ياحكومة خذي المرتب واصرفي على عيالنا

> محمد عبدالله باشراحيل:

> بطبيعة الحال فإن مادة النفط تدخل ضمن مستلزمات إنتاج أي سلعة أو خدمة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وأن أية زيادة في سعرها تؤدي إلى زيادة في تكلفة ذلك الإنتاج، وبالتالي فمع كل زيادة في أسعار النفط تلاحظ الزيادة على أسعار السلع بوجه عام والمستوردة منها بوجه خاص، وهي التي تمثل أكثر من 70% من إجمالي السلع المستهلكة في الجمهورية اليمنية.. والمشكلة في هذه البلاد أن السلطة جعلت من ارتفاع الأسعار العالمية وحدها شماعة تعلق عليها كل سياساتها الخاطئة، وبالأخص الاقتصادية منها، لتبرير الزيادة المهولة في أسعار السلع المستوردة والمحلية، بينما في الحقيقة هناك أسباب أخرى داخلية تساعد على ارتفاع الأسعار، منها احتكار تجار معينين استيراد أهم السلع الغذائية بتنسيق مع متنفذين فاسدين في السلطة، وكذا غياب المخزون الإستراتيجي ضمن سياسة عامة للأمن الغذائي، هذا بالإضافة إلى القصور الكبير في البرامج التنموية المتكاملة.

الجدير بالإشارة أن المنظمة الدولية للأغذية والزراعة قد أعلنت في أكتوبر الماضي أن عام 2008 هو عام أزمة الغذاء، وبالرغم من ذلك نجد مع الأسف أن السلطة لم تتخذ أي حيطة أو إجراءات لمواجهة هذه المشكلة، فالفساد والغرور والمكابرة واللامبالاة من سماتها، فها هي البلاد تغرق في الغلاء والفقر والأزمات، وكأن السلطة تتبنى- عمدا- سياسات الإفقار وخلق الأزمات، بينما نلاحظ أن كثيرا من الدول قد اتخذت إجراءات لحماية شعوبها من أزمة الغذاء ومن لهيب الأسعار، فمنها من ألغى الضريبة الجمركية على المواد الغدائية، ومنها من أوقف تصدير القمح وأنواع من الرز كالهند، ومنها من زاد المرتبات بنسبة 30% مثل مصر وفنزويلا.. وفي بلادنا اكتفت السلطة بإصدار قرار بإضافة (3000) ريال إلى مرتبات الموظفين و (1500) ريال إلى معاشات المتقاعدين، وكأنها بهذا الإجراء المرتجل وغير المدروس قد قامت بواجبها تجاه الموظف الحكومي والمتقاعد فقط، فماذا عن بقية المواطنين، وهم أغلبية الشعب ألن يتأثروا بارتفاع الأسعار؟!

صحيح أن المسئولين في السلطة لايشعرون بلهيب الأسعار، (فالنار لاتحرق إلا رجل واطيها). ونحن نعتقد أن زيادة أسعار النفط في بلادنا هي الداء أو السبب في ارتفاع الأسعار الذي يمثل المشكلة، وهي كذلك الدواء أو السبب في زيادة موارد الدولة التي منها يمكن حل المشكلة، وعليه فإنه من الحلول العاجلة التي نقترحها بإيجاز مايلي:

-1 إنشاء صندوقين يمولان من الزيادات المحققة من ارتفاع أسعار النفط، يخصص الأول لدعم أسعار المواد الغذائية الأساسية، وسيستفيد منه كافة المواطنين، أما الثاني فيخصص لدعم مرتبات موظفي الدولة ومعاشات المتقاعدين لمواجهة ارتفاع الأسعار بوجه عام.

-2 ترشيد الإنفاق الحكومي جديا، وتقليص نفقات الضيافة والترف والسفر والعلاج الخارجي للمسئولين إلى 50% على الأقل.

-3 العمل تدريجيا والبدء فورا بتخفيض الإنفاق على الأمن والدفاع.

ولكن فوق كل ذلك فإن الحل الحقيقي والعملي والدائم يبدأ من تعامل السلطة مع المشاكل السياسية، بواقعية وعقلانية، وفي مقدمتها قضيتي الجنوب وصعدة، فاللجوء إلى العنف والاعتقالات في مواجهة الاعتصامات السلمية، واستخدام آلة الحرب هنا وهناك، والتي تهدر فيها الأنفس والأموال والوقت، ليست الحل، بل تزيد الأمور تعقيدا، وتخدم فقط مصالح فئة فاسدة داخل وخارج السلطة، وتعيق عملية التنمية.

فإذا كانت الأسعار قد زادت حاليا بحوالي 100% عن 2005، وساءت معها الأحوال المعيشية، وأصبحت المرتبات والمعاشات حتى مع الزيادات الهزيلة (لاتسمن ولاتغني من جوع) فقد عجز بعض الموظفين عن توزيع مرتباتهم على قوت أسرهم، لدرجة قولهم «يا حكومة خذي المرتبات واصرفي على عيالنا!»، ونحن نقول إن المجاعة قادمة إذا لم تع ِالسلطة هذه المشكلة، والمشاكل السياسية الأخرى. والله لطيف بعباده!.

[email protected]

كبير خبراء سابق بالأسكوا الأمم المتحدة

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى