حتى على الفضائية .. المرشدي يكسب !

> «الأيام» أحمد المهندس:

> لم أحس بعقارب الوقت التي اقتربت من الثالثة والنصف صباحاً من مساء يوم جدواي منعش .. وأنا أستمتع بمشاهدة وسماع برنامج «أوتار يمنية» على قناة الفضائية اليمنية .

والسبب أيه السبب .. على رأى صوت الأرض الراحل طلال مداح.. أن من كانت تعرض أغانيهم الإبداعية فنانون من أهل الفن والأصالة الطربية رحل الأول عن دنيانا ولاتزال أعماله الغنائية خالدة في الوجدان، والثاني أطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية .. مازال بيننا يمنحنا بأغانيه بين الحين والآخر وبوجوده الإنساني وبعطائه الكتابي متعة الشوق وأغاني وألحانا وأعمالا لاتنسى من الذاكرة والقلب ..الأول الفنان الكبير الراحل المقيم أحمد بن أحمد قاسم.. والثاني الفنان الكبير القمة محمد مرشد ناجي .

وقد وفقت الفضائية اليمنية بعرض أغانيها في أكثر من دورة، ومساء ذلك اليوم الجميل .. وقد قدما أجمل إبداعاتهما من كلمات أشهر شعراء الأغنية اليمنية، ومن ألحانهما المميزة بايقاعاتها التي تحرك نياط القلب وفيوزه .. لا أدري لماذا تذكرت تلك الحفلات الفنية التي كان يقدمها لجمهور عدن المطربان المرشدي وقاسم في أوج النهضة الفنية والثقافية لعدن الزهراء .. إبان حقبة الخمسينات وبالذات عام 56م .. والتي سمعت عنها وقرأت عن أحداثها في أرشيف صحف ومجلات ذلك الزمن الجميل كمتتبع لتاريخ الأغنية اليمنية ومبدعيها، حيث كان يقيم المرشدي حفلاته على مسارح الشيخ عثمان، وقاسم على مسرح البادري .

وكان التنافس الشريف فنياً سمتها .. حيث يحرص كل فنان على تقديم جديده وقديمه من أحلى الأغاني والألحان، وإطراب أسماع المستمعين الحاضرين لتلك الحفلات الذين كانوا ينقسمون إلى جزئين أو فئتين، جزء يشجع الفنان محمد مرشد ناجي، وجزء آخر مع الفنان أحمد قاسم .

وكانت حفلات المرشدي الأضخم من حيث الحضور الجماهيري، ونفاد التذاكر بفترة تسبق إقامة الحفلة .. وإن كانت حفلات أحمد قاسم أيضا ناجحة بكل المقاييس الفنية .. ولكن النجاح الأكبر كان من نصيب المرشدي، الذي كانت أغانيه نابعة من تراث اليمن بكل ألوان طيفه كالعدني واللحجي واليافعي والحضرمي .

تدخل قلوب وآذان جمهور الحضور في الداخل والخارج الذي لم يسعفه الحظ للظفر بتذكرة الدخول والاستمتاع بمعسول الكلمات والألحان وصوت المرشدي الهبة المميز والرائع .

بينما أغاني أحمد قاسم يغلب على ألحانها الطابع المصري من حيث بعض الألحان وأسلوب الأداء .. فقد كان متأثراً بمثل هذا اللون، وفريد الأطرش وعزفه المتفرد على العود، الذي برع فيه أحمد قاسم أيضاً .

ولايعني هذا أنه لم تكن هناك أغانٍ يمنية له .. بالعكس كانت له أغانيه اليمنية الرائعة الكلمات وبألحانه التي تؤكد عبقرية هذا الفنان .

محمد مرشد ناجي كان شعبياً في أغانيه وحياته، يعرفه القاصي والداني في عدن والشيخ عثمان والمكلا وكريتر والبريقة وكل الأرياف والمناطق البعيدة في حضرموت ويافع والبيضاء .

وهذا ما جعله على امتداد تاريخه الفني الطويل الزاخر بالعطاء .. أكثر الفنانين اليمنيين شهرة ومكانة في موطنه والعالم العربي .. وكان لثقافته دور في ترسيخ هذا الشعور والتميز .. فقد كان فناناً لكل الطبقات الإنسانية اليمنية .

ونعود لأغنيات تلك الليلة عبر الفضائية اليمنية التي أكدت بعد هذه السنوات الطويلة والتنافس ..أن الفنان الكبير محمد مرشد ناجي لايزال في القمة، والأول من حيث نجاح أغانيه وشعبيته الجارفة .

فقد تخيلت العملاقين المرشدي وقاسم في تنافس امتد مجدداً عبر الأجيال والأزمان، وعبر وسيلة العصر .

وكانت كالعادة الغلبة الفنية لأغاني المرشدي .. ولا تعتبروا ذلك تحيزاً لفنان بقامة المرشدي لا يحتاج بعد هذا العمر المديد إن شاء الله .. والأعمال الغنائية الخالدة إلى مثلي من المتابعين الذين لايزالون يتلقون المعرفة والمعلومة من أمثـاله من الرواد في الفن والثقافة العربية .

ولكنها كلمة حق .. وجدت نفسي أسطرها بعد أن فرغت من المشاهدة والاستماع إلى أجمل الأغاني اليمنية التاريخية والأصيلة من مبدعين كبيرين كالمرشدي وقاسم، هل أزيد؟ لا أعتقد، فقد قلت كل ما عندي .. وعليكم المقارنة والعودة إلى الماضي الممتع ولزمن أكثر إمتاعاً وعبقرية وفناً .

فحتى على الفضائية في زمن الفضاء المفتوح والإنترنت حفلات وأغاني المرشدي تكسب، وسلامتكم .

صحفي وأديب سعودي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى