محافظ حضرموت القادم.. هل هو حضرمي؟

> علي سالم اليزيدي:

> محافظة حضرموت كبرى محافظات البلاد منذ نهاية الدولة القعيطية والاتحاد الفيدرالي، ثم استقلال الجنوب عام 1967، وأفول نظام الانتخابات الحرة البلدية للدولة الحضرمية حينذاك، وصولا إلى تشكيل اللجنة الشعبية الطارئة للجبهة القومية، وفكرة الارتباط مع القوى الأخرى بعد حادثة قنبلة سوق الشحر (19 سبتمبر 1967)، وتولي علي سالم البيض الحكم بمعية عبدالله الأشطل من حضرموت، وابتعاد وجوه ثورية مثل عباس العيدروس، محسن بن حبلين، وخالد باراس، وخالد عبدالعزيز، ثم تولي سالم علي الكندي أمور المحافظة تحت وصاية ثورية أطاحت به وأعدمته بعدئذ.

وتقاطر على حضرموت عدد من المحافظين التابعين لفصيل الجبهة القومية فقط، وفرار الفصائل والقوى الأخرى، ثم تفتت الجبهة نفسها رويدا رويدا، حتى بعد أن وصلت لحزب وقضت من أجله على أعداد كبيرة من رجالها، وسجن وتغييب أعداد أخرى، كل المحافظين الذين تسلسلوا على المكلا مركز الحكم الحضرمي توزعوا ما بين تيارات الصراع، وأكلتهم النار الملتهبة التي يشعلونها هم لبعضهم البعض، ولم يشفع لهؤلاء ما يقدمون من دم القرابين تقربا للحكم، وذاق بعضهم نفس الرصاصات، وتاه الآخرون في غياهب السجون والملاحقة والمنفى.

قدم إلى مبنى الحكم بالمكلا (مقر المستشارية البريطانية)، كما ذكرنا الكندي حتى أحمد المجيدي، ثم تعاقب عليها بعد توحيد شطري البلاد ثلاثة رجال من صنعاء، ولنر ما ارتبط بحكم هؤلاء، وما رسمته اللوحة وكتبه الزمن على جداره، إذ تصارعت أو لنقل تناطحت قوى اليسار واليمين في حضرموت، وعزلت عن باقي الجنوب، واعتبرت قلعة اليسار الاشتراكي المتحفز، الذي شكل مجلس شعب محلي عام 1968، وصدرت صحيفة «الشرارة» الناطقة باسم اليسار في كل الجنوب المستقل، وتجمع خصوم قحطان الشعبي في المكلا، ومنعت صوره وكل أوامره، وعزل المحافظ، وأدار رجال اليسار المكلا والشحر وبعض المدن، ودخل الجيش ذات مساء المكلا قادما من عدن ليجتاحها ويفر اليساريون ويسقط حكمهم من المكلا، وتظل الضغينة ضد الكندي، ولم يهدأ الحال بعد وصول المحافظ محمد سعيد يافعي، وهو قليل الثقافة، وقال عنه أحد المقربين: «أنا لا أستطيع أن أحكم وأمامي النجمة الحمراء». (وأشار بيده إلى مقر الحزب/ السلطان سابقا)، وغادر بهدوء تحت ضغط مجاميع علي البيض واليسار، وجاء فيصل العطاس، وفي عهده اتسمت المكلا والشحر بالقلاقل والاستيلاء على الممتلكات الخاصة، والاعتقالات (وتحطيم سدة المكلا الأثرية في عهده) وجرت مصادمات من العمال والتنظيم والناس، ثم أزيح وجاء عكوش، ثم علي سالم البيض، وهي المرحلة التي شهدت الانتفاضات والقلاقل، وضعفت التنمية، واستعرت المناطقية وصراع الأشخاص في حضرموت وتداعياته الثانوية.

توزع منصب محافظ حضرموت بين ثلاثة اتسموا ببعض الهدوء، أولهم عبدالله صالح البار، الذي بدأت مرحلته بعدد من الإصلاحات والهدوء والتخطيط، وظهر جسر المكلا الحالي وكلية التربية وطريق الشحر وسيئون ومستشفى ابن سينا، ورسوخ الإدارة بعد تبعثرها في زمن الكندي والعطاس والبيض، وبحكم دعم سالم ربيع علي للبار تم سجنه فيما بعد، وارتبط اسم صالح منصر السيلي بمرحلة ثورية في الوادي وقلاقل، لكنه حقق إصلاحات ونظام إدارة وفكر مقبول بعدئذ، وكان للمحافظ سالم محمد جبران، وهو الذي تكرر كثيرا على هذا المنصب، ويتصف بأنه أكثر ديناميكية ونشاطا، وحقق نظاما إداريا وماليا لحضرموت، ووضع بصماته على عدد من المشاريع الحيوية مثل خلف والمجاري والاستقلال المالي، واقترب من ربط الحزب بالحكم، وقدم الأستاذ محمود العراسي كمحافظ تجربة رائدة في حضرموت، وكان أكثر شعبية في علاقته، وهي حالة اتصف بها ثلاثة محافظين هم صالح منصر والعراسي وعبدالقادر علي هلال، واستطاع إدخال الماء وتحسين وضع الكهرباء والمشاريع الريفية البدوية الواسعة، وحقق خطة توفير الدعم من موارد المحافظة لدعم المحافظة، ثم أُبعد بعد خلافات أهل الدار.

ظهرت الدولة الجديدة في 22 مايو 1990، وتولى صالح عباد الخولاني القادم من صنعاء، وهو صاحب تجربة حكم ونضوج ودهاء، ومشهود له، وعاصر بداية المرحلة الانتقالية والتجديدات في جسم النظام الجديد، ثم ما قبل الحرب، والحرب الظالمة في 1994، ثم سقط في عهده شهداء من أبناء المكلا في مصادمات واحتجاجات ضد الحكم والاستبداد والتمادي.

وقيل أن العسكريين في عهده سيطروا على كل الأمور، وجاء المحافظ هلال واتسمت مرحلته بالانسياب والحركية، إلا أنها شهدت مثل الخولاني استيلاء الإصلاح على نجاحات في الانتخابات، ثم تطورت إلى سقوط كل المدن بعد المعارضة، إلا الصحراء والجبال، وها نحن في مرحلة طه عبدالله هاجر، وما أن وضع رجله بحضرموت حتى فجعت المحافظة بالقتل والمطاردات والسجون لأبناء حضرموت، وسال الدم يومئذ، وقيل مرة أخرى إن العسكريين عادوا للإمساك بزمام المحافظة، وفرض ثقافة المنتصر، والبحث عن المكاسب والثروة والهيمنة، وهو ما يشكو منه الناس في حضرموت.

حضرموت التي أمامنا، حضرموت البعيدة عنا، حضرموت التي تراقبنا، من هو المحافظ القادم، حضرمي شجاع بقلب الأجداد؟ أم أن الحلم أصبح أبعد من نيل السحاب؟!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى