> الشمايتين «الأيام» محمد العزعزي:

تغفو قرية المنزل بعزلة العزاعز في تعز في حضن جبل يُمين أعلى مرتفعات الشمايتين، وهي دمعة معلقة على رف من شتات الحاضر بوطن المنفى، يحن أهلها الضعفاء والفقراء إلى المجد والثراء، وهم أقرب إلى حتف المنون، ويتجرع الناس الجور والغلاء من الوجع المستديم.

قرية في حالة ضنكى، وسكان يمتطون أحصنة اليأس، حيارى لايدرون كيف يميتون الوقت؟ فيحرص بعضهم على بلوغ الأجل لعل وعسى يكون الشر تحت التراب أفضل من البقاء في آلام الأسر الاختياري والإفقار الإجباري.

الموقع الجغرافي

تقع قرية المنزل على هضبة مرتفعة غرب مدينة التربة، وتبعد عنها 10 كم، وتنقسم إلى ثلاثة أجزاء: القسم الشرقي يسمى الساجن، والقسم الأوسط وهو الأقدم تاريخيا، والقسم الشمالي يسمى القحاف، وهذه القرية طاردة للسكان كغيرها من قرى اليمن!.

السكان

قال الأستاذ ياسين سلطان زيد: «يبلغ عدد سكان عزلة بني مَسَن قرابة 10.000 نسمة، وهم موزعون على قرى: المكراب، والقويعدة، الرصاح، حُباجر والمنزل يبلغ سكانها أكثر من 2000 نسمة، أكثرهم مهاجرون، ويرتفع النمو السكاني والخصوبة التي تزيد عن 9 ولادات حية، وينتشر الفقر والبطالة، فيضطر الشباب إلى الهجرة بحثا عن العمل، وعدد المنازل 125 بيتا من الأحجار، ومعظم المساكن تعيش بها أسر مركبة.

المياه

بدأ مشروع المياه بالضخ إلى المنازل قبل 25 عاما، ويغطي قرى كبيرة هي: المنزل، المكراب، القويعدة والرصاح وجزء من قرية الصينقة بالأصابح.. وفي الأسابيع الماضية أصيب المشروع بخلل، فتعطلت ماكنة الضخ. بهذا الشأن تحدث شعيب غيلان: «يذهب الأهالي إلى أماكن بعيدة لجلب الماء برحلة عذاب يومية، أرهقت النساء والأطفال والحمير، ووصل سعر (دبة) الماء إلى 100 ريال».

الصحة

قال عبدالرحمن عبدالواسع: «يوجد في القرية وحدة صحية حديثه مكونة من طابقين، مزودة بالمعدات اللازمة، ومولد كهرباء وموظف، وينبغي على مكتب الصحة توفير الأدوية المجانية، وطبيب أو حتى مساعد طبيب رحمة بالناس».

الطرق

ترتبط القرية بما حولها بطرق وعرة شديدة الانحدار، كطريق المنزل - الأصابح، الذي شقه الأهالي على نفقتهم، وآخر يربط القرية بالطرف، وكل الطرق خطرة تحتاج إلى صيانة وتوسعة وحماية من الانجراف في موسم الأمطار.

التعليم

تسمى مدرسة الشهيد ياسين محمد عبدالله التي بنيت على نفقة الأهالي عام 1986 (يتيمة المنزل). قال التربوي المتقاعد ياسين سلطان: «عدد الطلبة 280، والمعلمون 17، ومعلمتان تنتظران التوظيف، تعملان تطوعا لمادتي الفيزياء والرياضيات، وعدد الفصول (6)، وسكن صغير للمعلمين، وتعمل فترتين صباحية ومسائية». هذه المدرسة بدت أثرية، وتحتاج إلى صيانة وترميم وبناء فصول جديدة لمواجهة الأعداد المتزايدة كل عام من الأطفال.

الكهرباء

محمد عبدالعزيز الأشعري (قارئ عدادات) قال: «قُطعت الأروت النحاسية من أعمدة الكهرباء، ونخشى على السكان خطر الصواعق في موسم الأمطار، وبدورنا أبلغنا شيخ القرية وإدارة المؤسسة بالتربة». وفي هذا الصدد قال بعض الأهالي: «لانعلم من يقوم بهذا التخريب، وما شجع اللصوص تجارة الخردة وزيادة الفقر، فالنحاس يباع بسعر مرتفع مقارنة بالمعادن الأخرى».وأبدى البعض تذمرا من ضعف التيار وكثرة الانقطاع في الليل والنهار لساعات طويلة ومتكررة يوميا، ما يؤدي إلى تلف الأجهزة والمصابيح.

الزراعة

الأمطار موسمية صيفية، وتزرع أنواع الحبوب الغذائية التي لاتكفي حاجة السكان، ويعوضون العجز بشراء القمح الذي يصل إلى المنازل بسعر 8200 ريال.

معالم

الوالد حميد أحمد المسني 80 عاما تحدث لـ«الأيام» قائلا: «أبرز المعالم التاريخية مسجد الشيخ العلامة عبدالله محمد عمر الطيار الذي بني قبل 500 سنة، ومايزال قائما تؤدى فيه الفرائض. وأخيرا تم توسعته من الجهة الشرقية لاستيعاب المصلين، ويوجد مسجد آخر يسمى مسجد (العفيف)، وبجانبه رباط علم ومقصورة للضيوف القادمين إليه، وقد بني في القرن السابق، وهناك مسجد قديم يسمى (ذي جنة) تهدم ولم يبق منه سوى الأطلال، وبجانبه مقبرة تحتاج تسويرا وصيانة من خطر انجراف التربة.

أمنيات

تمنى السكان المهمومون برغيف الخبز تعبيد الطرق وإصلاح المدرجات الزراعية وتوفير الغذاء والدواء وبناء السدود والحد من ظاهرة الفقر.

أكبر معمر في الشمايتين وربما في العالم

سعيد علي عبدالله صالح شور أكبر، معمر زارته «الأيام» في مقر إقامته قال: «إن عمره أكثر من 150عاما»، حالته الصحية متدهورة، ومايزال يتمتع بذاكرة قوية، لكنه عتب على السلطة أنها لاترعى كبار السن، وهو منذ عامين طريح الفراش لايستطيع الخروج لكسر أصاب ساقه، وعن الوضع السياسي قال: «كان زمان إمام ظالم، واليوم بكل قرية إمام، وسلام الله على الاستعمار، فهو أرحم من الحكام العرب». وعبر عن ضيقه بالقول: «محبوس بحبس الله بغير قيود، الناس بلغوا المنى، وأنا عجل انتظر ما بلغت مرادي.. الناس قد أنصفتهم وأنا قطع فؤادي»، كما أنه أكد ثانية لـ«الأيام» أن عمره أكثر من 150 عاما، وأن كل أقرانه ماتوا». أما عن نكبة فلسطين فقال: «العرب أضاعوها بضعفهم، والضعيف يدفع فاتورة الحساب». وأغلى أمنية لهذا الرجل الطاعن في السن أن يموت شهيدا على أرض فلسطين.

فاصلة

اللهم إن المستبدين أذلوا عبادك، وأفقروهم، فلا حول ولا قوة إلا بك.