«الوطن يتسع للجميع» كيف ومتى?!

> «الأيام» عبدالله محمد العنقر/ شبوة

> «الوطن يتسع للجميع» قول تردده على مسامعنا الأجهزة والقيادات الحكومية عبر وسائلها الإعلامية بمناسبة وغير مناسبة، ولكن لا ندري ما مدى فهمهم لهذا القول؟ وما هي السعة وماهيتها؟، ومتى وكيف يتسع الوطن للجميع ؟!

ونحن لا نختلف مع صحة تلك المقولة، ولكن اختلافنا يكمن في مضمونها وما يجب أن ترمي إليها، فنحن- بسطاء اليمن ومساكينه- نأمل أن تتضمن سعة الوطن حضنا يضمنا إليه ويشعرنا بالدفئ والحنان، ونأمل أن تتضمن سعة الوطن عينا تنظر إلينا بنظرة العدل والمساواة كأبناء من أب وأم واحدة، بعيدا عن الفئوية والشللية وبعيدا عن (المقربون أولى بالمعروف)، لأننا جميعا من المقربين للوطن، بل وأبناؤه الأصليون، فالوطن أب للجميع، كذلك نأمل أن تتضمن سعة الوطن سوطا حديديا مسلطا على رؤوس محاولي التطاول على الوطن وثروته -قوت أبنائه ومصدر تنميتهم-، وعلى محاولي تكبيل إخوانهم في الوطن وتقييد حرياتهم، وحصر الوطن في ذواتهم ومن على شاكلتهم من ورثة قوانين وسلوكيات الجاهلية البائدة، لأنه لا يتسع الوطن للجميع إذا كان 22 مليونا من أبنائه يعصرون وخمسة أبناء يأكلون العصار.

إننا نأمل أن يترجم المسؤولون ذلك القول ويجسدونه واقعا، لأن الوطن لا يتسع للجميع إلا إذا احتل كل فرد من أبنائه الدرجة التي يستحقها حسب الشرع والقانون وبمعايير الكفاءة والقدرة والمنزلة الأخلاقية والعلمية، لا حسب الحسب والنسب والكبرياء.

إن ابن الوطن والكفؤ والقادر على تحمل المسؤولية لا يشعر باتساع الوطن إذا كان وطنه لا يمنحه إلا حق الإقامة على ترابه فقط، ولكن الأوطان الحقيقية تقدم لإبنائها -فضلا عن الإقامة- الرعاية والاهتمام والدعم والدفاع عن حقوقهم وحرياتهم المكفولة لهم وإعطاء كل ذي حق حقه وما يستحقه.

ان ابن الوطن لا يشعر بأن له حيزا في وطنه إذا كا يحمل مؤهلا علميا وفي نفس الوقت عاطل عن العمل، فقير لا يجد قوت يومه وأولاده، كذلك أغنياء الوطن لا يشعرون باتساع الوطن في الوقت الذي لا يقدرون على استثمار أموالهم في أوطانهم والاطمئنان على مشاريعهم من مصاصي الأموال والأراضي وملوثي البيئة الاستثمارية، كذلك الفقير للعلم والمعرفة وفاقد القدرة على خدمة وطنه.. فمثل هؤلاء يشعرون أنهم عبئ على الأوطان الحقيقية، ولكن في وطننا اليمني يشعر أفراد مثل هذه الشريحة أن الوطن عبئ عليهم وقد ضاقت أرضه عليهم بما رحبت لأنهم وجدوا أنفسهم خارج نطاق سجلات الضمان الاجتماعي والجمعيات الرسمية.

كذلك إن مساحة الوطن لا تتسع لذوي الخبرة والكفاءة ممن أفنوا جل أعمارهم في خدمة الوطن، وما زال لديهم الجهد الكافي لتقديم المزيد، وفجأة وجدوا أنفسهم مسرحين- قسرا- في منازلهم.

وفي الأخير يمكن اختصار ما سبق في جملة شرطية متوافقة وهي إذا كان المقصود باتساع الوطن للجميع لا يتعدى حق الإقامة المعطلة على ترابه، فمن حق الكوادر والكفاءات ومختلف القدرات البشرية المعطلة البحث عن وطن أو السعي لميلاد وطن مدني حديث يرعاهم ويحق حقوقهم ويصونها ويكفل حرياتهم بما يحقق لهم العيش الرغيد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى