الحضارم لا يبكون وإن..!!

> علي سالم اليزيدي:

> إنهم هؤلاء الذين يمسكون الخيوط ويلعبون بالدمى من داخل الصندوق، أيديهم وبصمات الأيادي تظهر للعيان وكل أفعالهم ضر ومليئة بالسواد ضد التغيير ومجريات الحياة التي تنتعش، رماحهم نحو حضرموت والنية ليست مخبأة في قفص مخفي عن الأنظار، كلا، لقد باتوا يجهرون بهذه النية والفعلة والحملة، ولابد لحضرموت أن تخضع أو تركع ولو من أبنائها البائعين لمن يشتري على الرصيف، ما شهدناه من عبث وضياع للزمن وإقصاء للناس منذ أن سقطت حضرموت بأيديهم ذات نهار، وقالوا يومئذ: «لقد جاء الجمل بما حمل»، وحققوا مبتغاهم وصدقهم نفر من الحضارم يوم كانت أفكار التحرر والقومية والناصرية والأممية فكرا مسطحا أسقط عمق حضرموت، سقطنا بيد هؤلاء ووضعنا في هذه اللحظة مصيرنا بيد غيرنا وتواصل المسلسل بعدئذ.

منذ استيلاء الجبهة القومية على المكلا 1967م قبل خروج الإنجليز من عدن أصبحت حضرموت تملأ الصحن الآن، وهي وجبة مشبعة خالية من العظام، وصاح الصائح آنذاك ما عدانا لن يبقى! وشحنت حضرموت بما يفوق حمولتها من أفكار اليسار إلى اليمين إلى الموت والسجون، إنها تعاقب هنا حتى تسكت وتخضع وتنام في حضن المربية القادمة من هناك، وفي يوم وهذا ما يسجله المؤرخون ويحكيه السياسيون ونكرره بندم! سقط نظام مدني وضاء في الجزيرة العربية.. وسحقت دولة حملت مشاعل التنوير والثقافة والنظام والسلام في كل جنوب الجزيرة العربية، بل قال عنها عدد من المتابعين أنها ريادة للنهضة العربية واليمنية والخليجية وقليل من مراكز التنوير والإشعاع عايشتها قبل ظهور ثورة يوليو في مصر والحراك الثوري بعدئذ في الهند وأندونيسيا وشرق أفريقيا المجاورة.

إذا أردنا الصدق والواقع هنا لنفتح أولى الملفات ونقرأ الورقة التي أمامنا، قال مفكر غربي: «أرادوا إسقاط تأثير حضرموت على المنطقة وتكفل الإنجليز مع قوى أوروبية وإقليمية بإنجاز هذه المهمة، لابد من ضمان حضرموت أولا»، وأضاف هذا المفكر الغربي: يجب أن نشعر أن حضرموت بين أصابعنا كالخاتم! أما الزريق إلا زريق، فهو إظهار البسالة في الحديث عن الاستيلاء والإسقاط وغيره، فمن ساعد من؟! ومن أسقط حضرموت لصالحهم ثم أمسكوا بها، وأطاحوا بالوزراء الحضارم، ثم محاكمات الحضارم والإعدامات من الشهيد بدر الكسادي إلى بن سميدع إلى رفاق زيدان إلى سجن ونفي آلاف الحضارم، وتوقف الزمن في المكلا والشحر وسيئون، وفتح الباب للصراعات الداخلية وتمركز اليسار في حضرموت، وما شهدته يوم جاء الأشطل، وما حدث بعد ذلك حديثاً طويلاً طويلاً.

نهب المال الحضرمي وهو من باطن الأرض، قبل اليوم! ذهب الحضارم إلى عدن حيث مركز الدولة، ذهب فيصل بن شملان ومحمد بافقيه وسعيد العكبري وعباس العيدروس ومحمد باحشوان.. وعادوا! ثم قالوا: لقد كان لنا أمل بأن يكون لحضرموت دور كبير وفي واجهة الدولة الجديدة، فإذا بنا أمام جيش لا نهاية له!، لا أحد منا في الحكم، الرئاسة من مناطق قروية نائية، وتشابك بالأيدي ويسيل الدم، لأنها نقلت صراع القبيلة إلى الحكم، وامتد هذا من 1968م و1969م إلى 1978م إلى 1986م إلى ما قبل 22 مايو 1990م، حينما قال علي سالم البيض:إنهم يتآمرون عليَّ والهروب هو نحو الوحدة !!

ظهر المال الحضرمي بعيداً عن حضرموت، وكما سبق له في دورة زمنية سابقة عندما فتحت دول جنوب شرق آسيا وشرق أفريقيا ثروتها للحضارم، وقدم أبوبكر شيخ الكاف مع فكر المال ثقافة الإصلاح الحضرمية، وسبق السلطان صالح بن غالب القعيطي عصره بالإنجازات العلمية والثقافية والإدارية، أراد المال القادم أرضاً ينام بها ويكبر وحصل عليها تحت رقابة البريطانيين، قفزت المنطقة الحضرمية وظهرت الشركات والموانئ والمطارات والاستثمار وتوظيف الأموال وبيوت المال، وجاء آل بامطرف والحضرمي وباعبيد وباشراحيل والناخبي وباعوم وباشنفر وبوسبعة ثم دخلوا عدن وتوظفت الأموال هناك، ولم يعد الحضرمي هو الشحاري صاحب دكان (الحومر)، فظهرت العمارات والوكالات والمصانع في عدن والمكلا، وانتعشت الموانئ، وكلما رست باخرة بميناء عدن صاح الصائح إنه مال من جاوا! إنه مال لندن! إنه للحضارم! وللهنود وللإيرانيين أصحاب أول وكالات بالتواهي.. أليس هذا في الورقة الأولى من قصة المال في جنوب الجزيرة العربية! هل تقرأ جيداً أم حماقة العقل أعمت العيون والعقل..!

كان المال الذي ظهر بعيداً عن حضرموت وهو يبحث عن كل حضرموت من عدن إلى المهرة، وعن كل اليمن من صعدة إلى البيضاء، وعن أرض العرب من الكويت إلى سقطرى، ومثلما نهض ميناء المكلا وبلحاف وخلف نهض ميناء عدن وميناء البريقة، وما الفرق؟ ولماذا البكاء خوفاً من الحضارم ومال الحضارم؟!، وأيام الحضارم القادمات، لا مفر ولا مستقر إلا بنا! ويوم لم نحتسب في الحكم في عدن دون رجال وعسكر ضعفت الريشة وجفت وخرجت، وقالوا (فرفرت لواح) ولحضرموت دورها القادم، نحن لم نبك عندما أبعدنا من الحكم واستلمتم أنتم رأس الدولة مرات ومرات، رضينا بالظلم، فما الذي يبكيكم من مالنا الآن؟ بل على ميناء عدن ولحظة أن دخله حضرمي من أبناء نفس الزمن ورطنت عدن! لأن المال حضرمي!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى