إطلاق سراح المعتقلين

> د. هشام محسن السقاف:

> جميل أن نكون على هذا القدر من الديمقراطية ليغدو لها يوم وعيد يحتفى به، ولكن الأمر ليس بمثل ذلك الإصرار الذي نراه بالقول وممارسة الضد، فعندما تغلق الكليات في يوم الديمقراطية، دونما إشعار لعماداتها والأساتذة، وتجييش الطلاب للمشاركة في الاحتفال بالديمقراطية عن طريق القسر والإكراه لمن لايريد المشاركة، والاعتداء بالضرب على بعض الطلاب والملاحقة والاعتقال لآخرين، كل ذلك بمثابة ديمقراطية جديدة مفرداتها خوذ الجنود والعصي والهراوات والسجون وما خفي كان أعظم.

فما أعسر على الإنسان أن يرى الأحلام الجميلة التي راودته طويلا، ورأى بعض إرهاصاتها يأتي متزامنا مع الوحدة المباركة، تموت أمام ناظريه دفعة واحدة أو بالتقنين بعد عقدين إلا قليلا من عمر هذه الوحدة.

ينبغي على العقلاء في مؤسسات الحكم، وفي بعض المحافظات التي تشهد احتجاجات جماهيرية سلمية أن تتسم ردات فعلهم بكثير من الحكمة والمرونة والتعامل مع الأوضاع بروح المسئولية الوطنية والدستور والقانون السائدين.

وينبغي أن نذكر هؤلاء بأننا جميعا في سفينة واحدة، وأن مهمة الحفاظ على إبحار آمن لهذه السفينة يهمُّ الجميع في هذا الوطن، كما ينبغي تذكير هؤلاء أيضا بأن فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في كل مراحل حكمه قبل الوحدة وبعدها يتحلى بتلك الروح المتسامحة، ويفسح مجالا واسعا للحوار وقبول الآخر والاستماع إليه، فلا يجوز إطلاقا أن تمضي وتيرة التصعيد من المؤسسات المعنية على هذا النحو المفجع من اعتقالات طالت كثيرا من أصحاب الرأي والكتاب أمثال الإخوة الزملاء علي هيثم الغريب، وأحمد عمر بن فريد وأحمد القمع والعسل وغيرهم، ناهيك عن سياسيين وطلاب كليات وأساتذة جامعيين (أطلقوا فيما بعد، ولايزال المعيد بكلية العلوم الإدارية جامعة عدن عادل إبراهيم، لاتعرف أسرته مقر احتجازه، ووالده هو الباحث المعروف إبراهيم عبدالله عيسى الأستاذ الذي أفنى حياته لخدمة وطنه الثاني اليمن)، كذلك طلاب من جامعة عدن، ينبغي أن نعمل جميعا على توفير سبل الطمأنينة لهم وإيجاد المناخات الملائمة لدراستهم، وهم يدلفون قريبا قاعات الامتحانات النهائية، بدلا من استمرار اعتقال البعض منهم وانشغال الآخرين من زملائهم في احتجاجات المطالبة بالإفراج عنهم.

إنني أتساءل عن كيفية إتمام خطوة إيجابية على طريق الديمقراطية، وهي انتخاب المحافظين- رغم الملاحظات الكثيرة عليها- في ظل أوضاع سياسية واجتماعية تتسم بكل هذا القدر من التوتر والاحتقان والمواجهة، ألم يكن من الحكمة إطلاق سراح المعتقلين على ذمة الأحداث الأخيرة في المحافظات الجنوبية، وغيرها من محافظات الجمهورية، لأن في ذلك بادرة حسن نية لتطبيع الأوضاع التي تسببت في تفجيرها الممارسات الخاطئة إداريا وماليا وسياسيا طوال الفترة الماضية، والمتسبب فيها ليس الناس الذين دفعتهم مثل تلك الأوضاع، وتحديدا في المحافظات الجنوبية، للخروج متظاهرين أو معتصمين، وإنما مجموعة من أصحاب النفوذ الذين لايتجاوزون عدد الأصابع، ولا يجوز التضحية بوطن وشعب من أجلهم، كما جاء في تقرير باصرة الشهير.

مرة أخرى نأمل لصوت العقل والحكمة أن يسود، وأن يتم الإفراج عن جميع المعتقلين، وتجنيب الوطن المزيد من الاحتقان، والالتفات إلى قضايا التنمية والبناء الوطني.. فهل نحن فاعلون؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى