لا خيار لنا في ذلك

> عبدالقوي الأشول:

> على مدى عقود مضت نمارس ما يسمى بالانتخابات، إذ إن كافة السلطات تبدي حرصا شديدا على أن تقترن مسميات هيئاتها بالانتخابات الحرة والنزيهة، ولأجل ذلك يتم إنفاق مبالغ مادية كبيرة، رغم أننا في الأصل لانمارس انتخابات فعليه، وكأننا شديدي الاقتراب من ممارسة هذه الطقوس الدورية مع ما تلازمها من هالة إعلامية ومديح، توحي بأننا من أنزه الشعوب في ممارسة هذه الاستحقاقات التي لايكون النجاح فيها بأي حال إلا مقترنا بالسلطة ورموزها، وإن تجاوز الأمر ذلك إلى أنصار حزبها الذي يظل صاحب الأغلبية المريحة باستمرار.

في اليمن الديمقراطية مارسنا مثل هذه الاستحقاقات بانتخابات برلمانية مضحكة.. تم هذا الفعل لنقدم صورتنا للآخرين على أننا بلد هيئات منتخبة، وسلطات جاءت من أجل خدمة هذه الجماهير، رغم أننا في الأصل أبعد ما نكون من الاعتراف بمثل هذا الحق وتلك الاستحقاقات الديمقراطية، لأننا ببساطة في أتون سلطات شمولية، عندما تمسك بالسلطة لا تفرط بها بأي حال.

حال يذكرنا بالوضع الراهن، الذي ينتقل بنا من استحقاق لآخر، ومن ضفاف الديمقراطية إلى أتونها مع بقائنا كبشر في ذيل اهتمامات السلطة وأجندتها، فما أن ننتهي من الخوض في تفاصيل التعديلات الدستورية مثلا، حتى نجد أنفسنا أمام تجربة المجالس المحلية التي مضى عليها أكثر من عقد من الزمن دون أن تتخطى واقعها إلى مساحة يمكن أن نشير معها إلى تجربة خففت ولو بقدر معقول من سطوة السلطة المركزية بمحاذيرها التي لانظنها تشعر بقدر من الطمأنينة لنشوء هيئات تأخذ بعضا من صلاحياتها.

من تلك التجارب العقيمة والديمقراطيات المحسوبة سلفا انبثقت أو أتت ورقة انتخابات المحافظين، رغم أن مجيئها أو توقيتها يخلق انطباعا يقينيا أنها فكرة ولدت في خضم واقع استدعت معه الضرورة الرمي بمثل هذه الورقة التي لاتحيد في معطاها الأخير عن الوضع القائم إن لم تكن متممة له أصلا.

لماذا؟ لأن أغلبية المجالس المحالية التي تم الانتهاء من استحقاقها الانتخابي الهزيل من نسيج السلطة وحزبها السياسي، والمحصلة في انتخاب المحافظ محسومة سلفا، وكل ما يمكن قوله هنا إنه جرى انتخاب المحافظين لاتعيينهم (أي ديمة قلبنا بابها)،كما يقول المثل.

هنا يبرز السؤال المنطقي المخالف حقا لفرمانات انتخاباتنا الديمقراطية ونتائجها، ما أهمية أن تظل السلطات تمن علينا بإعطاء مثل هذه الاستحقاقات المفروغة؟

إذا كانت مجمل نتائجها لاتشير من قريب أو بعيد إلى أدنى التبدلات الإيجابية في النواحي الحياتية والمعيشية وعطاء الهيئات.

كما لاتشير قط إلى وجوه جديدة تتبوأ هذه المقاعد و تلك بممارسة وأجندة عمل مختلفة ولو بقدر يسير عما هو قائم.

ومع ما تقدم يظل العامة بمعزل عن خير نتائح مثل هذه الاستحقاقات الشكلية، وإذا كان هناك من نبارك له نجاح هذه الخطوات والنتائج، فهي السلطة بمكوناتها المتجانسة وآليتها التي لاتكون منسجمة إلا بمثل هذه النمط من الديمقراطيات التي تمن علينا بها.

المهم أن نظل إلى ما لانهاية نمارس مثل هذه الديمقراطيات العجيبة.

فهل يمثل مجيئ محافظي المحافظات هذه المرة ناتجا من خياراتنا، أم أن لاخيار لنا أصلا فيما هو محسوم سلفا، رغم ما يصاحب الوضع من جعجعة وصخب؟!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى