سؤال جدير بالتأمل

> قائد دربان:

> السؤال الذي طرحه الدكتور محمد حيدرة مسدوس في خاتمة موضوعه المعنون (نداء عام إلى أصحاب الحراك السلمي والرأي العام)، المنشور في صحيفة «الأيام» العدد (5393) بتاريخ 4 مايو الماضي، والموجه لعلماء الدين في اليمن، وتحديدا أولئك العلماء الذين تبرعوا بالكثير من (حشرجتهم) للتحريض ضد أبناء الجنوب، وتجريم مطالبهم المشروعة إلى مستوى الوصم بالخيانة، بل إلى حد التكفير، وإجازة مقاتلتهم كمارقين وخارجين عن الدين والملة والثوابت!

من الحري جدا أن نعيد طرحه مجددا، لا لأننا أعجبنا به على سواه من التساؤلات والإيضاحات التي سردها الأستاذ مسدوس في سياق الموضوع الآنف الذكر، فالحق أن كامل الكلام الذي أورده تحلى بمصداقية صريحة، وملامسة شجاعة لحقائق الأمور، لاتستوجب التعليق بشيء، طالما بدا بكامل الوضوح.

فقط الذي أعنيه، أنني ارتأيت في طبيعة السؤال خاصية تستثير الانتباه والتأمل نحو الماضي البعيد والراهن الذي نعيشه والتفكير العميق بمساقات التوحد التي نشدتها أقوام زمان، والتي تفككت أوصالها وصارت إربا بفعل عامل الظلم المستمر إلى يومنا هذا، وبوتيرة أشد في حاضرنا، في ظل توافر وسائل الفتك الحديثة. السؤال بما هو سؤال فإنه يستحضر حيثيات تاريخية شديدة الصلة بحاضرنا المعاش، فالظلم هو الظلم، كان قديما أم معاصرا، ووقعه على المظلوم بذات المرارة، ولو اختلف الزمان والمكان، وربما أكثر في عصر المعرفة، لأن «زيادة المعرفة في الإنسان تؤدي إلى زيادة آلامه» (شوبنهور)، ولعلنا بتكرار سؤال الدكتور مسدوس نتفكر أكثر في السبب الذي دمر مداميك توحد الأقوام التي خلت، ولماذا انهارت الخلافة الإسلامية وسقطت الممالك والدول، وما الذي أعاق أصحاب لغة الضاد من التوحد، ألم يكن الظلم وحده هو المانع لأي توحد بشري على مر التاريخ، وهو الباعث للفرقة والتناحر والنكبات؟!.

ثم، نحن كيمنيين، إزاء حقيقة من هذا النوع، نسأل ذات السؤال، ونكرره مرارا للذين اعتكرت آفاقهم: هل المظلوم هو الذي يخون الوحدة التي ارتضيناها في 22 مايو 90م، أم أن الظالم هو الذي يخونها، ونسف مقوماتها، وجيرها بالمطلق لصالح أهوائه ومطامعه؟! ثم سؤال آخر في ذات المنحى لهؤلاء العلماء وسواهم من المعتمين بمصالحهم الضيقة: ماذا تعني لكم الوحدة؟ هل هي وحدة الجغرافيا، أم وحدة القلة المستأثرة بخيرات البلاد والجاثمة على الرقاب، أم وحدة مصالح كل أبناء الوطن؟! نتمنى على هؤلاء العلماء أن يتملوا جيدا في شكل الظلم القائم، وكيف يمكن لوحدة أن تتوطد دعائمها أو ترسى مداميكها في ظل ازدياد تجبر الظالم على المظلوم؟!.

وعودة إلى فحوى سؤال الدكتور مسدوس: ياترى من الذي يخون وحدتنا اليمنية ويضربها في الصميم؟! ودعوكم من شعور الزهو بسياج القوة الحامي للباطل، «إن الباطل كان زهوقا»!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى