«الأيام» تستطلع أوضاع مناطق امعين - امقاع - عراكبي بلودر محافظة أبين ..منطقة امقاع .. نسيان تام وحرمان شامل من المشاريع الخدمية (2-3)

> «الأيام» الخضر عبدالله محمد:

>
صورة جانبية لمنطقة امقاع المحرومة
صورة جانبية لمنطقة امقاع المحرومة
عندما تطال يد الحرمان وحياة البؤس والشقاء شريحة من المجتمع لتحرمهم من الحياة الكريمة، أو تطال المرأة بحرمانها من الحقوق المكفولة لها شرعاً.. فإن كل هذا من شأنه أن يوقظ أصحاب الضمائر الحية من سباتهم.. لكن عندما تمتد لقطاع الأطفال، فلذات الأكباد فإن هذه كارثة كبرى سيما في ظل التقاعس واللامبالاة من قبل المسؤولين ومن بأيديهم زمام الأمور، فما أن يبلغ الطفل السادسة ذكراً كان أم أنثى حتى يثقل كاهله بأعباء يعجز عنها الكبار أحياناً.. كحرث الأرض ورعي الأغنام وجلب الماء من مسافات بعيدة إلى المنازل، كل هذه الأعباء يضعها الآباء على كاهل أطفالهم ليس كراهية لهم ولا انتقاماً منهم.. لكنه الواقع الذي تفرضه حياة الريف. إذن فسهام المعاناة والحرمان والنسيان قد أصابت كل الفئات العمرية بدءًا بالشباب مروراً بالشيوخ والنساء ووصولاً إلى الأطفال..

الجزء الأول من الاستطلاع كان من نصيب مدينة امعين.. وفي هذه الرحلة الاستطلاعية الثانية ارتأت «الأيام» أن تنزل إلى منطقة امقاع بمديرية لودر لتسلط الضوء على معاناة لا يعيشها أهاليها وحسب بل وكافة مناطق لودر أبين من جراء حرمانهم من أبسط الحقوق كخدمات المياه والصحة والطرقات والاتصالات وغيرها.. فإلى الرحلة الاستطلاعية.

نقطة البداية

ما إن تطأ قدماك تراب هذه المنطقة التابعة لمديرية لودر حتى تشاهد القرى ذات البيوت المتناثرة المبني بعضها من الأحجار وأخرى من الطين(اللبن) وتسمع من بين تلك البيوت المتواضعة أنات وصرخات العجزة والشيوخ الضعفاء يدوي صداها في كل أرجاء البلاد.. وتذوق طعم الواقع المر الذي يعيشه أبناء هذه المنطقة الذين لا يملكون عوناً ولا معيناً.. وتضم منطقة امقعاع ست قرى وهي: الشبرامة، الشابحة، الصيوعي، البطان، آل كردة، آل سالم.

مسجد امقاع آيل للسقوط وبحاجة إلى إعادة بنائه ليتسع للأهالي
مسجد امقاع آيل للسقوط وبحاجة إلى إعادة بنائه ليتسع للأهالي
وعورة الطرق غير المسفلتة

يواجه المواطن صعوبة في منطقة امقاع بنقل وإسعاف المريض ويتكبد أهالي المنطقة الفقراء زيادة في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية نتيجة وعورة وقساوة الطريق، وعند قدوم الانتخابات يبدأ مسلسل الوعود والإنجازات لأبناء هذه المنطقة، كما وُعد الأهالي ببدء شق الطريق وتعبيدها بالأسفلت، وعند انتهاء الانتخابات وكسب الأصوات تذهب الوعود أدراج الرياح، والمثير للاستغراب والدهشة أنني شاهدت بعض القرى البعيدة، التي تبعد عن عاصمة المديرية 15 كم، طرقها معبدة بالإسفلت، ورغم قرب مسافة منطقة امقاع من المديرية إلا أنها لم تحصل إلا على وعود لم تنفذ بعد.

مدرسة المنطقة تنذر بكارثة بسبب تهالك المبنى

في منطقة امقاع مدرسة تم تـأسيسها نهاية الثمانينات وهي مكونة من ثماني غرف من البردين وتم بناؤها بطريقة غير منظمة، ونظراً لذلك فقد تعرضت لتشقق الجدران وخراب السقوف التي أصبحت آيلة للسقوط، وبسبب وضعها السيء فإنها لم تعد صالحة للدراسة، حيث يتم تدريس بعض الطلبة بحذر تام وقلق شديد، كما توجد مدرسة جديدة من طابقين مكونة من ثماني غرف شيدت على نفقة المجلس المحلي لمديرية لودر، وكذلك تعاني المدرسة من العجز والصعوبات والهموم كعدم وجود معلمين للمواد العلمية، لهذا يقومون بتغطية هذه المواد بمعلمين يحملون شهادات الثانوية، كما أن المبنى لا يتسع لاستيعاب الطلاب، حيث تدرس الطالبات مع الطلاب في فصل واحد لعدم وجود مدرسة خاصة للبنات، وتعاني المدرسة نقصاً كبيراً من الأثاث والكتب الدراسية.

مدرسة امقاع الجديدة التي لم تتسع لطلابها
مدرسة امقاع الجديدة التي لم تتسع لطلابها
المنطقة محكوم عليها بعدم إدخال شبكة الاتصالات

لم تصل بعد خدمة الاتصالات السلكية، ويعتمد الأهالي على التلفونات المحمولة (الجوال) التي تصل إلى بعض الأماكن.. وبعد متابعات حثيثة لم يفلح الأهالي بإدخال الاتصالات إلى منطقتهم، وحكم على المنطقة بالإعدام أي بعدم إدخال شبكة الاتصالات السلكية، وأهالي المنطقة يحملون الجهات المختصة بالاتصالات مسئولية عدم إدخال وتوصيل شبكة الاتصالات، رغم أن المنطقة تقع بالقرب من مدينة لودر وكابلات الهاتف تمر أيضاً بالقرب من المنطقة، ومع ذلك لاتزال محرومة من خدمة الاتصالات على الرغم من مطالبة الأهالي بها منذ سنوات، الأمر الذي حرمهم من التواصل مع الأهالي والأقارب في داخل وخارج الوطن.

شحة المياه جاثمة على صدر المنطقة

منطقة امقاع تعيش في أزمة خانقة من شحة المياه، فالأهالي كما شاهدتهم من الرجال والنساء والشيوخ والعجزة والأطفال.. يعتمدون كل الاعتماد على جلب المياه من الآبار القريبة والقديمة ذات المياه المالحة.. التي تتكدس داخلها جميع القاذورات، وأصبحت الآبار التي يجلب الأهالي منها المياه ملوثة، بل أصبحت مقلباً للقمامة، ففي قاع البئر تشاهد القطط والكلاب النافقة والطحالب والمخلفات والأحذية والأتربة.

أطفال يشاركون أهاليهم بجلب المياه على أكتافهم
أطفال يشاركون أهاليهم بجلب المياه على أكتافهم
بعض النساء يلدن في الطريق

وأرثي لنساء المنطقة اللاتي يقمن بجلب الماء من مسافات بعيدة جداً على رؤوسهن، وقد أثقل كاهل النساء في هذه المنطقة التعب من جلب المياه يومياً على ظهور الحمير دون توقف، وبعضهن يلدن في الطريق، فأي حياة هذه التي يعيشها أهالي المنطقة.. فالمعاناة جاثمة على صدر المنطقة، والمواطن صار يواجه أزمة المياه من ناحية إذ وصل سعر الوايت (البوزة) 2000ريال والمواطن في هذه المنطقة لا يملك إلا الاستسلام أمام ما يحدث، فكثير من أبناء المنطقة كما يبدو عليهم من ذوي الدخل المحدود، فإلى أين سيذهبون ومن أين لهم بثمن الماء؟ ويبدو أن المواطن مغلوب على أمره فهو بحاجة ماسة إلى قيمة وايت ماء يروي عطشه وعطش أبنائه وماشيته.. وإن هنالك من العجب العجاب ما يحدث في المشروع الأهلي للمياه لمنطقتي امعين - امقاع، الذي لايزال شبه مشلول، وترجع أزمة المياه الخانقة لمنطقة امقاع لتعثر مشروع مياه امعين - امقاع عن ضخ الماء للمنطقين ما سبب شحة مياه للأهالي وللمنطقة ككل.

وأهالي المنطقة ينحون باللائمة على الجهات المعنية التي تركت الحبل على الغارب للعابثين بمشروع امعين- امقاع، ليعرقلوا حركة ضخ المياه لما أحدثوا من زوابع وبيع كلام لا يقدم ولا يؤخر مما تسبب في انقطاع أهم عناصر الحياة وهو الماء مع أن الآبار جاهزة يكل لوازمها والماء بداخلها ينادي هل من عطشان أرويه، ومن المؤسف جداً أن حال المواطن في المنطقة أصبح يصعب على الكافر.

والشباب يجلبون الماء من مسافات بعيدة على عربات الحمير
والشباب يجلبون الماء من مسافات بعيدة على عربات الحمير
حال الصحة في المنطقة يرثى له

رغم شهرة منطقة امقاع الواسعة وكثافة سكانها، لا توجد فيها وحدة صحية تستفيد منها المنطقة، وكذا القرى المجاورة لها، حيث يتم إسعاف المريض إلى أي مستشفى أو إلى أي محافظة، يتحمل المريض عبئاً كبيراً في نقله، حيث إن ظروف الأهالي صعبة ولا يستطيعون تحمل تكاليف نقل المريض، وأبناء المنطقة بحاجة ماسة إلى وحدة صحية تقوم ولو بالإسعاف الأولي أو يستفيد منها الأهالي حتى في ضرب الحقن المهدئة للآلام والحمى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى