وطنٌ خالٍ من الفساد

> عبدالله مهيم:

> ناقش مجلس الوزراء في اجتماعه الدوري الأسبوع الماضي عددا من المواضيع كان من بينها موضوع كيفية محاربة الفساد والحد من انتشاره، حتى أنني عندما سمعت الخبر لم أتمالك نفسي من الضحك وتذكرت مشهدات للفنان عادل إمام في مسرحية «مدرسة المشاغبين» ومقولته المشهورة «بعد اثنى عشر سنة ثانوي تقول لي أوقف»، وحكومتنا الموقرة بعد ما يقارب عقدين من الزمن تضع ضمن أجندتها مناقشة شيء اسمه الفساد.

لاشك أن وصول الحال المعيشية إلى الوضع الحالي الذي ينذر بحدوث كارثة كبيرة يرجع أهم أسبابه إلى حجم الفساد الموجود في مفاصل الدولة، واستفادة مجموعة معدودة من الفاسدين على حسب المواطنين الغلابا، حتى أننا بفضل هؤلاء أصبحنا نحتل مركزاً متقدماً عالمياً. وتفوقنا على دول عديدة، ولكن للأسف في قائمة الدول الأكثر فساداً.

أتذكر أنني منذ أن بدأت أن أعي ما يدور في الساحة وأنا أسمع عن الفساد وسعي الدولة لاستئصاله، وجاءت حكومة وانتخابات بعد أخرى ونحن نسمع الموال نفسه والنغمات من أسطوانة مشروخة.

الأمر المحير أن وجود الفساد يحظى بإجماع، رغم أن الإجماع في هذا البلد من النوادر، كما أن وجوده ومخاطره يعترف بها الكل من رئيس الدولة حتى آخر مواطن كادح، لكن الدولة بإمكانياتها الهائلة وأجهزتها المختلفة لم تستطع القبض على مدار سنوات عديدة على فاسد واحد فقط ، ولو من العيار الصغير أو المتوسط بعيداً عن الحجم العائلي، الذين أصبح القبض عليهم من المستحيلات في اليمن التعيس - عفواً اليمن السعيد-.

بعد ما يقارب العقدين وما رافقهما من فشل للحكومات المتعاقبة في ضبط قضية فساد واحدة، مع أن القضايا عديدة مثل حبات الأرز، أيقنت السلطة أن المواطن قد سئم من الحديث في الموضوع والوعود المتكررة بالقضاء على الفساد، فلم يكن أمامها إلا تغيير أسلوب الكذب - بعد أن انفضح - خرجت علينا بفيلم جديد مهلهلة لإنشاء هيئة خاصة لمكافحة الفساد، وزف بشرى للمواطن أن الموضوع الشائك الذي أثقل كاهله قد قربت نهايته.

واذا كنا لا نشكك في أعضاء الهيئة الجديدة ،التي تضم مجموعة محترمة جداً، والحكم على عملهم قبل منحهم فرصة كافية، إلا أن العقل والمنطق يؤكدان لنا أن الموضوع مجرد ضحك على الذقون ويفرض علينا سؤالا مفاده: إذا كانت الدولة بكافة أجهزتها وإمكانياتها لم تفعل شيئاً في عقود، فماذا ستعمل هيئة لا حول لها ولا قوة؟!

بين الحين والآخر ترفع الحكومة وتيرة الحديث عن الفساد ومحاربته ووضع حد له حتى أن الواحد منا أحياناً يعتقد أن ذلك سيكون قريباً، ومن الممكن أن يعيش حتى يرى بأم عينيه هذا الحلم وقد تحول إلى حقيقة، وأن يتحقق شعار (وطن خال من الفساد)، الذي نشاهده معلقاً في الشوارع كلما حان موسم الحكومة الخاص بمحاربة هذا الفساد المسكين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى