أحدهم إن المشكلات قد حلت، أو إن هؤلاء تحركهم أياد خارجية، فلا نعتقد أن أحدا في هذا الحراك يريد أن يعرض نفسه للمتاعب إلا إذا كان يتعرض للضرر، فالشارع لايتحرك بأمر من أحد، بقدر مايتحرك نتيجة السياسات الخاطئة، ويصر البعض على مواجهة هذا الحراك بأخطاء جديدة.

إن نشطاء الحراك السلمي وأصحاب الرأي ليسوا إلا ناقلا للمعاناة، وحري بجهات القرار أن تأخذ ما ينقلونه وتعمل على تقديم الحلول، فكل صور التضييق بالاعتقال أو الإسكات أو قمع صور التعبير السلمي ستدفع الناس إلى التعبير بوسائل أخرى غير مأمونة، ومن هذا المنطلق فإن الإفراج عن المعتقلين وتحرير التعبير السلمي من القيود ووضع قضايا المجتمع على طاولة الحل هو السبيل الآمن لتجاوز المشكلات بما يحفظ أمن المواطنين وسلامة الوطن ووحدته التي تصون حقوق كل أبنائه، بالاستناد إلى قوة وحجم المسئولية لا بالركون إلى مسئولية القوة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى