دعوا فهلوتكم لكم وأخلوا سبيل سجناء الرأي!

> نجيب محمد يابلي:

> أعزف لكم سيد درويش/ تعيش ياعم تعيش/ زيك في كل الدنيا مافيش (من قصيدة «ألحان سيد درويش» للشاعر المصري فؤاد حداد)

كتب المفكر العربي الكبير د. محمد جابر الأنصاري في مجلة «العربي» الكويتية في يناير 2002م موضوعه الموسوم «نحن في (علاقة مشوهة) مع النفس» عن إشكالية العلاقة مع الشرق أو الغرب، إنما هي الإشكالية مع أنفسنا أولاً، حيث قال الدكتور الأنصاري:«إننا نعيش علاقة مشوهة مع النفس»..«إننا نعيش اليوم خليطاً نشازاً من عصور المماليك والعصور الحديثة وشخصيتنا الجماعية المعاصرة متحف متحرك لكل المعروضات بلا تمييز أو هوية ..».

في إطار تلك العلاقة المشوهة مع النفس، أخفقنا في فهم أنفسنا، وبالتالي في فهم الآخرين. نريد أن ننصف الحقائق، ولذلك تصعقنا النتائج وتكون ردود أفعالنا متهورة تفتقر لأبسط المقومات الأخلاقية. لايريد النظام أن يعترف أن حرب صيف 1994م تجاوزت بآثارها حدوداً يستحي عندها المواطن في الجنوب من أن يتحدث عن ثورة 14 أكتوبر ويستحي من أن يتحدث عن مشاركته في الدفاع عن صنعاء في حصار السبعين يوماً دفاعاً عن ثورة 26 سبتمبر .

لم يرغب النظام بأن يربط المقدمات بالنتائج، والفعل برد الفعل. لم تكن منطلقاته وطنية في اتخاذ الإجراءات، بل كانت قبلية فعاث فساداً في الأرض : صادر الأرض وألغى الإنسان وأفرغ مكاتب الوزارات والهيئات من العنصر الجنوبي، وتركها بدون صلاحيات، وعمل على توسيع رقعة منتسبي «حزب خليك في البيت»، وفي خط موازٍ آخر عمل على إحالة المئات والمئات من المدنيين والعسكريين وصودرت أراضي الكوادر (خذ مثلاً مخطط معسكر النصر) وأراضي الجمعيات الزراعية والتعاونيات والأفراد (خذ مثلاً أراضي الجمعيات الزراعية مؤسسة اللحوم).

تراكم الظلم وتفشت الغطرسة، وغرس الواقع الشاذ بذور التمرد في نفوس المغبونين وحقاً كان للفعل رد فعل، وشاءت محاسن الصدف أن كان سقوط حاجز الخوف أو الحائط الرابع يوم 7 يوليو 2007م.

وكان بإمكان النظام تجاوز ما حدث يوم 7 يوليو 1994م أو تجنبه وهو في طوره الجيني عندما اعتصم المغبونون بأعداد قليلة (لا تتجاوز العشرين شخصاً) في ساحة ديوان المحافظة، ولم يكترث لها مسؤول، وأخذت الظاهرة في التنامي حتى حدث الانفجار يوم 7 يوليو 2007م .

عبر المغبونون من سكان الجنوب عن قضيتهم بالوسائل السلمية، وهو الحق الذي يكفله الدستور والمواثيق الدولية، وواجهها النظام ببوليسية، ودفع أصحاب القضية ضريبة نضالهم السلمي بتقديم دماء الشهداء والجرحى ونسبوا تلك الدماء للتصالح والتسامح فيما بين الجنوبيين .

أصيب النظام بانهيار عصبي فاستخدم مختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة في الضالع وردفان، وأقدم على حملة اعتقالات طالت عدداً كبيراً من رموز الحراك الشعبي السلمي، وفي مقدمتهم علي منصر محمد وحسن أحمد باعوم والمحامي يحيى غالب أحمد وعلي هيثم الغريب وأحمد عمر بن فريد وعيدروس الدهبلي ومحمود حسن زيد، الذين داهمت منازلهم أعداد كبيرة من الملثمين الأمنيين بملابس مدنية في أوقات متأخرة من الليل، وتمت المداهمة بصورة بشعة روعت النساء والأطفال، حيث كسرت أبواب منازلهم واقتيدوا إلى صنعاء سراً، ولم يعلم أحد عن مصيرهم أكثر من سبعة أيام، كما داهمت جموع أمنية كبيرة بيوت رموز أخرى منهم العميد علي السعدي والعميد قاسم الداعري وأنيس ثابت عثمان وتمت المداهمة بالأسلوب نفسه الذي سبق ذكره .

بدلاً من أن يعترف النظام بأخطائه ويشرع مع الأطراف المعنية في الإعداد لمشروع وطني يضمن للفرقاء المعنيين حقوقهم في بيئة سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية خالية من التلوث والسرطنة .. راح يتحدث عن مسألة انتخاب المحافظين وما رافقها من زوبعة إعلامية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى