كــركــر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

> بعض الناس يعيشون في هذه الحياة بدون مبرر.. أو بمعنى آخر أن وجودهم كعدمه.. أي أن لهم وجودا، ولكن هذا الوجود ليس له وجود بالمعنى الصحيح.. والذين يزعمون بأن لهم وجودا في الحياة لايستطيعون أن يفعلوا شيئا.. فهم غير قادرين على تطبيق أي شيء على (أنفسهم) كما يفعلون مع (غيرهم) من الناس.. ومن المحتمل أن يكون بعضهم من الذين تنكروا لهم.. هم الذين علموهم مرتين عندما كانوا طلبة ومدرسين.. لذلك لايجدون عذرا لأنفسهم.. فهم ضحية طموحات حالمة غير مشروعة أدت بهم إلى الفساد والنصب والسرقة والاحتيال.

> لذلك يجب إعادة النظر في هذا النوع من الناس.. ويجب دراسة ظروفهم الاجتماعية والنفسية وتجاربهم العاطفية الفاشلة.. ومن المؤكد أنك لن تجد لهم مثيلا.. كأنهم نوع من العملات المزيفة أو المزورة تتداولها الأيدي بلا أهمية ولاقيمة لها.. فهي مبتذلة ورخيصة في أسواق الذهب والفضة وأوراق البنكنوت.. وهم عند الحساب يبحثون عمن يدفع عنهم الثمن.. وأن يكون مسئولا عن أخطائهم التي اقترفوها.. والفلوس التي سرقوها.. أي أن يكون الضحية الجديدة.. والحَمَل الوديع الذي وقف في أسفل الوادي.. وقطع الماء والسيل والسيولة عن الذئب فوق قمة الوادي.

> وأفضل صفة لبعض الرجال الطيبين.. أنهم مثل قصة يوسف عليه السلام الذي رموه في الجب.. وعاد إخوته إلى أبيهم باكين وقالوا: إن الذئب قد أكل يوسف.. مع أنهم هم الذئاب الذين أرادوا أن يتخلصوا من أخيهم يوسف.. ذئاب بشرية عذبوا أخاهم وعذبوا أنفسهم بعذابه.. فالعذاب موجود في قرارة أنفسهم ومسئولية قرارهم.. ولذلك تعذبوا بكراهيتهم لأخيهم وعذاب أبيهم الذي انطفأ النور في عينيه من كثرة البكاء على يوسف الذي ترك في الجب بلا حول ولاقوة، وتركوا في نفسه اليأس من النجاة.. وبقية القصة معروفة طبعا.

> وبعض هذا النوع من الرجال أيضا ليس للعلاقات الإنسانية عندهم معنى.. إنما هناك شعور بالقلق والوحشة والعزلة.. فهم يشعرون بالخوف والذنب الدائمين.. ولايعرفون المودة والحب والاستقرار النفسي.. ولايستريحون إلى أحد من الناس- ولا أحد من الناس يستريح إليهم- وكأنهم تراكمات بشرية تعيش بالحقد والكراهية والحسد والمكايدة.. ولذلك لايجرؤ أحد منهم على أن يقترب من أحد.. فلم يشعر أحد قبلهم بهذا الخوف الذي اقتحم نفوسهم وعقولهم بدون سبب مقبول ولاعذر معقول.

> وبعض الرجال يشعرون باحتقار لأنفسهم.. وعلى اعتقاد بأنهم أقدر على فعل وتحقيق أشياء عظيمة أكثر من أهل البيت.. وهذا الشعور يعطيهم نوعا من التعالي على الآخرين.. ونوعا من الإدانة لهم على تصرفاتهم في العمل والمجتمع.. وقد غرسوا مخالبهم وأظفارهم وأنيابهم في الأرض والبحر والجبال..! وكأن لاشيء يخيفهم أو يردعهم.. وكأنهم نسوا مخاوفهم.. أو كأنهم لايعلمون أن لكل شيء نهاية.. وإن طالت إقامتهم داخل البيت الكبير.

> لقد أصبح كل شيء واضحا تماما.. ولم نعد بحاجة إلى البحث والتفتيش.. يكفي أن تشير بإصبعك ليفهم كل الناس.. ويدينوه على أفعاله وتصرفاته الفاضحة والمفضوحة.. فهو الذي انتهز مكانه واختار الصورة المشوهة التي يظهر بها أمام موظفيه.. المهم أنهم عرفوه.. وإن كانوا عرفوه بعد وقت.. واعتادوا أن يروه وهو يتمرغ في الوحل كل يوم!!>>

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى