استراحة جَمَل

> السفير/ نبيل خالد ميسري:

> بنظرة خاطفة للصفات التي يتمتع بها الجمل ومنها: الوفاء - العطاء - الصبر - التحمل - القوة - العزيمة- العزة- الشموخ- التواضع - البساطة وغيرها، وبالعودة علمياً للصفات التي خلق الله بها الجمل فإن المطلع يذهل من مجموع الصفات التي منحها الله هذا الحيوان.

وعندما يستريح الجمل لبعض الوقت فلا يعني التخلي عن الوصول لهدفه وإنما استراحة لتزويده بالتصميم على الاستمرار رغم البيئة القاسية التي من حوله. وهكذا الشعوب الحرة التي يمثل الجمل نموذجاً واحداً من صفاتها، فالاستراحة القصيرة تكون مهمة للوصول إلى هدفها.

وبالعودة إلى ما قبل 22مايو 1990م عندما فرح الشعب اليمني بشطريه بقيام الوحدة، رغم اتخاذ القرار سياسياً إلا أنه اعتبر تخلصاً من الأوضاع السابقة والأمل بمستقبل زاهر للأجيال القادمة.

والوحدة التي أقيمت في 22 مايو 1990م هي وحدة شراكة بين أبناء دولتين اتفقا على الشراكة في بناء دولة حديثة بمقومات القرن الواحد والعشرين. ولكن مما يلاحظ اليوم وبعد ثمانية عشر عاماً أن هناك آراء متباينة حول العديد من السياسات المتبعة، التي أفقدت اليمنيين حلمهم الكبير، بل أنها أدت إلى توسيع الشرخ الاجتماعي بين أبناء الوطن الواحد، وهي حقيقة لا يمكن نكرانها، وخطيرة جداً على مستقبل أبنائنا وحفدتنا إذا لم نسع لإصلاحها بصورة عاجلة.

إن المسيرات السلمية التي تجوب العديد من المدن اليمنية إنما هي حق طبيعي وفقاً للدستور، ولكن نظراً لعدم وجود آلية موحدة تحقق المطالب الشرعية، وهي متنوعة من موقع لآخر، وعليه لابد من البحث عن آلية ناجحة لتعزيز المسيرات السلمية لتحقيق أهدافها.

وكما تطرقنا سلفاً أن الوحدة عبارة عن شراكة بين أبناء الشطرين السابقين وليس بين السلطتين القائمتين آنذاك، لهذا فإن المسيرات السلمية لن تحقق نجاحاً كبيراً إذا ما استمرت على نهجها المتشتت حول المطالب الآنية أو المطالبة بالانفصال، ولذلك من أجل تحقيق خطوة متقدمة لابد من رفع شعار المطالبة فقط بالشراكة بين أبناء الشطرين، ويقصد بالشراكة تحديد مسار ومستقبل الدولة المنشودة باتفاق أبناء الشطرين عبر قياداتها المنتخبة والممثلة الشرعية لها وفقا لانتخابات حرة ونزيهة ومباشرة من الشعب نفسه.

إن المشاهد التي نراها منذ أكثر من عام حققت خطوات مهمة في كسر حاجز الخوف للمواطن اليمني في عموم اليمن وأسست لمرحلة جديدة للنضال السلمي، ولكن تشتت الأهداف والمصالح والرؤى أفقد هذا النضال الكثير والكثير من إيجابياته، ولذلك نعتقد أن الطريق الصحيح للحفاظ على الوطن والمواطن أن يتم الاعتراف بشراكة أبناء الشطرين في تقرير مستقبل اليمن، ولن يأتي ذلك إلا من خلال وجود انتخاب حر ونزيه لممثلين من أبنائها.

وكنا نأمل أن يكون انتخاب المحافظين هو اللبنة الأولى لتأسيس مرحلة مهمة للشراكة وبناء دولة وفقا للآلية المتفق عليها، إلا أن الآلية الحالية لانتخاب المحافظين أفقدت روح ومعنى هذا الحدث المهم الذي كنا في انتظاره.

إن الحل يبدأ باتفاق أبناء اليمن قاطبة في وضع هدف واحد والنضال من أجل تحقيقه، ألا وهو أن الوحدة هي شراكة بين أبناء الشطرين، وبالتالي فإن الانتخاب الحر والنزيه لأبناء كل محافظة لاختيار محافظيها وممثليها في المجالس المحلية وغيرها هي الطريق الوحيد لتطبيق الدستور الذي يعطي السلطة للشعب في اختيار ممثليه .. هذه هي البوابة الأولى للنضال السلمي الصحيح بعيداً عن المطالب الآنية.

نأمل استيعاب ذلك قبل فوات الأوان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى