في حلقة نقاش حول مفهوم الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. نشطاء حقوقيون في عدن:عـلى السـلـطة أن تعلن فشلها في القيام بدورها وتتنحى عن مسئوليتها لأن الهيئة تستخدم سياسيا وتبذر بالمال العام

> عدن «الأيام» خاص:

>
نظمت المؤسسة العربية لمساندة قضايا المرأة والحدث حلقة نقاش حول مفهوم الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، برئاسة الأستاذة رضية شمشير، وبحضور عدد من الناشطات ورجال الدين وكتاب ونشطاء حقوقيون لمناقشة الموضوع في ظل الحراك الجنوبي وقضايا الفساد الإداري والمالي والحقوقي، وظهور مشروع جديد يستخدم الدين لتحقيق مآرب سياسية، كما خلصت إلى ذلك نقاشات الحضور.. وكانت أهم مداخلات النقاش:

هناك حقوق منتهكة سكت عنها وهذا ما لن نقبله

أفراح علي سعيد أمين عام المؤسسة العربية قالت «الأمر يدق ناقوس الخطر، وهذه القضية هي الطوفان القادم إلينا بعد محافظة الحديدة، فمن منا يقبل أن تظل محارمه عليها حراسة، وهي ذريعة في واقع الأمر.. نرفض أسلوب العصا، وخاصة في مواضيع الانتهاكات، ومن من النساء ستقبل بهذا الذل والمهانة وأين؟! في عدن الحضارة!.. هذا الأمر غير مقبول والأمر بالمعروف هو الخيار. ونحن نتساءل لماذا لم نسمع من هولاء صوت حين انتهكت حقوق الأطفال، وحين هل علينا مسمى الزواج السياحي، وحين نصبت شبكات الدعارة، وحول الفساد والخمور والقمح الفاسد ونهب الأراضي والمعسرين والأطفال المهربين.. هذه الجماعة يقوم نشاطها على جملة من الانتهاكات، رغم أن القانون لايسمح بها، وهي تقوم بأعمال خارجه عن القانون والدستور».

وأضافت: «هناك 25 سجينة بينهن فتاتان في الرابعة عشرة والخامسة عشرة، ومعظمهن من طالبات الجامعة، و20 سجينا من الطلاب، علينا أن نتصدى لهذا الكيان الذي سيمارس نشاطة المسيس باسم الدين».

المشروع تعطيل للأجهزة المختصة ولايتسم بالشعبية

الداعيه الإسلامي صالح بن حليس عضو الهيئة التنفيذية لحزب التجمع اليمني للإصلاح في عدن، قال: «نحن نمر في ظرف سياسي واجتماعي مهم يراد لنا الانشغال عنه، الحسبة نظام موجود منذ عصر الإسلام وهو اليوم يشابه الشرطة، والأمر بالمعروف هو مقدم على النهي عن المنكر، فهل قمنا بالأمر بالمعروف، وهو فريضة على كل فرد في البيت والمدرسة والمسجد والمجتمع، والدعوة بالمعروف مقدمة على محاربة المنكر».

وأكد أن «المجتمع المسلم يتسم بالغيرة والحفاظ على بنيويته ويرفض المنكر، حتى من يمارس المنكر غير مقتنع به».

وأضاف: «عندما تغيب المؤسسات المناط بها المسئولية الكاملة، فإننا سنوجد البدائل عنها، فعندما استشرى الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة وزاد، وتغيب دور مجلس النواب والشرطة الشعبية المسئولة عن أمن المواطن ولم تضرب أوكار الفساد، ليس في عدن والحديدة، ولكن في كل مكان.

واستحدث لنا هيئة جديدة، وهي سياسية وليست شعبية، مع أن المجتمع مليء بالمنظمات والجمعيات التى تستطيع أن تقوم بدورها، لأنها من أوساط الناس».

وأضاف: «العلماء التقوا رئيس الجمهورية، وقدموا له نصيحة ذهبية، وكانت متعلقة بصعدة وقضية الجنوب وغلاء الأسعار حينها، إلا أنه لم يهتم بالأمر، ولم يصغ، لماذا؟ لأنها خيارات ولعبة السياسة التى يراد منها أن يشغل البعض في البعض. القضية واجب الجميع، لكنه يسقط عندما تقوم الأجهزة المختصة بدورها، ويبقى الناس عاملا مساعدا، فمثلا لايعقل أن تبلغ عن وكر دعارة ثم تجد أنه محمي من الدولة، هذه مصيبة! وهناك درجات: زوال المنكر واستبداله بالخير أو أن يقل أو يزول ولو بدرجة، وهنا نحن مأمورون، إما أن يخلفه ما هو مثله أو شر.

أنا أقول من حق العلماء أن يطالبوا بما يريدون في ظل القانون، ونحن لانظلمهم بل نتحسر عندما نرى العلماء بلا رأي أو فعل في قضايا كبيرة، نحن نريد المجتمع هو من يحرس الفضيلة، و هذه الهيئة هي ترؤس رسمي سيعطل عمل الهيئات الشعبية.

هذا المشروع أريد له أن يكون شعبيا، ولكن الحقيقة أنه رسمي، وفي قمته مسئولو الدولة فهل نحن بحاجة إلى تعطيل عمل الأجهزة ليقوم هذا الكيان بدوره، ولانستطيع أن نغطي السماء بمنخل، وبالتالي نستطيع أن نقوم بدورنا كل من مكانه ولانحتاج لهذه الهيئة.. هناك تجارب لبعض الدول استبدلت دور المؤسسات المختصة بمثل هذه الهيئات بعد أن أدخل عليها غير العلماء وضرب الناس في الشوارع بالهراوات ودخلوا المساجد وهم لم يدخلوها أصلاً، والشيخ حمود يطمئن في حديثه بأن هذه المؤسسة لاعلاقه لها بالحرية الشخصية».

وأضاف: «كنا في زيارة لسجن المنصورة أنا والأخ أحمد الضلاعي ووجدنا فئة من المهمشات، سألنا حينها عن البقية قالوا أولئك مرخص لهن بتصريح .. نحن نقول أن يترك لكل فرد دوره في المجتمع وألا تستخدم هيئات لأغراض ثم تستبدل بأخرى وتحل المصائب».

الهيئة لمكايدة الخصوم وتدمير مستقبلي للحريات

الشيخ أنيس الحبيشي إمام مسجد ورئيس الأئمة في إدارة الأوقاف قال: «الفساد الاخلاقي موجود ومازال ولم ينته لأن دور كل الأنبياء التوجيه والوعظ، والهيئة هذه سياسية والغرض منها مكايدة الخصوم، وهي موجودة بالسعودية والسودان والأسوأ منهما في أفغانستان.. المجموعة معروفة وهذه التجارب يراد بها أن تجرب في اليمن، وهذا خطأ كبير وستظل اهتماماتها وراء قضايا كشف المرأة وجهها وصوت الموسيقى في السيارات وغيرها من الأمور التى لن تصل للفساد والفاسدين في الدولة، وكونها تأتي من الإصلاح فهذا يضع اليد على القلب فهو حزب من يضمن ألا يستخدمها ضد الأحزاب الأخرى.

وغداً سينظر للمؤسسات الصحفية التنويرية والحقوقية بأنها مؤسسات تدميرية، فتاريخ هذه منذ زمن محاربتهم للمطبعة منذ القدم، الخوف ليس من الهيئة ولكن مما سيستخدم باسمها.. الدولة لن تقوم بدورها الكامل وهذا معلوم، لكن أن يتحدثوا عن تدخلها بالمرأة وبالحريات الشخصية هذا حديث الآن، ولكن من يضمن ماسيناط بها مستقبلاً، الهيئة سياسية وجاءت لأنهم ضاقوا ذرعا بالآخرين، وهذا السبب الرئيس وراء هذه الهيئة».

الأجهزة المسئولة موجودة بما فيها القضائية

أ.هويدا محاضرة بكلية التربية ركزت على مسألة الحسبة بالنفس أولاً وبالأقارب قبل الآخرين، واعتبرته أساسا في نجاح الدولة الإسلامية، وحملت الأجهزة المختصة بما فيها القضائية «مسئولية إصلاح المجتمع لأنه فرض كفاية، إذا قامت به الأجهزة المختصة سقط عن الآخرين، أما إذا تخلفت عن دورها فهناك مؤسسات مجتمعية هي من سيقوم بدورها، وليس صرف المال العام على هيئات جديدة».

علينا أن ندافع عن مزيد من الحريات

وضاح حريري ناشط حقوقي قال: «تشكيل جمعية على سبيل المثال للقيام بالعملية التنويرية والسلطة ستسعى لتوظيف الدين لتحقيق أمور سياسية، فعندما يدخل وزير الداخلية مترأسا لهيئة دينية إذا هي عملية استخدام وكبح للمجتمع وإعادته للوراء إذ أن هناك آثارا سياسية وحقوقية ستنتج عن هذه الهيئة، وعلينا بالمقابل أن نتخذ مواقف، وهذا يقودنا إلى شيء مهم وهي مسألة الدفاع عن مزيد من الحريات والديمقراطية والمناخ المنفتح والدفاع عن المزيد من الحرية، وهو ما يجب أن نقوم به حالياً».

الهيئة تعني فشل الجهات المسئولة وتبديد المال العام

محمد قاسم نعمان رئيس المركز اليمني لدراسة حقوق الإنسان: «الهيئة المقترحة هي رسمية، وأن تحل مثل هذه الهيئة للقيام بدور المؤسسات معناه أن المؤسسات فاشلة في القيام بدورها، ألم يكن من الواجب القيام بدور مهم في ظل الانتهاكات الحاصلة الآن وهذه الهيئة ستبدد المال العام، إذاً فلتعلن الجهات المسئولة فشلها».

هي دعوة للاقتتال والفتنة

قاسم داؤود، سكرتير ثاني منظمة الاشتراكي بعدن: «نحن نعيش الوضع ما قبل 1994م في إطار الحملة على الجنوب، والهدف هو تشكيل هيئات ومليشيات توازي الدولة لإحداث اقتتال وفتنة وحرب لا أول لها ولا آخر لتحقيق مصالح سياسية توظف تحت أطر دينية، والناس تخشى من هولاء الناس لأن إجازة الاقتتال ستحل بكارثة مثل ما يحدث في صعدة التى استبيح بها دم الناس بسسب علماء لم يكن لهم موقف شريف».

الهيئة هي تلويح بقوة الدين

الكاتب عبدالرحمن عبدالخالق: «الهيئة القصد منها التلويح بقوة الدين للقضاء على الحراك في الجنوب، ولهذا أنا أعتبرها مبادرة الرئيس، لأنه يستخدم بها حلفاؤه في حرب صيف 94م واستباحة مزيد من الدماء».

وصدر في ختام الحلقة النقاشية بيان فيما يلي نصه: «عقدت منظمات المجتمع المدني والشخصيات الاجتماعية والمثقفون والمهتمون بقضايا حقوق الإنسان صباح أمس 4 يونيو الجاري بمقر المؤسسة العربية لمساندة قضايا المرأة والحدث حلقة نقاشية حول مفهوم (الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).

وصدر عقب اختتام الحلقة بيان عبر فيه المشاركون في أعمال الحلقة عن رفضهم واستنكارهم لتأسيس هذه الهيئة في ظل الظروف والتداعيات الراهنة التي يعاني منها الوطن في مجالات عدة منها حرب صعدة، الحراك السلمي في المحافظات الجنوبية، اعتقال السياسيين وأصحاب الرأي، مضايقة الصحف، الغلاء الفاحش في الأسعار، الانقطاع في الكهرباء، البطالة المتفشية بين أوساط الشباب ذكورا وإناثا.

ورأى المشاركون أن تشكيل هذه الهيئة يراد به العودة إلى عهود تتنافى وروح العصر، فالدين الإسلامي الحنيف دين الحضارة والحداثة، متجدد لكل مكان وزمان، وأعطى الإنسان حقوقا متساوية، من هذا المنطلق فإن منظمات المجتمع المدني والشخصيات الاجتماعية والمثقفين والمهتمين بقضايا حقوق الإنسان ورجال الدين والأساتذة الأكاديميين المشاركين في أعمال حلقة النقاش هذه يجدون في تأسيس هذه الهيئة في مثل هذه الظروف المعقدة يراد به إلهاء أنظار الرأي العام المحلي والعربي والدولي وإقناعه بأننا تجاوزنا كل معوقات التنمية، ولم يعد أمامنا إلا المنكر لإزالته، في حين أن المنكر يكمن في الفساد المستشري بصوره المختلفة في كل مفاصل الدولة التي لم تحرك ساكنا في تقديم فاسد واحد للعدالة، ولاتزال ماثلة للعيان ظاهرة الاتجار بالطفولة اليمنية لدول الجوار، ولم تقم الدولة حرمة لمواطنيها، كما أن الحادثة المأساوية في (خميس مشيط) التي ذهب ضحيتها عدد من اليمنيين حرقا، مرت وكأن نتائجها لاتعني للسلطة شيئا، في حين أنه إذا ما حدث شيىء مماثل في دولة تهتم بحقوق أبنائها وكرامتهم فإن جهات الاختصاص تقدم استقالتها لفشلها في الدفاع عن كرامة وحقوق مواطنيها.. أين نحن من تصرف كهذا؟!».

وفي ضوء المناقشات التي شارك فيها عدد من المشايخ الأجلاء وممثلي منظمات المجتمع المدني والشخصيات السياسية والاجتماعية في محافظة عدن تم التأكيد على:

-1 أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مهمة يجب أن تضطلع بها الأجهزة الحكومية الرسمية ممثلة بالشرطة والأمن والنيابة العامة والقضاء والمحاكم.. وأن أي هيئة يتم تشكيلها لهذا الغرض ليست سوى مخالفة صريحة للدستور، وهي دعوة تحمل في طياتها إثارة الفتنة وتعزيز فكرة التطرف والتكفير والإرهاب، إضافة لكونها وسيلة من وسائل انتهاك حقوق الإنسان وحرياته التي كفلها الدستور والقوانين اليمنية والمواثيق والعهود الدولية.

-2 أن الأولى بدعاة هذا الهيئة أن يعملوا مع المجتمع ومن خلال آلياته القانونية والتشريعية من أجل وقف منكرات الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان وحرياته العامة، وأن يقفوا ضد منكرات ممارسات القهر والظلم والاستبداد التي يتعرض لها الناس في أمنهم ومعيشتهم وكرامتهم وحياتهم ومستقبلهم.

-3 أن هذه الدعوة لتشكيل هذه الهيئة تحمل في مضامينها وطياتها مخاوف إثارة الفتنة بين الناس ومخاوف تصفيات الحسابات الحزبية والسياسية، ولازالت مقدمات حرب 94م ماثلة للعيان ومدونة في صفحات تاريخنا القريب.

-4 أننا في حاجة ماسة اليوم قبل أي يوم مضى إلى العمل المجتمعي المشترك من أجل حل مشاكلنا وتعزيز دور القانون والنظام وبناء أسس الدولة اليمنية الحديثة، وأن الدعوة لتشكيل مثل هذه الهيئات وبهكذا دعوات ومهمات لن تكون إلا موسعة للمشكلات ومعقدة للحياة ومقلقة لسكينة وأمن واستقرار وحريات الناس.

-5 أن الدعوة إلى تطبيق الحسبة وتشكيل ما سمي بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإلباسهما ثوب ديننا الإسلامي الحنيف تسيىء للإسلام ومبادئه السمحاء وتجسد فكر الانغلاق والغلو في الإسلام.

-6 دستورنا الوطني بما يتضمنه من نصوص واضحة وصريحه يؤكد أن الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريعات اليمنية، ويكفي للتأكيد على أن هذه المهمات التي يراد منحها للأفراد تحت مسميات مختلفة هي مسئوليات الحكومة والأجهزة المعنية بالأمن وحماية الإنسان وحقوقه وحرياته، ومعنية أيضا بحماية الدستور والقوانين والتشريعات النافدة».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى