أين يلعب فلذات الأكباد؟! الطفل يلعب بمتعة حين يجد المتنفس (1-2)

> «الأيام» برهان عبدالله مانع :

>
أين يلعبون؟!
أين يلعبون؟!
عندما يدور الحديث عن الأطفال تمتلئ قلوبنا بالسرور وتنتقل مداركنا وأحاسيسنا إلى عالم طفولتنا البريئة وحياتهم الجميلة وعفويتهم الصادقة ويتجسد ذلك من خلال لعبهم وألعابهم داخل المنزل أو في الرياض أو حول المتنفسات والحدائق المخصصة لهم التي يعبرون فيها عن ميولهم ومداركهم العقلية والذهنية وتبعث في نفوسهم السعادة والفرح.

وقيل ما عرف التاريخ أمة أحسنت الجد ولم تحسن اللهو واللعب، والمثال الرومان وملاعبهم في كل مدينة وضعوا فيها حجرا، واليونان ومحافلهم في كل الأعوام، والفرس ومواكب الكرة والصولجان، والعرب وميادين الفروسية، وفي التاريخ الحديث تفوقت بريطانيا العظمى وهي تنفرد بالسبق في جميع الألعاب، ونتيجة لشحة المتنفسات والحدائق والملاعب الشعبية وغيبوبة التربية البدنية في المدارس وحمى الضنك في الأندية الرياضية لانعرف أين أطفالنا!! أما عن شبابنا فهم في سباق على رياضة كيس القات!.

لهذا طرحنا بعض التساؤلات بشكل مفتوح على عدد من الشخصيات في كافة التخصصات، وتحاورنا عن أحياء وحارات تكتظ بالأطفال الذين يفتقدون إلى ملعب، ويضطرون إلى اللعب في الطرق والشوارع، حيث السيارات المارة التي تشكل خطورة على حياتهم، وهناك حدائق ومتنفسات مستحدثة في بعض المديريات نجدها في أحياء كثيرة مغلقة أمام الأطفال، لماذا؟، وهل من وقف فوري للزحف على كل مساحة أو مدخل في الأحياء، وماذا يعني أن يكون الطفل أو الشباب بدون متنفس أو ملعب يمارس فيه هوايته في وقت الفراغ؟، ولإنقاذ ما تبقى من مساحات.. أدلي بآرائهم أو مقترحاتهم قبل البسط عليها؟

حديقة الصهاريج في شارع خليل
حديقة الصهاريج في شارع خليل
في محافظة عدن تم مصادرة السواحل

د.جواد حسن مكاوي (دكتوراه علم النفس التربوي): «اللعب إحدى الوسائل التربوية والنفسية والاجتماعية الهامة التي تساهم في خلق نمو الشخصية السوية التي يأمل منها على كل الأصعدة الأسرة والمجتمع والدولة الكثير في بناء الوطن، واللعب في الطرقات والشوراع ليست أماكن آمنه ولايستطيع الطفل أن ينطلق بحرية بسبب العوائق الخطرة التي تحيط به وتهدد حياته، وعملية التوقف باستمرار بانتظار سيارة أو إنسان مار تجعل الطفل في شتات فكري، مما يساهم في نمو الشخصية العشوائية المتسارعة التي تعتمد على عدم الترتيب وارتكاب الأخطاء التي تتجه إلى العنف واستخدام كلمات غير مستحبة، واستمرار إغلاق الحدائق والمتنفسات، ولو سألت أي طفل ماذا نقصد بكلمة حديقة.

فلن يعرف الإجابة، بسبب عدم وجودها ضمن أفكاره، وفي كل الأديان والتشريعات والقوانين يحتم علينا العمل جاهدين من كل موقع على خلق أماكن خاصة للطفل، يعبر عن ميوله ومواهبه وإبداعاته فيها، ولانغلق الأبواب ونصادر الفرحة والابتسامة البريئة، ويجب على المجالس المحلية أن تؤدي دورها ولاتكتفي بكتابة التقارير، بل تتجاوز ذلك بالمساهمة في وضع الحلول البديلة، وترفعها للجهات ذات العلاقة، والسؤال يوجه مباشرة إلى المحافظ عدنان الجفري صاحب القرار، أما الطفل الذي يحرم من اللعب في الحديقة والملعب فيعيش في انعزالية تامة، ولهذا ينمو لديه حب الأنانية والإحساس بالخوف من الاختلاط بالآخرين، ويبدأ بالصراخ والبكاء عند التحاقه بالروضة أو المدرسة، فتكون حياته مليئة بالأخطاء والحياء المزمن وكثرة الاعتذارات والشك والتركيز على الوجه المقابل، بل يكون كثير السرحان والشرود الذهني.

والمساحات المفتوحة الآمنة التي يكون موقعها بجانب مساكن الأسرة تشكل عاملا مهما يساعد الدولة والأسرة والمجتمع على إظهار المواهب والإبداعات الخلاقة للأطفال، وعلى الدولة رعايتهم وإعطائهم برامج خاصة تزيد من مساحة التفكير لديهم، ونحن هنا بمحافظة عدن تم مصادرة السواحل والشواطئ الساحلية، فلايستطيع رب الأسرة اصطحاب أسرته إلى الشاطئ للتنزه بسبب المضايقات والبناء العشوائي.

دراجتي والشارع في انتظاري
دراجتي والشارع في انتظاري
لذا فإننا نشير إلى أصحاب القرار أن يفسحوا المجال أمام أطفالنا في هذه الأماكن الآمنة، بل عليهم توفير الوسائل التعليمية والتدريبية من أجل إظهار إبداعات وفنون فلذات الأكباد، فهي كبيرة وعميقة البعد الفكري والذهني بالنسبة لهؤلاء الأطفال».

اللعب ليس أقل أهمية من الكتاب

د.عيدروس عبدالله الحامد (دكتوراه في العلوم الطبية ـ اختصاصي أطفال): «الطفل هو العنصر الأساسي لثروة المجتمع، واللبنة الأساسية للأسرة خاصة وللمجتمع عامة، وعليه فإن من حق الطفل اختيار اللعبة التي يحبها أو المكان الذي يحب أن يلعب فيه وهو مرتاح، مثل المتنفسات والحدائق القريبة التي تقع بجوار منزله، حتى يكون في مرمى عين أسرته، ولكن للأسف نجد كثيرا من هذه المتنفسات والحدائق قد أغلقت، ومن كان وراء إغلاق هذه الحدائق وأماكن لعب الأطفال، فهو يفتقر إلى لذة اللعب وأهميته للطفل، وفاقد الشيء لايعطيه.

أما عن الأماكن التي استثمرت للعب والشواطئ الخاصة فلا يتمكن الطفل من الذهاب إليها يوميا بل أسبوعيا وقد يكون شهريا، وقد لايذهب إليها بعض الأطفال إلا مرة واحدة في السنة، ومن الناحية الصحية في المتنفسات والحدائق، فهي متنفس هوائي صحي، ومكان آمن للعب ووقت الراحة لكبار السن في هذه الأحياء، ولعب الطفل ليس مجرد عبث ضائع بل له أثر عظيم، فهو يهيئ أرضية النضوج الجسدي والفكري، ويتعلم فيه الاستنباط والتفكير وروح العمل والنضج لمعارف المدرسة التي تلقاها في يومه المدرسي، فاللعب ليس أقل أهمية من الكتاب، فمتى أشبع الطفل راحته في اللعب في المكان المخصص الصحي واختيار اللعبة المناسبة لعمره اكتسب وعيا قويا، ينتج عنه شاب قوي تستفيد منه الأسرة والمجتمع، ويصبح عنصراً فعالا مشاركا في جميع مجالات الحياة، والله سبحانه وتعالى قد عفا الأطفال من الحساب حتى يبلغوا سن البلوغ، فلماذا نضيق على حالهم ونرهقهم بالواجبات والتكليفات».

اعملوا من أجل قرة أعيننا

الشخصية الاجتماعية الأستاذ حسين زين العيدروس:

«كنت في المهجر من عام 1972 حتى عام 1990 في دولة الكويت الشقيقة، وبكل أسف لاتوجد مقارنة قط في الحدائق والمتنفسات المخصصة للأطفال (فلذات أكبادنا)، والإنسان عندما يشاهد الاهتمام المقدم في دول مجلس التعاون الخليجي للأطفال يصاب بالذهول والكمد من كيفية تسخير كل الإمكانيات لهؤلاء الأطفال من أجل بناء جيل قوي علمي محب للوطن، وأوجه بمرارة كلمتي للقيادة ومحلي المحافظة والمديرية لتحسين وضع الحدائق والمتنفسات من أجل قرة أعيننا، ولكن الذي نشاهده حاليا هو تقدم ملفت في عملية النظافة التي هي أفضل من السابق، وبصراحة التغيير كبير جدا، ونتمنى التقدم للصالح مجتمعنا اليمني».

هل يتحقق حلم أطفالنا على يد الجفري

الأستاذة شادية عبدالله محمد الدبعي:

«لقد كانت محافظة عدن في السابق تهتم بملاعب الأطفال، وبرغم عددها البسيط إلا أنها كانت تؤدي الغرض، أما الآن فتم البسط عليها، والبقية تفتقر إلى ألعاب جديدة، أو فيها تلك الألعاب التي أكلها الصدأ، والتي لايستطيع أطفالنا اللعب عليها خوفا من اتساخ ملابسهم أو تمزقها، فأين الجهات المسئولة عن هذه الملاعب، ألا يرون على الشاشات الفضائية في مختلف بلدان العالم الألعاب المريحة والجميلة التي تسعد الطفل؟!.

أما عن الحدائق المغلقة بحجة الترميمات إلى أجل غير مسمى، ففي فترة الترميمات يكون عمر الطفل (4 سنوات) وعند الانتهاء من ترميم الحديقة يكون قد صار شابا بعمر العشرين، وماذا بعد سن العشرين؟ إذا كان شبابنا يفتقر إلى أندية ثقافية وترفيهية ورياضية يزاولون فيها هواياتهم المحببة، أما في مدارسنا فحصص التربية البدنية يتلقاها أطفالنا بملل وامتعاض وبدون استيعاب، وأطفالنا اليوم ينظرون إلى شبابنا المسكين الفاقد لكل الطموح، المفترش الطرقات، يمضغ القات في وقت فراغه، فلا نستغرب إن قلدهم الأطفال وأصبحوا مثلهم.. أتمنى من الجهات المسئولة (وأخص بالذكر المحافظ الجديد الدكتور عدنان الجفري) أن ينظر نظرة جادة إلى المتنفسات والحدائق وحال شبابنا اليائس، وأن يتفقد المساحات المتبقية من عدن التي لم يتم البسط والاستيلاء عليها بتوجيهاته الصارمة والجادة، ويقوم بتحقيق حلم أطفالنا ببناء ملاعب نموذجية، ويدخل في نفوسهم السعادة وفي نفوس أمهاتهم الطمأنينة والرضا مع دعواتهم الصالحة، وتوفير أندية زاخرة بالنشاطات الشبابية من أجل إبعاد شبابنا الغالي من الانحطاط الأخلاقي والفساد، والحد من انتشار الجريمة في هذه المدينة الحزينة، عسى أن تعود الابتسامة الجميلة إلى ثغرها، الذي كان باسماً، وهذه أمور واضحة وجلية لكل المحافظين الذين كانت لديهم فرص كثيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولاننسى اللمسات الجميلة التي تركها المحافظ السابق الدكتور يحيى الشعيبي، الذي بذل الكثير من أجل أن تبقى عدن مبتسمة دائما، ولم تعجب هذه الابتسامة الغيورين من جمالها.. فعادت عدن تبكي نفسها وتبكي أطفالها وشبابها وشيوخها».

أنقذوا ما تبقى من مساحات للمتنفسات

مديرة روضة المنارة الأستاذة نعمة حسين صالح:

«لاتوجد أماكن مخصصة للأطفال للأسف، حيث يضطر أطفالنا اللعب في الشوارع والحارات وفي أماكن سير السيارات، مما يسبب للأهالي الكثير من المعاناة من كثرة المشاكل والإصابات، وهناك كثير من الحدائق والمتنفسات نجدها مغلقة أمام أطفالنا نتيجة للبسط عليها، لعدم وجود رقابة من الجهات المختصة واللامبالاة بحرية الطفل، ولابد من وقف فوري للزحف على كل مساحة أو مدخل في أحياء يمكن أن تكون متنفسا لفلذات أكبادنا، وعلى الطفل أن يأخذ حريته في اللعب وعدم التقيد، وبذلك نعطيه حقوقه المفروضة علينا في اللعب وعدم حرمانه من أي شيء، ولإنقاذ ما تبقى من مساحات ومتنفسات يجب على الجهات المختصة أن تنظر بهذا الموضوع باهتمام، وأن تكون هناك رقابة دائمة، لعدم البسط عليها من أيادي لاتعرف معنى حقوق الطفل».

أطفالنا أمانة في أعناقكم

الأستاذة نادية محمد قائد أغبري (أمين عام اتحاد نساء اليمن): «سأتحدث عن منطقة القلوعة الواقعة في مديرية التواهي التي تفتقد إلى مواقع للأطفال، وهل يعلم محلي المحافظة والمديرية أن أطفالنا يدرسون في روضة حافون ويقطعون المسافة بين القلوعة وحافون مشيا على الأقدام، فلا توجد روضة في منطقة القلوعة، بل توجد العديد من المواقع المهجورة، وهي مملوكة لحزب أو لنقابة.. وهي أطلال يعيش فيها الأشباح، فلماذا لانستغلها لتكون ملعبا أو ناديا للشباب إسهاما من هؤلاء الملاك مع الدولة لشبابنا.. منطقة القلوعة تعاني من مشكلة كبيرة جدا في زيادة نسبة التسكع في الشوراع وتعاطي التمبل والزردة وشرب الحبوب والشمة، وكل هذه المظاهر بسبب الفراغ الكبير الذي يعاني منه شبابنا ونقص المتنزهات والحدائق، وغياب البرامج التثقيفية وتنمية مهارات الشباب التي بها لن يفكر الشباب بأي سلوك ضد القانون ومرافقة أصدقاء السوء الذين يعملون على خراب الآخرين، ويرتكبون الفاحشة والسرقة.. أوجه كلمتي إلى المجلس المحلي م.عدن خاصة الدكتور عدنان الجفري، أن يعطي جل اهتمامه لمتنزهات أطفالنا ونوادي شبابنا، والنزول المباشر للحدائق التي لم تكتمل وبحاجة للترميم، وفي منطقة القلوعة توجد المساحة أمام مقبرة الجنود البريطانيين، وكانت مخصصة كملعب للأطفال، ولكن تفاجأنا أنه قد تم صرفها لأحد المستثمرين، وهناك أيضا في مديرية التواهي التلاعب حاصل، ونقول أطفالنا أمانة في أعناقكم».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى