أزمة المثقف العربي (2)

> «الأيام» عبده يحيى الدباني:

> الإهداء: إلى أبطال القضية الجنوبية وراء القضبان تضامنا.. ثم يعرج الكاتب فخري صالح في موضوعه إلى قضية جوهرية ومحورية، وهي لماذا أخفق المثقف العربي الحديث في النهوض برسالته على أحسن وجه؟ إن في هذا الحكم تعميما وإطلاقا، لأن هناك من المثقفين العرب من لم ينطبق عليه هذا الحكم، لأنه قام بدوره المنشود إزاء الأزمة، ولكن بوجه عام فإن المثقف العربي لاسيما المعاصر قد أخفق في أداء رسالته إخفاقا كبيرا، ويرد الكاتب هذا الإخفاق إلى عدد من الأسباب، منها ضغط الحياة اليومية على المثقف بمطالبها والتزاماتها في ظل عدم الاهتمام به، ومنها القمع السلطوي الذي ينصب عليه، وسياسة الترهيب والترغيب التي تطوق المثقف ولايجد منها فكاكا في ظل قهر نفسه ونفاد صبره وضعف تحديه ومواجهته، ففي خضم هذا المناخ غير الطبيعي أو السلبي المثبّط لرسالة المثقف تجد المثقفين يتحولون إلى صف السلطة وإلى المعارضة أي إلى السياسة المباشرة مضطرين في سبيل حماية أنفسهم، ومع هذا فليسوا معذورين، بينما يتحول فريق آخر منهم إلى محطات اليأس والإحباط، وإلى عوالم الغموض والاغتراب والعزلة والترف الثقافي والأدبي، وفقدان التواصل مع الجماهير العربية، وبهذا يكون المثقف فاقدا دوره كجهاز إنذار ينبه على الأخطار، بل يتحول إلى جزء من المشكلة وليس الحل.

وفي هذه الأجواء الملبدة بما سبق تظهر الحاجة هنا وهناك إلى ثقافة استهلاكية مثلها مثل أي بضاعة تباع لهذا أو ذاك حسب العرض والطلب، ويظهر مثقفون توفيقيون حسب ضغوط المرحلة لغرض الاستهلاك والتبرير، فإذا كانت الأزمان المختلفة والحروب تصنع تجارها وحكامها ورموزها الطارئين، فإنها أيضا تصنع مثقفيها الطارئين، فلافرق إذن بين تجار الحروب ومثقفيها، فهؤلاء لايقدمون حلولا للأزمات والمشاكل بل يقدمون بضاعة للاستهلاك ومسكنات ومبررات.

ويخلص الكاتب إلى طرح عدد من الملاحظات التي تشكل مخارج للأزمة التي تعصف بالمثقف ورسالته في الواقع العربي منها:

1- أخذ الدروس والعبر من الماضي والحاضر في سبيل الارتقاء إلى مستوى تحديات العصر، فالراهن يدعو بإلحاح إلى بداية منعطف جديد في التفكير والأساليب والطرق.

2- محاولة معرفة الواقع معرفة حقيقية، لأن جهله أفقد المثقف صفته ودوره.

3- الخروج من حالة الانفصام القائم بين ما يدعو إليه المثقف وبين ما يمارسه في الواقع، لأن الثقافة سلوك وقناعات، وليس مجرد كلام نظري لايؤمن به حتى صاحبه.

4- الدعوة إلى أن ينهض المثقف برسالته الطبيعية في الحياة، وهي- على كل حال- ليست التبرير ولا التلميع، وأن يكون على مسافة كافية من السلطة تمكنه من رؤيتها حق الرؤية، فلا ينأى بعيدا ولايقترب فيصاب بالعمى من وهج أشعتها -أي السلطة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى