التواهي المنطقة التي جعلت من مدينة عدن رابع أكبر ميناء عالمي حـر

> «الأيام» د.علـي محمـد سعيـد الأكحلي :

> ثانيا: الأعمال التجارية للسيد قهوجي دنشاو ..ولد قهوجي شافاكشا دنشاو Cowasji Shavaksha Dinshaw (وهو من أصل فارسي) عام 1827 في مدينة سورات الهندية, وهاجر عام 1855 إلى مدينة عدن ليستقر فيها، حيث ساهم بشكل ملحوظ في تطوير هذه المدينة لتصبح ميناء مزدهرا في وقت لاحق، وأضاف إلى نهاية اسمه اسم (عدن والاّ) (Adenwalla) تيمنا بمدينة عدن.

كانت مدينة التواهي عبارة عن قرية صغيرة يعتمد سكانها أساسا على الصيد في البحر، وكانت المساكن قد أنشئت بدءا من سفح الجبل نزولا إلى شاطىء البحر، حيث كان هذا الشاطىء يلف القرية على شكل هلال (Cresent) يبدأ من المساحة التي شيدت عليها بناية لوك توماس (لاحقا) مرورا بمقر الشرطة (الشوكي)، وينتهي في المساحة الواقعة قبل فندق الصخرة (Rock Hotel) حاليا. لم تكن هناك أية منشآت أو أبنية قد شيدت بعد هذا الشاطىء الهلالي، حيث كانت مياه البحر تمتد حتى هذه المنطقة (أنظر الصورة التي التقطت عام 1880). وسمي هذا الشاطىء الهلالي باسم أمير ويلز (Prince of Wales Crescent).

في 1856 دخل السيد قهوجي كشريك في العمل المصرفي للكابتن لوك توماس (Captain Luke Thomas)، وتأسست شركة ذات مسئولية محدودة عرفت باسم لوك توماس وشركاه (المحدودة)، وفي 1875 قام السيد قهوجي بتشييد بناية لأعماله التجارية في هذا الشاطىء الهلالي (سمي لاحقا بشارع الهلال)، كما شيد عام 1877 فندقا قريبا من عمارته سمي فندق (مارينا Marina). تحولت ملكية هذا الفندق فيما بعد إلى تاجر فرنسي قام بتغيير اسم الفندق إلى (فندق أوروبا Hotel de l’Europe)، ثم امتلكه لاحقا في 1915 السيد يهودا الذي أرجع اسمه الأصلي (مارينا). (×)

في عام زيارة أمير ويلز (××) إلى مدينة عدن (1901)، تم الانتهاء من عمل رصيف (دكة) أمام جبل الساعة مع مبنى لاستقبال المسافرين، سمي رصيف الأمير ويلز (Prince of Wales Pier)، كما تم في وقت لاحق إنشاء رصيف آخر بجانبه عرف برصيف أو دكة (الأبكاري Abkari Pier)، وقامت شركة الباسيفيك والشرق للملاحة (P&O) بتشييد بنايتها على هذا الرصيف، والتي عرفت لدى العامة بـ (بنجلة البينو).

في 1863 توقفت أعمال الصيانة لصهاريج (الطويلة) وعلى وجه الخصوص الصهريج الكبير الأخير المسمى (بلايفير Playfair) نتيجة توقف المخصصات التي كانت تمنح (على قلتها) لحكومة عدن التي كان يرأسها حينئد الكابتن هينز. وحدا ذلك بالتاجر قهوجي مع تاجرين آخرين هما السيد منشرجي أدولجي والسيد حسن علي إلى عمل شراكة فيما بينهم هدفها ترميم هذا الصهريج، إضافة إلى الصهاريج الستة الأخرى على سفح الجبل، وتم توقيع اتفاقية بهذا الخصوص مع الحكومة لمدة 10 سنوات تنتهي عام 1873 (قابلة للتجديد لـ 30 سنة أخرى)، ومقابل تكاليف الصيانة وافقت الحكومة على منح هذه الصهاريج للشركة المنفذة لتشغيلها تجاريا خلال العشر السنوات، حيث قامت الشركة ببيع الماء للمواطنين والحامية البريطانية المرابطة في كريتر بسعر 8 آنات لكل 50 جالون ماء (8 آنات تساوي حوالي واحد شلنج إنجليزي). كما امتلك قهوجي آلة طباعة، هي الثانية بعد مطبعة سجن كريتر الوحيدة آنذاك.

ومن جانب آخر، نجح السيد قهوجي في الحصول على حق الامتياز لإنشاء سكة حديد بطول 120 كلم تمتد من عدن حتى الضالع، بعد أن نجح في الحصول على موافقة سلطان لحج على مرور الخط الحديدي على أراضيه مقابل 4% من أرباح تشغيل الخط، إضافة إلى واحد بنس (one penny) لكل مساحة مربعة أخذت من الأراضي لصالح الخط.

وقد كان مخططا أن تبدأ الـ 60 كلم الأولى من مدينة المعلا حتى منطقة (نوبة دكيم)، إلاّ أنه ولسبب غير معروف، تم التخلي عن هذا المشروع. (ملاحظة: في عام 1919 تم تنفيذ هذا المشروع من قبل شركة البنجاب للسكك الحديدية، واستمر القطار يعمل عشر سنوات، بعدها توقفت حركة القطار نهائيا بعد أن صارت إيراداته أقل من تكاليف تشغيله. (انظر مقال الأخ عبدالقادر باراس - صحيفة «الأيام» - العدد (5358) 24 مارس 2008).

صورة لمبنى شركة لوك توماس التقطت عام 1886 وفيها مقر بنك عدن
صورة لمبنى شركة لوك توماس التقطت عام 1886 وفيها مقر بنك عدن
وبسبب فطنته التجارية فيما قد يحدث لمدينة عدن بعد افتتاح قنال السويس في عام 1869 قام السيد قهوجي بتأسيس شركة لتموين البواخر بالفحم في منطقة (حجيف Hedjuff) حيث كان يبيع 60 ألف طن من الفحم سنويا، وهذه الكمية كانت تشكل حوالي 50% من إجمالي مبيعات الفحم الكلية آنذاك.

كما أمتلك ما يقارب 300 سفينة شراعية متوسطة و صغيرة (بعضها مستأجرة) كانت تقوم بنقل حوالي 55 طنا سنويا من البضائع، وتقوم بنقل المسافرين والبريد من وإلى ساحل الصومال.

ومن ضمن مشاريعه المتعددة، قام بشراء رصيف عائم من بريطانيا لرسو السفن، إلاّ أن هذا الرصيف وصل إلى مدينة عدن بعد خمس سنوات من وفاة السيد قهوجي الذي توفي عام 1890، حيث خلفه أولاده وإخوانه في إدارة أعماله المختلفة.

هامش:

(×) أحرق هذا الفندق خلال الأشهر الأخيرة التي سبقت إعلان الاستقلال عام 1967، وتم هدمه بعد الاستقلال لتظهر المساحة الحالية المخصصة لمحطة الباصات (أمام البجيشة) في مدينة التواهي (الكاتب).

(××) أصبح في وقت لاحق الملك جورج الخامس - ملك بريطانيا العظمى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى