طائرة تقلع من غزة إلى جدة لنقل البعثة إلى عدن ..غزارة أمطار ونيران ثوار وبعثة تصفية استعمار

> «الأيام» محسن عبده قاسم:

>
غزارة الأمطار جرفت السيارات في شوارع عدن في أبريل 1967
غزارة الأمطار جرفت السيارات في شوارع عدن في أبريل 1967
يوم السبت الفاتح من أبريل 1967 لم يكن فيه مكان لكذبة أبريل عند الناس في المستعمرة عدن! وفيه تقرر وصول بعثة الأمم المتحدة الخاصة بتقصي الأوضاع في عدن وباقي جنوب الوطن المحتل.

الإضراب الذي بدأ ذلك اليوم واستمر أسبوعا ترتب عليه شلل تام أصاب حركة المواصلات برا وبحرا وجوا، وحال دون وصول البعثة عبر أحد خطوط الطيران التجارية، مما اضطرها أن تطلب وترجو سكرتير عام الأمم المتحدة آنذاك السيد يوثانت أن يضع تحت تصرفها إحدى طائرات قوات الطوارئ الدولية المرابطة في قطاع غزة، وكان حينها تابعا للإدارة المصرية قبل أن تحتلة إسرائيل مع سيناء والجولان السورية والضفة الغربية من الأردن في عدوان 5 يونيو 1967.

تكونت البعثة من السادة:

1- مانويل بيريز جيريرو مندوب فنزويلا الدائم رئيسا.

2- عبدالستار شاليزي مندوب أفغانستان الدائم عضوا.

3- موسى ليوكيتا مندوب مالي الدائم عضوا.

في الساعة الثامنة والنصف من مساء يوم الأحد 2 أبريل وصلت البعثة مطار عدن الدولي، واستقبلها نائب المندوب السامي ومسئولون بريطانيون آخرون، وتحت حراسة عسكرية مشددة جرى نقل البعثة إلى فندق (السيفيو) بخورمكسر، الذي بموجب حالة الطوارئ أخلي تماماً ليقتصر استخدامه على البعثة ومرافقيها، وشبكة من الموظفين الإنجليز والمحليين.. وعلى سطحه وبداخله وحوله تمركزت أعداد كبيرة من أفراد الشرطة المسلحة، أما المنطقة المحيطة بالفندق فطوقت بأسلاك عازلة، وعلى الطرق المؤدية إليه أقيمت مراكز مراقبة ونقاط تفتيش، فيما تم إخلاء المساكن المجاورة الواقعة على مقربة منه من أهلها.. ولم يسمح لأحد بالاقتراب من الفندق إلا بتصريح خاص، ووصل الحد بالمخابرات البريطانية أن تضع جهاز هاتف خاص في الفندق، وكلفت أحد عملائها بتشغيله ليتسنى لها رصد وتسجيل اتصالات البعثة ومكالماتها الهاتفية.

بعثة الأمم المتحدة أمام فندق سيڤيو في عدن.. من اليسار: موسى ليوكيتا من مالي، عبدالستار شاليزي من أفغانستان وبيريز جيريرو من فنزويلا
بعثة الأمم المتحدة أمام فندق سيڤيو في عدن.. من اليسار: موسى ليوكيتا من مالي، عبدالستار شاليزي من أفغانستان وبيريز جيريرو من فنزويلا
دماء مخلوطة بماء السماء والشيخ عثمان فيتنام ثانية!

حسب ما هو مقرر زارت البعثة يوم الإثنين 3 أبريل المسجونين السياسيين بسجن المنصورة المركزي عند الساعة الخامسة مساءً، فقابلوها بالتظاهر والهتاف بحياة الثورة وسقوط الاستعمار، وفي تلك اللحظات بدأ الثوار من خارج أسوار السجن ومن فوق بيوت المنصورة بشن هجوم كبير على القوات البريطانية في محيط السجن مستخدمين كافة أنواع الأسلحة من مدافع ورشاشات وبنادق وقنابل، فحوصرت البعثة داخل السجن إلى بعد العشاء، وتقرر أن يتم نقلها إلى الفندق بواسطة طائرة مروحية لم تسلم من رصاص الثوار وهي تولي الأدبار، أما بقية موظفي البعثة فتم نقلهم بواسطة عربات مصفحة.

تصاعد في ذلك اليوم الغليان الشعبي العارم، وكثف الوطنيون عملياتهم الفدائية، وشهدت عدن وبالأخص مدينة الشيخ عثمان والمنصورة معارك طاحنة دفعت أحد المراسلين الأجانب إلى أن يصف الوضع بأنه أشبه بفيتنام ثانية!! وشاءت الأقدار أن تهطل يومها أمطار غزيرة لم تعهدها عدن لعقود من الزمن، وكان لمدينة كريتر نصيب الأسد من غزارتها.. فعلى اتساعها فاضت صهاريج الطويلة، وجرفت السيول كل شيء أمامها، وظلت المدينة بلا كهرباء لعدة أيام، ومعها تعطلت شبكة الهاتف، فصار المتقدمون بالسن يربطون تلك الأمطار بمجيء بعثة الأمم المتحدة، وإذا ما هطلت أمطار غزيرة بعد 1967، فإنهم يقيسونها على أمطار أبريل ذلك العام، التي أسموها (مطر البعثة).

مراجع:

1- قضية الجنوب اليمني المحتل في الأمم المتحدة - محمد سالم باسندوة.

2- التاريخ العسكري لليمن (1839 - 1967) - سلطان ناجي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى