الملاحي في اتحاد الأدباء والكتاب بالمكلا.. منهجه في الحياة:عقلانية التفكير وحرية التعبير وخوض معارك التغيير

> «الأيام» وليد محمود التميمي:

>
أبرز محطات النهوض في المسارين الأدبي والبحثي في حياة المؤرخ والباحث عبدالرحمن عبدالكريم الملاحي وتجربته في حقلي التربية والتعليم والثقافة كانت محور حديثه الحميمي في اتحاد الأدباء والكتاب بالمكلا في فعالية الأربعاء الماضي، إذ عرج الباحث الملاحي على مواقف من حياته كان لها أثر في تحول إدراكه وإثراء فهمه ووعيه، فتحقق حلمه الذي طالما راوده منذ نعومة أظفاره، فبات كاتبا ومؤلفا يشار إليه بالبنان.

كتاباته القصصية

البداية كانت بمرحلة الطفولة، حيث نشأ الملاحي وترعرع في كنف أسرة متدينة لقنته صنوف العلم والمعرفة وسهلت على أبنائها فرص الاغتراف من زاد الثقافة العامة والأدب، فاستقى معينها من سطور مجلدات ومؤلفات ضخمة ارتصت في دواليب وأدراج مكتبة أسرة الملاحي العريقة.

وتطرق الباحث الملاحي لفترة دراسته في المرحلة المتوسطة والتحاقه بدار المعلمين في أربعينيات وخمسينيات القرن المنصرم التي ساهمت في تشكيل تطلعاته الأدبية والفكرية، وتجاوز واقع الثقافة التقليدية في حضرموت إلى عالم التجديد والانفتاح في الثقافة العربية، فتعززت تجاربه في كتابه القصة القصيرة، حيث نشرت أولى قصصه بعنوان (صراع الحب) في العدد 57 من صحيفة «الطليعة» في يونيو 1960م ليواصل فيما بعد كتاباته القصصية في صحيفة «الشرارة»، وغيرها من الصحف، مؤكدا أنه مازال يكتب القصة القصيرة مستلهما مادتها من مضمون الفكر والرؤيا إلى واقع الأمة الإسلامية، ومن بين هذه القصص (المثال، فار الحلاق، هو والباقية، أي شيء..).

كتاباته المسرحية

ولاتساع مساحات الخيال وتوارد الخواطر والتقاط المتناقضات من واقع الحياة البشرية، نزع الملاحي إلى كتابة المسرحية الواقعية ثم التاريخية ثم الذهنية، فكتب أولى مسرحياته عام 1968م (الثائر المجهول)، لتتوالى بعد ذلك كتاباته المسرحية (وأشرقت الشمس 1970م) و(الحصاد 1973م) و(لأجل أبي) و(حكاية قرية) و(الرحالة) التي فازت بجائزة أفضل نص مسرحي من وزارة الثقافة والسياحة عام 1983م، كما كتب عدداً من نصوص المسرح المدرسي من بينها مسرحية (حراس القرية والنداء)، معلناً أن بحوزته العديد من المشاريع المسرحية التي حالت انشغالاته دون إكمالها كمسرحية (الهارمولين) أي الحرمل، ومسرحيتي (أهلا بالعروسة) و(الجزيرة).

من المكلا إلى عدن

وتحدث الملاحي عن ظروف انتقاله إلى عدن بعد عشرين سنة قضاها في خدمة التعليم، حيث شارك في مؤتمر المسرحيين اليمنيين وانتخب أميناً عاماً لاتحاد المسرحيين، فتحول إلى وزارة الثقافة ليطغى بعد ذلك الجانب الثقافي على الجانب التربوي في حياته، فكان له حضور في مؤتمرات مسرحية أقيمت في دمشق وألمانيا الديمقراطية وبغداد ككاتب مسرحي، فنشر سلسلة من الأبحاث المسرحية عن واقع الحركة المسرحية في حضرموت والنشاط المسرحي في حضرموت خلال عشرين عاماً- دراسة تحليلية- وتاريخ المسرح في مديرية الشحر وحرية المرأة في مسرح المحضار الغنائي، ليسيطر على اهتماماته بعد ذلك الجانب البحثي على الأدبي بعد أن أدرج اسمه ضمن لجنة للتنقيب عن التراث، مستعرضاً رؤيته عن الثقافة الشعبية والموروث الشعبي ودوره في إنشاء وإدارة مكتب الثقافة في حضرموت في مايو 1975م إلى أن تفرغ مطلع الثمانينات من العمل الإداري لتدوين الموروث الشعبي بألوانه المختلفة، مقتدياً بوالده وأخيه الأكبر الشاعر عبدالله عبدالكريم الملاحي والأستاذ المؤرخ سعيد عوض باوزير يرحمهم الله، حيث تأثر بعلم هذا الأخير وسلوكه ومنهجه التعريفي للتاريخ، وسلك دربه في عقلانية التفكير وحرية التعبير وخوض معارك التغيير، مشيراً في هذا السياق إلى دور الأستاذ محمد عبدالقادر بامطرف الذي استفاد منه في كيفية التعامل مع الدلالات الشعبية في الشعر والحكايات والأمثال وحوادث المجتمع في التاريخ الحديث.

دراسة الثقافة الشعبية

مؤكدا أن الفضل الكبير في توجهه لدراسة الثقافة الشعبية يعود إلى زيارته الأولى لوادي بدش عام 1952م، حيث تعرف أكثر على غناء الحداء وأنواعه، وبداية تلمسه لمدخل بحث عن علاقة الرجل والمرأة في المجتمع المشقاصي، وبحثه في تاريخ وجود الفرس في المنطقة مما شجعه على المضي قدماً في البحث عن العلاقة الجذرية بين القصيدة المشقاصية والقصيدة النقشية.

مشيراً إلى أن مهمة جمع الموروث الشعبي والثقافة الشعبية العامة تمر بثلاث مراحل: التجميع ثم التنقيب والمراجعة والتدوين، وأضاف أن جانباً من تفكيره انصب على فن الملاحة البحرية، مطلعاً على معارف الملاحين، متابعاً كتبهم ومؤلفاتهم ومصنفاتهم التي تحكي غزارة علمهم، الأمر الذي حفزه على دراسة علم الفلك وقراءة المخطوطات المحلية التي تبرهن على أن الحضارم الذين ولعوا بكتابة علم الفلك كانت لهم صيغة حضرمية بلورة مصطلح التاريخ الشبامي والتقويم الشبامي الذي انتقل إلى خارج نطاق حضرموت بالتسمية نفسها والملامح ذاتها.

الملاحي والدكتوراه الفخرية

وفي ختام الأمسية تداول الحضور وجلهم من مثقفي وأدباء وكتاب حضرموت مقترح السعي لدى جامعة حضرموت للعلوم والتكنولوجيا لمنح الأستاذ الباحث عبدالرحمن عبدالكريم الملاحي الدكتوراه الفخرية نظير ما قدمه من مؤلفات رفدت المكتبة التاريخية الحضرمية واليمنية والعربية بالكثير من الدراسات والبحوث والإصدارات الأدبية والثقافية التي تعد بحق مادة خصبة لكل المهتمين والباحثين والدارسين في الداخل والمستشرقين الذين يرصدون حركة المجتمع الحضرمي وتأثيره وتطوره عبر التاريخ.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى