«الأيام» تستقرئ آراء عدد من أعضاء منظمات المجتمع المدني حول تشكيل المجلس اليمني للشفافية ..المجلس بين إيجابية تشكيله وسلبية رؤيته والعضوية فيه

> صنعاء «الأيام» بشرى العامري:

>
أعلنت اليمن التزامها الرسمي بتطبيق مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية، بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (111) الصادر في 13 مارس 2007، وتمَّ قبول اليمن كبلد مرشح في المبادرة في 27 سبتمبر 2007، وتمَّ تعيين وزارة النفط والمعادن لتكون المنسق في تطبيق تلك المبادرة.

وفي أغسطس 2007 تمَّ تكوين المجلس اليمني للشفافية، المكون من عدة أعضاء وسكرتارية مستقلة للمجلس، والهدف من إنشاء المجلس هو مراقبة وتسهيل تطبيق مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية عبر اتخاذ القرارات اللازمة، وضمان الدعم لإنجاز خطة عمل المبادرة، وتضم المبادرة حاليا حوالي 20 بلدا.

وفي اللقاء التشاوري الذي عقده المجلس مع منظمات المجتمع المدني مؤخرا بشأن مبادرة الشفافية أوضح الأستاذ يوسف أبوراس عضو المجلس فيما يتعلق بآلية مشاركة منظمات المجتمع المدني، حيث قال: «كانت المشاركة عبر انتخابات في اجتماع تمت الدعوة إليها في الصحف الرسمية في أكتوبر 2007، وتقدمت عدد من المنظمات بترشيحها، وتمَّ اختيار ثلاث منها حسب ما أحزرته من أصوات».

وعن أهم الإنجازات التي حققها المجلس تحدث قائلا:

«الأهم أن لدينا التزاما سياسيا يتمثل في موافقة الحكومة بقرار مجلس الوزراء على الانضمام إلى المبادرة، والموافقة بغالبية عدد الأعضاء على إخضاع سجلات شركات النفط للمطابقة والتدقيق لتعاقدات مختارة بعد نقاش مستفيض، كما نجحت السكرتارية في تأمين دعم بمبلغ 350 ألف دولار من البنك الدولي لتسيير عمل المجلس وإجراء المراجعة المختارة لحسابات الشركة النفطية، ونجحت منظمات المجتمع المدني في تكوين رأي مساند وسط أعضاء المجلس لتبني الخيار الذي ينص على مطابقة ومراجعة معاملات معينة محددة مع التدقيق الشامل».

وأشار الأستاذ محمد النجار من سكرتارية المجلس اليمني للشفافية إلى أن مبادرة الشفافية مبادرة طوعية، يساندها ائتلاف من شركات وحكومات ومستثمرين ومنظمات مجتمع مدني، وإلى جانب الجهود الرامية لتحسين الشفافية في ممارسات وضع الموازنات الحكومية تشرع مبادرة الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية في تنفيذ عملية يمكن من خلالها للمواطنين في البلدان المعنية مساءلة حكومات بلدانهم عن استخدامات إيرادات النفط والغاز والتعدين.

وقال: «تأتي أهمية هذه المبادرة من كونها خطوة أولى وهامة في مساءلة ومحاسبة صانعي القرار حول كيفية استخدام تلك الإيرادات، وبالتالي إرسال إشارات واضحة للمستثمرين حول البيئة الاستثمارية الصحيحة، وإلى المؤسسات المالية الدولية بأن الحكومة ملتزمة بالشفافية والمساءلة».

وأضاف: «إن تطبيق المبادرة تطبيقا صحيحا من شأنه أن يضمن أن إيرادات النفط والغاز والمعادن تسهم في التنمية المستدامة، والتقليل من الفقر».

«الأيام» سألت عددا من أعضاء منظمات المجتمع المدني لمعرفة آرائهم حول تشكيل المجلس وآلية عمله.

فذكر د.محمد مغرم مدير عام المؤسسة اليمنية لدعم الشفافية والحكم الجيد أن طريقة تشكيل المجلس فيها بعض الغموض، وعدم الشفافية في حد ذاته، وقال: «نحن أمام أمر واقع، وهناك مجلس للشفافية يجب أن يحدد علاقاته مع شركائه الفاعلين، فيما يتعلق بوزارة النفط والمؤسسات الدولية الأخرى كمؤسسات مجتمع مدني تسعى لأن يكون دورها فاعلا في كل مشاريع المبادرة للصناعات الاستخراجية، وليس كـ(شاهد ما شافش حاجة)، لأن بعض الدول تعمد أحيانا إلى أن تكون منظمات المجتمع المدني منظمات ديكورية للزينة فقط».

وأكد على ضرورة دعم المجلس في آليته الحالية إذا كان يعمل جاهدا من أجل الضغط على إيجاد شفافية، وإيجاد مدونة سلوك لكل الشركات الداخلة فيه، وأيضا مدونة لقواعد السلوك والشركات المدققة والمراجعة لهذه المشاريع.

وقال: «نحن في المؤسسة اليمنية لدعم الشفافية نسعى جاهدين، ولدينا بعض النماذج لهذه المدونات، ونحن على استعداد تام للمساعدة».

المحامي خالد الآنسي من منظمة (هود) أشار إلى وجود آلية انتقائية في تصنيف المنظمات الموالية وغير الموالية، وقال: «حتى الآن لاتوجد للمجلس أية رؤية، ولم يستطع حتى اليوم ومنذ إنشائه أن يخرج بتصور ورؤية واضحة يبلغ الرأي العام بها بطريقة واضحة وسلسة لتصل إلى المجتمع اليمني، ويعرف ما يقوم به المجلس».

وأوضح أيضا أن فكرة إنشاء هذا المجلس هي فكرة جيدة، ولكن البدايات غير مطمئنة.

وأكد عبدالرشيد الفقيه رئيس منتدى حوار على ضرورة أن تكون منظمات المجتمع المدني جزءا أساسيا من المجلس.

وقال: «يبدو أنه تمَّ اختيار جهة معينة من منظمات المجتمع المدني موالية للسلطة، وكثير من منظمات المجتمع المدني اليوم قدمت اعتراضها حول آلية تشكيل المجلس وعمله».

إلى ذلك أشار الصحفي صالح الصريمي من منظمة (لا للتوريث) إلى أن أعضاء المجلس نفسه اشتكوا من أنفسهم، ولم يتفقوا حتى الآن فيما بينهم، واستنكر تشكيل المجلس من ثلاث منظمات مجتمع مدني فقط، وأن الممثلين يعتبرون ممثلين حكوميين، وإن اختلفت المسميات، وأن مشاركة المجتمع المدني مشاركة صورية.

وذكر أنه لكي تكون هناك شفافية يجب أن يعطى المجال لمنظمات المجتمع المدني حتى تكون فاعلة، ما لم فليسم المجلس بمسمى حكومي لاتدخل ضمنه منظمات المجتمع المدني.

وقال: «وجود منظمات مجتمع مدني بهذا الشكل وهذا الضعف معناه إعطاء شرعية فقط، وكما عودتنا الحكومة، فهي تصنف منظمتين أو ثلاثا باسم منظمات المجتمع المدني الذي يبلغ عددها الآلاف تقريبا، فهل يعقل أن ثلاثا من منظمات المجتمع المدني تمثل هذه الآلاف؟!».

وأشار إلى أنه لابد على الأقل أن تكون نسبة منظمات المجتمع المدني في المجلس 50%، موضحا أنه حتى اليوم لم يستطع أعضاء المجلس التحرك منذ تشكيله، مشيرا أيضا إلى غياب الجانب الحكومي ومنظمات المجتمع المدني المشاركة في المجلس عن هذا اللقاء.

وفي تصريح خاص لـ «الأيام» أوضح الأخ يوسف أبوراس عضو المجلس وممثل مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان «أن الاجتماع يهدف أساسا للإفصاح وتوضيح ما يجري داخل المجلس، باعتبار أننا نمثل منظمات المجتمع المدني في مجلس الشفافية، وأولى مهامنا أن نلتزم بالشفافية، وهذا الاجتماع اليوم مع منظمات المجتمع المدني، هو لإزالة هذه الضبابية، لأنهم المرجعية بالنسبة لنا وسندنا في هذا العمل».

واستنكر حديث من يشير إلى أن للحكومة تمثيل أكبر في المجلس «فأعضاء المجلس ليسوا كلهم أو أغلبهم حكوميين، فثلاثة منهم أعضاء مجتمع مدني، وعضو يمثل مجلس النواب، وهو جهة غير حكومية، بل جهة تشريعية رقابية على عمل الحكومة، وعضو يمثل الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، وهي بقرار تأسيسها هيئة مستقلة لاتخضع لسلطة غير سلطة القضاء، وثلاثة أعضاء فقط يمثلون جهات حكومية، هي وزارة المالية والنفط والتخطيط، وثلاثة أعضاء آخرون يمثلون ثلاث شركات نفط هي (توتال) و(صافر) و(نكسن)، وبصورة أشمل هناك ثلاثة من منظمات المجتمع المدني وواحد من مجلس النواب وواحد من هيئة مكافحة الفساد، وهم يشكلون خمسة من أصل أحد عشر، وهذا ليس عددا بسيطا».

وعن سبب تعثر المجلس حتى اليوم تحدث قائلا: «طالبنا ونطالب أن نكون مستقلين في مكان وجودنا، وإعطائنا مقرا مستقلا، والآن نعمل من داخل وزارة النفط، وهذا يضعف من شفافيتنا بكل صراحة، لأن المجلس هو رقيب على عدة جهات من ضمنها شركات النفط ووزارة النفط.. إلى آخره، وليس من المنطق أن يكون المجلس في نفس المكان أو الجهة التي يراقبها، وثانيا ميزانية المجلس، فمع أن المانحين ومنهم البنك الدولي خصصوا 350 ألف دولار للمجلس، إلا أننا للأسف لم نستطع التصرف بهذا المبلغ، لعدم وجود حساب، والمفترض أن تقوم وزارة المالية بإنجاز هذا العمل بتوجيه رسالة لفتح حساب حتى نستطيع تنفيذ خطة العمل التي لدينا، والتي تشمل الجانب الإعلامي والتأهيلي وتدريب الأعضاء والسكرتارية.. إلخ».

وعلق حول مبادرة الشفافية قائلا: «مسألة الشفافية جديدة في اليمن، وبالنسبة لنا هو مفهوم جديد، وبدأنا من لاشيء، واستعنا بتجارب بلدان أخرى عن طريق البنك الدولي، وفي المبادرة الدولية للشفافية للصناعات الاستخراجية استعنا ببياناتهم وكتبهم في هذا الشأن».

وعن مدى تعاون وزارة النفط مع المجلس تحدث قائلا: «نحن لاننكر تعاون وزارة النفط معنا، فقد وفرت مقرا لسكرتارية المجلس، ووفرت المواد القرطاسية والأمور التشغيلية البسيطة، لكن مشكلتنا ليست المادة، لأنها متوفرة، إنما هيكلة العمل وتنظيمه بصورة صحيحة».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى