(تنظيم عقود التجارة الدولية الإلكترونية دراسة مقارنة في ضوء اتفاقات التجارة الدولية) في رسالة الماجستير للباحث عبدالرحمن القهرة ..صعوبة التوصل إلى تنظيم عقود التجارة الإلكترونية في إطار التكتلات الاقتصادية الدولية لاختلاف معايير التشريعات الوطنية

> عدن «الأيام» خاص:

> شهدت كلية الحقوق بجامعة عدن يوم الاربعاء الماضي وقائع الجلسة العلنية لمناقشة رسالة الماجستير الموسومة بـ (تنظيم عقود التجارة الدولية الإلكترونية - دراسة مقارنة في ضوء اتفاقات التجارة الدولية) المقدمة من الباحث عبدالرحمن بن صالح القهرة، حيث شكلت لجنة مناقشة الرسالة من الأساتذة أ. د. سعيد محمد هيثم رئيسا للجنة، أ.د. عبدالرحمن عبدالله شمسان عضوا، أ.د. أحمد عمر بن قديم عضوا ومشرفا على الرسالة.قيمت اللجنة الدراسة تقييما عاليا ونال الباحث بموجبها درجة الامتياز، إذ إنها قد عالجت موضوعا عصريا مهما هو أحد أوجه وسمات حاضرنا اليوم.

وجاء في المقدمة التي تلاها الباحث عبدالرحمن بن صالح القهرة «أن التجارة الإلكترونية تعد من أهم مخرجات التقدم العلمي والتقني في العصر الحديث، حيث سخر الإنسان مقومات نظم المعلومات ومنظومة وسائط الاتصال المباشر والحاسبات الآلية المرتبطة بشبكات الإنترنت نظاما إلكترونيا يمارس في إطاره تسويق وتوزيع ونقل وعرض السلع والخدمات وبث الإعلانات وتبادل المعلومات والوثائق».

واعتبرت أن اتخاذ موقع Web Site على شبكة الانترنت internet يمثل مزاولتها عمليا بين مراكز الأعمال بعضها ببعض، وبينها والمتعاملين معها من وكلاء وعملاء، في محيط ما يعرف بالسوق E.Shopping أو المتاجر الافتراضية.

وذكرت المقدمة أن «التجارة الإلكترونية بأنظمتها التقنية المتقدمة وبيئتها اللامادية الرحبة صارت إطارا تجسدت فيه عمليا مختلف مفاهيم العولمة في جميع ميادينها، وجزءا من استراتيجية الأعمال التجارية المحلية والدولية وأسلوبا بديلا لتواصل الشعوب والتقائهم للتعاون وتبادل المنافع والخبرات والأفكار بصددها، وفي غير مجالاتها، وليتحول العالم بموجبها فضاء لا تقيد شعوبه حواجز، ولا تحده حدود من أي نوع»، «لذا فقد بلغت التجارة الالكترونية بقضاياها الشائكة مبلغا جعلها تستأثر بالاهتمام الدولي الباحث عن إطار قانوني يستوعبها ويزيل أو يذلل صعوباتها، لاسيما مع اضطرار الدول المختلفة إلى وضع بروتكولاتها ولوائحها وقوانينها موضع التنفيذ في بيئة تجارية عالمية تحد من قدراتها على مواجهة قضاياها وتنظيم تعاملاتها»، «كما تستمد هذه الدراسة أهميتها من اضطلاعها ببحث مدى إمكانية استخلاص أو تطويع قواعد قانونية، تسهم مجتمعة في بناء نظام قانوني يتولى مستقلا عما سواه تنظيم تعاقدات التجارة الدولية الالكترونية».

«يدخل موضوع الدراسة في صلب القسم الخاص من القانون، وعلى نحو أدق في قانون التجارة الدولي الحديث، ولا أدل على أن تنظيم عقود التجارة الدولية الالكتورنية يندرج في إطار هذا القانون من أن لجنة قانون التجارة الدولي اليونسترال التابعة للأمم المتحدة أصدرت قانون العقد النموذجي للتجارة الإلكترونية Model on Electronic Trade UNCITRL تحت مسمى ملحق القانون النموذجي اليونسترال Uncitral حول التجارة الالكترونية سنة 1996م في إشارة إلى القانون النموذجي بشأن تكوين عقد البيع الدولي للبضائع United Nations Convention of International sale of Goods Contracts المعروف باتفاقية فيّنا الذي كانت اللجنة قد أصدرته عام 1980م، واستمراراً لهذا الجهد تم التوصل إلى قانون العقد النموذجي الالكتروني Uncitral».

وتناول الباحث القواعد المنظمة للتجارة الدولية الالكترونية بصفة عامة «إذ لا يبدو مفيدا من وجهة نظرنا أن يكون التنظيم القانوني الذي يعول عليه حكم تعاقدات هذه طبيعتها، منطويا على فكرة الاستثناءات أو الفصل بين ماهو داخلي وماهو دولي».

«ويخرج عن نطاق هذه الدراسة بحث عيوب الإرادة تفصيلا، كونها لاتتعلق بالشخص ذاته قدر تعلقها بظروف التعاقد، ولذا كانت هذه المسألة محل اعتبار التقنين الدولي حين أولاها العناية اللازمة في معرض تنظيماته الخاصة بحماية مشروعية التعاقدات الالكترونية وهو ما عرضنا له في التمهيد لهذه الدراسة». واعتبر «أنه من غير المعقول فصل وجود الإرادة عن صحتها وإخضاع كل منهما لحكم قانون مختلف»..وقد لاحظ «أن نطاق الدراسة لا يقتصر على ما سبق إنما من خلال تناول محاورها بالبحث نثير العديد من التساؤلات في محاولة للإجابة عنها، وطرح العديد من الفرضيات في محاولة لمقابلتها مع غيرها من فرضيات أو مسلمات عن طريق إجراء المقارنة بينها من جهة، وبينها وما ورد في بعض التقنيات الاتفاقية الدولية والقانون المقارن والمذاهب الفقهية من جهة أخرى».

واعتبر «تحقيق التمازج المطلوب بين القواعد القانونية -تلقائية كانت أم اتفاقية- سيوجد بالضرورة نظاما متميزا ومستقلا يلبي احتياجات المجتمع التجاري».

«بيد أن المخاطر القانونية التي صاحبت بزوغ التجارة الالكترونية فرضت تدخل التقنين الدولي وفقهه الذي وضع قواعد تؤطر قانونية معاملاتها وتحمي مشروعيتها»، ولاحظ «أن اهتمام التقنين الدولي وفقهه يقتصر على ناحيتي انعقاد العقد والآثار الناشئة عنه».

ورأى الباحث «مناسبة إعلاء شأن اتفاقات الإطار المبدئية، بل واستحسان اعتبارها جزءا من تكوين العقود إذا اتفق أطرافها، لأهمية ما ستؤديه من دور في تفسير الشروط العقدية، وما اتجهت إليه إرادة المتعاقدين، لاسميا وأنها أحيانا تكون غائبة وقت إبرام العقد».

وأفضت الدراسة إلى «أن طبيعة (تجارية ودولية) عقود التجارة الالكترونية قد تخطت معايير التكييف المعروفة، من حيث غرض إنشائها ومحل الالتزام فيها»، واعتبر تنظيم عقود التجارة الدولية الالكترونية «يقتضي مواجهة القضايا التي تطرحها حرية التجارة بنظامها الالكتروني المستحدث وحرية التعاقد، مما استتبع البحث عن القواعد المنظمة لها خارج الأطر القانونية الوطنية العاجزة عن مواجهة ما تثيره مثل هذه العقود من مسائل قانونية شائكة وما تتطلبه من حلول».

لجنة مناقشة رسالة الماجستير للباحث عبدالرحمن بن صالح القهرة
لجنة مناقشة رسالة الماجستير للباحث عبدالرحمن بن صالح القهرة
ورأى «أن تحديد أحكام وقواعد تنظيم عقود التجارة الالكترونية في ضوء معايير حرية التجارة لا يجب أن يكون على حساب إهدار مصالح المتعاقدين المشتركة، ولذا وجب التنبه إلى أن الأمر إذا كان يتطلب مراعاة مصالح التجارة الدولية، فإنه يتعين أن يراعي كذلك مصالح المتعاقدين المشتركة، وهما كمعيارين في التنظيم على ما بينها من التباين، إلا أنهما لا يستحيلان على عملية التوفيق إذا ما أخذا من منظور توحد المصلحة.

هذه المعايير لتنظيم التجارة الالكترونية اقتضت تناول مناهج واتجاهات التنظيم الدولية للوقوف على مدى ملاءمة أحدهما، إذ رأينا ملاءمة المنهج المباشر في التنظيم بقواعده الموضوعية، وعبر الدولية ذات المصدرين التلقائي، وهي الأعراف والعادات والمبادئ العامة عبر الدولية ومبادئ العدالة والاتفاقي هي: الاتفاقيات والعقود النموذجية. وقد انتهينا إلى أن هذين المصدرين يمثلان المعين القانوني لبناء النظام الموضوعي عبر الدولي الالكترونيLex Electronic».

وأكد أنه لا يجد «أن ثمة تعارضا بين السعي إلى بناء قانون موضوعي عبر دولي للتجارة الالكترونية مستقلا عن القوانين الوطنية، وسعي الدول إلى الدخول في اتفاقيات لتوحيد حلول بعض المسائل أو إيجاد اتساق عالمي حيال القواعد المنظمة، إذ كانت التجارة الدولية وماتزال مرتبطة في العديد من جوانبها بالسلطات المباشرة للدول، فمن دون ضمان الاستتباب بمفهومه العام في حفظ الأرواح والأموال وصيانة الحقوق، ومن دون وجود البنية التحتية التي تتطلبها حركة التجارة وأنظمة مبادلاتها الالكترونية لن يكون هناك معنى لأي تنظيم».

واعتبر «أن الاتفاقيات الدولية والعقود النموذجية يمكن لها أن تحقق الاتساق العالمي للقواعد الموضوعية من جهة، وتشجع على الأخذ بمبدأ دمجها في القوانين الوطنية من جهة أخرى، وبهذا المفهوم قد تمثل حلا معقولا في خضم تعارض المناهج التنظيمية واختلافها.

غير أننا لاحظنا صعوبة التوصل إلى تنظيم عقود التجارة الالكترونية في إطار مناهج التكتلات الاقتصادية الدولية لاختلاف المعايير القانونية التي تقوم عليها التشريعات الوطنية، ولاسيما المتعلقة منها بتصنيف الأعمال إلى تجارية ومدنية، والفصل بين ما هو منها وطني وما هو دولي، ومن ثم التباين في النظرة إلى التقنين الواجب اتباعه حماية للمستهلك، بالرغم من الإقرار بدولية العلاقات التي تقوم بين الأفراد والمنشآت، هذه المسائل خلقت واقعا صعبا أمام أي جهود رامية إلى تنظيم التجارة الالكترونية في هذا الإطار».

ورأى أنه «قد يكون من المفيد الدفع في اتجاه حرية أطراف التعاقد في اختيار القانون الواجب التطبيق، على وفق المنهج المباشر في إطار القواعد الموضوعية عبر الدولية ومبدأ العقد شريعة المتعاقدين، بدلا من ترك المسألة لآليات السوق التي ستفرض واقعا قانونيا بتجاهل الآخر».

ونظر الباحث إلى الحلول في أحكام صحة العقد داخل النظام العام للقواعد الموضوعية عبر الدولية الالكتروني.

كما رأى «أن الحرية المتاحة أمام مجتمع التجارة الدولية الالكترونية تسمح لهم باختيار القواعد القانونية الواجبة التطبيق على تعاقداتهم سواء أكان ذلك من قانون أو من عدة قوانين أو من اتفاقيات أو عقود نموذجية، وهو ما يجعل العادات الدولية تستمد قوتها الملزمة من الطابع الثابت لها كقاعدة قانونية، وليس من كونها شروطا ضمنية في العقد».

واعتبر «أن الإرادة الحرة تستطيع اختيار وإعمال القواعد القانونية، لكنها لا تستطيع تنظيم العقد مع انعدام أي وجود للقاعدة القانونية في أي من صورها، سواء المجرد المستقل أم المقنن، فمبدأ سلطان الإرادة وإن كان يسند إليه أحقية اختيار القواعد إلا أنه لا يمكن له أن يحل محلها».

ووجد «أن توافر القواعد القانونية المنظمة لعقود التجارة الدولية الالكترونية في إطار نظامها الموضوعي عبر الدولي، بما تتميز به من سمات الذاتية والاستقلال والمرونة والتجرد سيضعف حجة المغرقين في الأخذ بالنظرية الشخصية حد إنكار وجود القواعد القانونية المستقلة عن القوانين الوطنية، لا بل إنها يمكن أن تشكل في مجموعها تنظيما مكتملا إذا ما أخذت جهود التقنين بتوحيد القواعد وتحقيق الاتساق العالمي حيالها، فضلا عن كونها رافدا مهما لمنهج التنظيم المباشر على طريق استقلال هذه التجارة العالمية الحديثة بقانونها الموضوعي عبر الدولي الالكتروني يتناسب مع نطاقها الكوني من حيث مجالاتها وأطرافها».

ووجد «أن أكثر ما تطرحه العقود التجارية الالكترونية ظل مرتبطا بطبيعة الرضا الالكتروني لاسيما العلاقة بين الإرادة والتعبير عنها، وتحديد مدى وعيها الحر من تلقائيتها المفروضة عند إنشاء التصرف القانوني في إطار التجارة الالكترونية».

وانتهى إلى «أن التعاقدات عندما تتم بين المحترفين تنتفي قيمة الحديث عن وعي وتلقائية الإرادة، وهذا يعني أن المشكلة تنحصر في التعاقدات المختلطة بين محترفين ومستهلكين».

جانب من الحضور
جانب من الحضور
وخلص إلى جمع الحالتين في مصطلح جديد «هو التقائية الواعية، وذلك انتصارا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين بوصفه أحد أهم مبادئ القواعد الموضوعية عبر الدولية، وفيما يتعلق بالمركز القانوني الذي تحتله الآلة الالكترونية في التعاقد، فقد انتهينا إلى أن الآلة وإن كانت ليست لها إرادة إلا أنها تساهم وبفاعلية في إبرام العقد»، أما في شأن تبادل الرضا فرأى الباحث «أن للإيجاب في تعاقدات هذه التجارة ما يجعله يستفيد من خصوصيته الالكترونية للالتفاف على طابع الإيجاب البات الذي استقرت عليه القواعد العامة مع الاحتفاظ بكيانه إيجابا صالحا لانعقاد العقد».

وطرح تعريفا للتفاوض على عقود التجارة الالكترونية «إذ بدا لنا أنه مرحلة في عملية التعاقد يتم فيها إجراء المساومات بصدد ما يطرحه كل طرف فيه لتحقيق مصلحته ولتبادل المقترحات في العناصر الفنية القانونية للاتفاق على صيغة العقد النهائية».

ولخص ذلك «في أن العاقد لا يلتزم إلا إذا أراد أن يلتزم مع ذلك فكل التزام يعقده بغير إرادة حرة مآله البطلان، وكل مايعقده بإرادته الحرة يجب أن يحترم مادام لا يخالف النظام العام، وفيما عدا ذلك فإن القواعد الخاصة بتنظيم المعاملات المالية هي في الغالب من النوع المكتمل، ولذا يجوز اتفاق الأطراف على ما يخالفها، ولا يجوز حتى للمشرع والقضاء التدخل لتعديل الآثار التي ارتضاها المتعاقدان وقت التعاقد، ولو صارت فيما بعد جائرة نسبة إلى الآخر، فليست العبرة بوجود التعادل بين الالتزامات المترتبة على العقد، وإنما بصدور هذه الالتزامات عن إرادة حرة مستقلة، استنادا إلى أن ما يتم بتوافق إرادتين حرتين مستقلتين لا يجوز أن تنفرد بتعديله إرادة واحدة إنما باتفاقهما على ذلك.

على وفق ذلك فقد استقر في اعتقادنا أنه من غير المتصور أن يواكب التقنين ما تطرحه التطورات المتلاحقة من أنماط مختلفة للتعاقدات، فضلا عن كون تنظيم عقود التجارة الدولية الالكترونية يعاني قصورا ونقصا في قواعده محلا، ومن ثم فلابد من دعوة قضاء التحكيم الدولي إلى مضاعفة جهوده مع إفساح المجال له وبسلطة أوسع لمقابلة حاجة المنازعات التي تتأثر بمناسبة تعاقدات التجارة الدولية الالكترونية، ربما يؤدي إلى خلق وإيجاد قواعد تواجه بالحلول طبيعتها الخاصة، عن طريق إعداد قواعد جديدة استلهاما أو تطويعا كلما اقتضت الضرورة».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى