حمى الضنك Dengue fever وباء وافد يسعى للاستيطان

> «الأيام» د.صالح الدوبحي:

>
حمى الضنك مرض فيروسي معد ظهر فجأة للمرة الأولى في اليمن قبل 4 أعوام واستمر لبضعة أشهر ثم اختفى، فسجل على أنه موجة وبائية عابرة سرعان ما تناساه الجميع، لكنه وفي مطلع شهر مايو الماضي عاد بشكل مفاجئ أيضا وانتشر بسرعة كبيرة في عدد من مديريات محافظة شبوة وبعض أجزاء محافظة أبين حتى وصل مديرية الرضمة في محافظة الضالع.. ولأنه وباء وافد علينا فإن الكثير منا قد تنقصه المعلومات والأهم (الخبرة) في التعامل مع هذا المرض الذي يتمتع بالميل والقدرة على الاستيطان مما يزيد مشاكلنا الصحية تعقيدا على ماهي عليه.

من أين يأتي حمى الضنك ؟.. سؤال يخطر على بال الكثير من المواطنين، والإجابة المختصرة هي أنه مرض فيروسي معد وبائي (مستوطن ووافد)، فمستوطن يعني أنه في بعض البلدان يوجد بشكل مستمر طوال أيام السنة تقريبا مثل الملاريا عندنا.. أما الوافد فيعني أنه مرض لا يشاهده الناس إلا في حالات نادرة مثل (الكوليرا، الطاعون) وغيرهما. وهذا الفيروس يوجد في معظم القارات وخاصة في المناطق الواقعة مابين30 -40 درجة شمال أو جنوب خط الاستواء والتي تقع اليمن ضمنها، و يصيب هذا المرض الإنسان وبعض الحيوانات ويسببه فيروس (الدنجه) (DENGUE VIRUS) وله أربعة أنواع متقاربة تسمى بالأرقام (4،3،2،1) من فصيلة واحدة، لكنها لا تتوافق في تكوين المناعة، أي أن الإصابة بالنوع رقم (1) مثلا توفر مناعة ضد هذا النوع فقط واحتمال الإصابة بأي نوع من الثلاثة الباقية ممكن جدا .

أما تسمية المرض بـ Dengue فيعتقد أنها جاءت من اللغة السواحلية (Ka-dinga pepo) التي تعني (روح الشيطان).. كما أن له أسماء عدة مثل (العظم المكسور/ Broken Bone) بسبب الآلام الحادة في المفاصل والعضلات وتسمى بحمى الضنك للضيق والوجع المبرح .

فترة الحضانة (وهي المدة التي بين الإصابة وظهور الأعراض) في حالة حمى الضنك تتراوح ما بين ثلاثة إلى سبعة أيام.

أعراض المرض : تختلف أعراض المرض بحسب نوع الفيروس المسبب له، وعموما تقسم أعراض هذا المرض إلى مجموعتين :

1- الأولى وتسمى أيضا (بالتقليدية أو الكلاسيكية ) وتعتبر من الأمراض القابلة للشفاء ذاتيا - أي حتى بدون استخدام الأدوية (Self limited disease) وتتمثل هذه الأعراض في:

- ارتفاع مفاجئ لحرارة الجسم بشكل موجات ثنائية.

- صداع شديد ومتواصل.

- متاعب في المثانة.

- فقد الشهية للطعام وغثيان وقيء.

- ضعف و إنهاك جسدي.

- طفح جلدي يبدأ في الأطراف (الساعدين والساقين) منذ اليوم الثاني للمرض ومن ثم على الصدر.

- يصاحب ذلك انخفاض في عدد كريات الدم البيضاء مع تورم للغدد اللمفاوية (الربايا).

- وبنسبة صغيرة يمكن حدوث نزيف بسيط ونادرا ما تحدث الوفاة.

- من الملاحظ أن الأعراض تختلف عند الأطفال الذين تكثر عندهم أعراض آلام البطن والإسهال.

ومن العادة أن يصاحب هذه الأعراض انخفاض في عدد كريات الدم البيضاء وكذلك الصفائح الدموية وزيادة كثافة الدم.

النوع الثاني: (Dengue hemorrhagic Fever) (حمى الضنك النزفية) الذي يعد من أخطر حالات حمى الضنك، فإن المرض يأخذ منعطفا خطرا، حيث بالإضافة إلى الأعراض السابقة فإن حدوث النزيف الشامل والحاد يكون من كل فتحات الجسم، بالإضافة إلى النزيف الداخلي للكثير من أعضاء الجسم والتي تتسبب بالوفاة خلال أيام بل ساعات قليلة.

وفي هذه الحالة تتطور حالة المريض من الأعراض التي سبقت الإشارة إليها إلى:

- ارتفاع شديد في درجة الحرارة أو انخفاضها تحت المستوى الطبيعي مع ازدياد في ضربات القلب وانخفاض في ضغط الدم.

- وكذلك تبدأ الأعراض النزفية في الظهور وهي تشمل نزيفا جلديا، وهو عبارة عن ظهور بقع وردية اللون في الجلد. ومن الممكن أن يحدث نزيف من الأنف أو اللثة أو الجهاز الهضمي.

- وفي بعض حالات حمى الضنك النزفية يحدث قصور في وظيفة الكبد.. وقد سُجلت حالات فشل كبدي حاد.

- وقد تصيب حمى الضنك النزفية الجهاز العصبي مما يؤدي إلى حدوث تشنجات وقد تصل الحالة إلى غيبوبة كاملة.

التشخيص Diagnosis:

يتم عن طريق الاشتباه في هذا المرض وخصوصاً في المناطق الموبوءة إذا كان المريض في إحدى هذه الأماكن في خلال أسبوعين من بداية حدوث الأعراض. ويتم الكشف على المريض بواسطة الطبيب المختص ومن ثم عمل بعض التحليلات التي إما أن تظهر الفيروس أو تظهر الأجسام المضادة (Antibody) للفيروس، بالإضافة للتحاليل الأخرى التي تظهر مدى تفاعل الجسم مع الفيروس مثل عدد كريات الدم البيضاء وعدد الصفائح الدموية ومستوى كثافة الدم، بالإضافة إلى وظائف الكبد والكلى.

- كيف ينتقل المرض ؟

ينتقل المرض في الأساس من إنسان مصاب إلى إنسان سليم وينقله نوع من البعوض يسمى (ايدس اجبتي / Aedes aegypti) الذي لسوء الحظ يوجد في معظم المحافظات اليمنية .

ويمكن أن يصاب به أي شخص وخاصة صغار السن، حيث يتعرض للدغة البعوض الذي عادة ما ينشط أثناء ساعات النهار بعكس بقية معظم أنواع البعوض التي تنشط ليلا .

وبحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية تقدر الإصابات بنحو 40 مليون حالة سنويا يتوفى منهم ما يقارب 20,000 شخص . وأثناء الحرب العالمية الثانية كان هذا الوباء من أعظم المخاطر التي واجهتها جيوش الحلفاء في منطقة المحيط الهادي، حيث كانت تصل معدل الإصابة بهذا المرض إلى ما يزيد عن 5000 لكل 100,000 .

العلاج : في حالة وجود أعراض لمرض حمى الضنك النزفية يجب على المريض أن يعالج في العناية المركزة وتحت أيدي أطباء متخصصين في علاج أمراض العناية المركزة.. حيث إن هناك خطورة على حياة المريض، وفي هذه الحالة فإن المريض يحتاج إلى علاجات مساعدة للدورة الدموية وعلاجات مساعدة للتنفس وعلاجات النزيف بواسطة الصفائح الدموية والبلازما.

في الغالب يعتمد علاج المرض على تقديم المعالجة المساعدة للأعراض، التي تعتمد في الأساس على :

- تعويض السوائل عن طريق الفم أو الوريد إذا كان المريض لا يستطيع الشرب.

- تعويض النقص في الصفائح في حالات النزيف أو وجود دم في البراز.

- تجنب استخدام (الإسبرين) أو non-steroidal anti-inflammatory drugs التي يمكن أن تساعد على النزيف.

- ويمكن استخدام مضادات الحرارة مثل البارسيتمول.

- وهناك علاج يستخدم في الحالات الحرجة كعلاج إسعافي يمكن إعطاء المريض بعض العقاقير مثل mycophenolic acid and ribavirin
الوقاية والمراقبة: في الوقت الحالي توجد دراسات عن اختراع لقاح لحمى الضنك ولكن حتى هذه اللحظة لم يظهر شيء للاستخدام الطبي. لذلك فإن أهم خطوات الوقاية هي في الاتجاه نحو مكافحة ناقل الفيروس وهو البعوضة الناقلة. ومن هذه الخطوات:

1- تغطية أجزاء الجسم في المناطق التي توجد بها بعوض.

2- رش أجزاء الجسم المكشوفة بمواد طاردة للناموس مثل DEET. وهي مادة توجد بتركيزات مختلفة وأشكال مختلفة، علماً بأن التركيز 10 - 35 يعتبر تركيزاً مناسباً ويوفر حماية من البعوض لمدة تتراوح من ثلاث إلى أربع ساعات.

3 - السيطرة على أماكن توالد البعوض مثل خزانات المياه المكشوفة وإزالة المياه الراكدة.

اختصاصي علم الأوبئة

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى