بوابة الريح

> عبدالقوي الأشول:

> «لماذا خبا ضوء المصباح؟ لقد أحطته بردائي لأقيه الريح لهذا خبا .. لماذا ذبلت الزهرة؟ لقد ضممتها إلى قلبي بقلق وحب لهذا ذبلت

لماذا جف الغدير؟ لقد اعترضت مجراه بالسدود ليكون لي وحدي لهذا جف

لماذا انقطع وتر القيثارة؟ حاولت أن أوقع عليه لحنا يفوق طاقته لهذا انقطع..» (طاغور)

آملين أن لايخبو ضوء المصباح، وأن لايجف الغدير.

يرى (ماكيفلي) أن الأفضل أن يكون الحاكم محبوبا ومخيفا في آن واحد، لأن الحب كما يرى يلزمنا أشياء نقدمها للناس، فإذا ما تحققت فإنهم ينسون ذلك سريعا، أما الخوف فهو فزع من العقاب دائما. ورغم أفكار هذا الفيلسوف الشيطانية إلا أن قاعدتها هي التي تطبق في الكثير من الحالات بغض النظر عن تجاوزها القيم والأخلاق.

ولأننا أمام مفارقة موجعة محزنة، وإزاء حالة فرط حب واحتواء، وهواجس قلق وريبة، الأمر الذي قاد إلى فكرة إحياء أنفاس الماضي ببهو ساحات سجونه وزنازينه، متجاوزين ما زعمنا من هدم طال بعض تلك الأقبية الرهيبة بكل ما ارتبط بماضيها من ظلم وكبت وإزهاق للأرواح وتكميم للأفواه، إنها وبحق نافذة الريح الشيطانية التي حجبت عنا عطاء العقل وإبداعاته.

بعض من هذه الصروح تحول إلى مدرسة، كما هو الحال مع سجن فتح، إلا أن الصورة ما لبثت أن فاجأتنا بمعطيات جديدة فيها استنساخ لصورة أكثر من فتح وأرهب من دار البشائر، وكل زنازين وأقبية سجون الأمس، وربما يكون واقع الحال اليوم أشد وأمضى وأقسى على النفوس، لأننا ببساطة حلمنا بواقع مغاير، وحاضر يليق بآدمية الإنسان، فمن المؤسف والمحزن حقا أن نجد أنفسنا أمام فتح آخر ودار بشائر أخرى، وكل هذه الأمكنة البائسة التي لاتبشر بخير، رغم ما في مسمياتها التفاؤلية من إيحاء بذلك.

على جدرانها المتجهمة وعند قاع زنازينها الرطبة التي احتوت أجساد وعقول خيرة أبناء هذه الأمة، كتب أحدهم ذات يوم لعنة الدهر، ومضى مع من مضوا.. ومضوا ظلما.

زنزانة الرعب ما أقسى لياليكِ

تبا لهم تبا لكِ تبا لبانيكِ

فهل بات الحال صيرورة حياتية وقدرية، ولايمكن الولوج إلى ساحة الحياة والبناء إلا من خلالها؟!. إنها مدرسة تدمير النفوس وتهشيم نسيج المواطنة،إنها ساحة جدب وأرض عواصف وأنواء ورياح عاتية تطفئ مصباح العقل ونبراسه.. فهل ترون في أمرها اليوم جنات عدن يمكن أن تورف على حواف تلك الأحراش القمئة والزوايا الحادة.

أحد منكم لايستطيع تجميل القبح، لا بل يمكنكم استنباط جماليات أرواح نزلائها، وطهرهم ونبلهم وأثوابهم البعيدة عن الدنس.

لا بل وطنيتهم المخلصة وقناعاتهم التي ليس فيها أبواب مشرعة للمساومة، لذلك تبدو ظلمة زنازينهم مضيئة كأرواحهم، نقية نقاء هذا الوطن، وهذه الوحدة المفترى عليها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى