لن تنطفئ جذوة النضال السلمي

> د. عيدروس نصر ناصر:

> منذ أن انطلقت حركة النضال السلمي في محافظات الجنوب لم تقف السلطات الأمنية مكتوفة الأيدي، بل عملت كل ما في وسعها لإخماد هذه الشعلة قبل أن تتفاقم، فمنعت السلطات الأمنية معظم الفعاليات، وعندما وجدت نفسها مضطرة إلى القبول بالأمر الواقع ضيقت على الفعاليات الاحتجاجية، ووصل الأمر إلى إطلاق النار على المشتركين في تلك الفعاليات، وهو ما أدى إلى إزهاق أرواح البعض وإصابة البعض الآخر.

الحركة الاحتجاجية ليست رغبة عبثية، بل هي وليدة معاناة الناس جراء السياسات غير الرشيدة للسلطات التي تتحكم في أمور البلد منذ السابع من يوليو 94م، وهي- أي الحركة الاحتجاجية- حق مشروع كفله القانون والدستور (اللذان ليسا بالضرورة محل إجماع الكل من حيث الحاجة إلى توسيع حق التعبير وتخفيف القيود المفروضة عليها)، وعندما لم تتوقف الحركة الاحتجاجية حتى بعد عمليات القتل والإصابات البليغة، لجأت أجهزة الأمن إلى افتعال ما سمي أحداث الشغب من خلال إطلاق عصابات النهب والتكسير والتدمير والتستر على أفرادها لتبرر اعتقال المئات من قيادات النضال السلمي، معتقدة أنها بذلك ستخمد جذوة هذه الحركة الاحتجاجية السلمية الرائعة، بيد أن الأيام برهنت أن إرادة النضال السلمي أقوى من ظلمات الزنازين الانفرادية ورصاصات الجند وهراواتهم.

السلطات الأمنية، بإطلاقها الرصاص الحي على العزل من السلاح الذين يمارسون حقهم الدستوري في الاحتجاج السلمي، تبرهن أنها تعبر عن موقف سياسي يرفض احترام الدستور والقانون الذي تدعي هذه الأجهزة أنها تدافع عنهما، والأهم من هذا أن هذه التصرفات تبرهن حجم الاستهانة بأرواح الناس ودمائهم وحقوقهم وآدميتهم، وهي بذلك تضيف أسبابا أخرى للرفض والاحتجاج، وعلى القائمين عليها أن يدركوا أنه لا إطلاق الرصاص الحي ينسي الناس حقوقهم المعبر عنها تكثيفا بالقضية الجنوبية، ولا قتل المسالمين ينسينا حقنا في الاحتجاج السلمي، ولا اعتقال القادة السياسيين والصحفيين والكتاب والفنانين ينسيهم أرواح الشهداء وإصابات الجرحى، والمطالبة بمحاسبة من أزهقوا الأرواح وأراقوا الدماء، ولانشر الفيالق والدبابات يمكن أن يكسر إرادة الرافضين للممارسات السياسية المعوجة حتى يقوم الاعوجاج وتعود الأمور إلى نصابها والحقوق إلى أصحابها، ويحاسب المجرمون على ما ارتكبوه من جرائم في حق المواطنين الآمنين المسالمين، ويطلق سراح المعتقلين السياسيين من قادة وكتاب وحقوقيين وفنانين، ويقدم لهم الاعتذار عما لحق بهم من أذى جسدي ومعنوي.

ختاما:

- السلطة التي أثبتت انفصاليتها وديكتاتوريتها، من خلال تعاملها مع المواطنين على أساس شطري، ونهبها للأرض والثروة، وتدميرها لمقومات الدولة في الجنوب، وقتلها للمواطنين العزل من السلاح، واعتقالها للمنخرطين في النضال السلمي، وإطلاقها لعصابات الشغب والنهب والقتل، لايمكن مواجهتها إلا بالنهج الوحدوي السلمي والسلوك الديمقراطي في الشمال كما في الجنوب، وفي الشرق كما في الغرب.

- تحية إكبار وإجلال إلى طلاب جامعتي عدن وصنعاء، وهم يدافعون عن حقهم في المطالبة بإطلاق سراح آبائهم وإخوانهم وزملائهم من الأساتذة والمدرسين والطلاب، ورفض عسكرة الحياة الجامعية، وبانتظار تضامن زملائهم في إب وتعز والحديدة وحضرموت وذمار.

- ما تتعرض له صحيفة «الأيام» ومحرروها من مضايقة من خلال محاولة الاستيلاء على ممتلكات آل باشراحيل في صنعاء، يستحق أكثر من مجرد الشجب والإدانة، ولابد من حملة تضامن واسعة تساهم في ردع المستهترين، وحفظ الحق لأصحابه.

عضو مجلس النواب

Email:[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى