حمى الجشع تجتاح أنديتنا الأهلية

> «الأيام الريــاضـي» عبدالله بن حميدان:

> عالم الرياضة عالم جميل مليء بالمشاعر الفياضة والأحاسيس الصادقة التي تزيد من تفاؤلنا مع معطيات الحياة وتضاريسها القاسية، فكم نشعر بالسعادة عندما نرى البسمة تعلو شفاه الناس، وكم تحس بالنشوة عندما تشاهد تلك الصور الجميلة للتجليات السامية لهذا الجلد المنفوخ، الذي يحوي أسراراً عجيبة كأسرار عالم البحار، ولكننا أحياناً نشعر بالأسى لحدوث أشياء مستفزة، تجعلنا ندرك أن عالم الرياضة لم يعد كياناً مصوناً، بعد أن اقتحمته أياد خبيثة لا هم لها سوى مصالحها الضيقة ونظرتها المادية القاصرة، حتى لو جاءت على حساب حقوق الآخرين، فالجشع الذي أصاب بعضهم جعلهم كملاك المصانع العملاقة الذين يعلمون أن مخلفاتهم تلوث كوكب الأرض، وتهدد بثقب طبقة الأوزون، لكنهم لا يكترثون، ولسان حالهم يقول لتذهب البيئة إلى الجحيم.

لاشك أن العمل في إدارات الأندية متعب جداً ولا بد علينا أن نقدر حجم معاناة الإدارات التي تبذل جهوداً جبارة من أجل بقاء شمعة أنديتهم مشتعلة، كون فتات الوزارة لا يسمن ولا يغني من جوع، حتى أن كثيراً من الإداريين ابتعدوا عن العمل في أنديتهم، لعلمهم أن جهودهم وحدها لن تكفي بعد أن أصبح (البزنس) لغة العصر، حتى أضحت الكثير من الأندية تعيش على واقع اللجان المؤقتة، لكن من بقي منهم صامداً محتسباً لم يكن يتصور أن تدخل الأحداث نفقاً مظلماً بعد أن اتخذ الأمر منحنى خطيراً آخراً يهدد بانقراض ما تبقى من أندية، والمتمثل بسطو بعض مصاصي الأراضي على ممتلكات بعض الأندية نهاراً جهاراً، وبالطرق المستفزة التي تفتح المزيد من الأسئلة: أين دور الجهات المختصة مما يحدث، ولمصلحة من هذا العبث بممتلكات الشباب؟

وزارة الشباب التي يفترض أن تكون أول المدافعين عن حقوق الأندية، سكتت دهراً ونطقت بعد ذلك بلغة ضعيفة، أرسلت إشارات خضراء لأولئك المصابين بداء الجشع العقاري، نعم لا بد أن نعترف بأن الوزارة لم تقم بدورها كما يجب في حفظ ممتلكات الأندية من الضياع، كون الوزارة بكل وكلائها ومدرائها قادرة على ردع هؤلاء وإيقافهم عند حدهم، لو تعاملت مع الموضوع بيد من حديد، وبقرارات صارمة بعيدة عن الدبلوماسية، التي هي أقرب إلى لغة الخضوع..إدارات الأندية بذلت كل ما في وسعها للحيلولة دون هبر أراضيها باتخاذها الإجراءات القانونية، بعد أن لجأت إلى المحاكم وجهات الاختصاص، لكنها لا تزال تشعر بضعف موقفها كون المتنفذين يستندون على متاكئ ثقيلة قد تجعل سيف القانون يذوب في زحمة الهوش..غير أن الشيء الذي يؤرق الكثير من متابعي مسلسل (حمى الجشع) هو مواقف بعض محافظي المحافظات الذين تعاملوا مع الموضوع ببرود أعصاب أحياناً ، وبتواطؤ في مرات كثيرة، بدليل أن الكثير من الأندية حصلت على توجيهات صريحة من فخامة الرئيس، لكنها قوبلت بالتسويف، مع أن الجميع يعلم أن المحافظ هو المسؤول الأول عن تنفيذ توجيهات الأخ الرئيس، كونه أعلى سلطة في المحافظة.

مؤخراً برزت الكثير من الأندية التي تئن تحت وطأة مصاصي الأراضي كخنفر أبين، وشباب الجيل الذي تنازعه جهة حكومية للأسف الشديد، غير أن حكاية نادي الميناء تبقى الأشد غرابة بعد أن تحولت ممتلكاته بقدرة قادر إلى حديقة، رغم اعتراف الجميع بملكيتها لنادي الميناء، غير أن الحقيقة التي يجب أن يدركها المسؤولون في عدن هي أنه إذا لم تعد للميناء حقوقه المسلوبة، فإن الحديقة بلا شك ستصبح كتلك المساجد التي لا يصح الصلاة فيها لكون أراضيها مغتصبة.

لابد أن نعلم بأن عدم التعامل بجدية مع مثل هكذا قضايا، لن يفرز لنا غير مزيد من خفافيش الظلام، ولا بد أن ندرك دور الأندية رياضياً واجتماعياً، وما تسهم به في حفظ أوقات الشباب من الضياع، كون الشباب هم نصف الحاضر وكل المستقبل، وما دام أن أنديتنا تعاني من جميع الأمراض المزمنة، فإننا لا يمكن أن نتحمل وصول الحال إلى السطو على ممتلكاتها، فحينما لا يجد شباب الأندية متنفسات لتفريغ طاقاتهم، فإنهم حتما سيتجهون إلى مدارج أخرى كالشوارع ومجالس القات، وإذا ما ضاع شباب بلدنا فلا نملك سوى أن نكبر عليهم أربع تكبيرات ونقرأ على روحهم السلام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى