الباحثون عن فرصة التجنيد العسكري لـ «الأيام»:التسجيل خاضع للمحسوبية والمجاملة وحتى أولاد الشهداء والمناضلين محرومون

> «الأيام» أنيس منصور:

> كلمات خطت بأقلام الشباب وعبارات خرجت من أفواهم: «لقد يأسنا من التوظيف.. سدت أمامنا أبواب العمل.. ليس لنا ساعد نتكئ عليه أو مبلغ ندفعه..» ألفاظ مخلوطة بالدمع، ومناظر على مد النظر في زحام وصياح وفوضى ومهاترات شديدة، بحثا عن التجنيد العسكري، اصطف الآلاف من الخريجين الشباب من مديريات لحج في منطقة الراحة بمعسكر الكبسي في سياق محموم للتسجيل في السلك العسكري، الكثير منهم، خصوصا الفقراء وأولاد الشهداء والمساكين عادوا كما أتوا، أصيبوا بخيبة أمل، يحملون أوراق بيضاء، أصبح بينهم وبين التجنيد أمدا بعيدا بفعل أقلام وأختام وتدخلات رموز الفساد.

التقت «الأيام» نماذج متنوعة عادوا بالقهر والبؤس، يرفعون نداءهم لوزير الدفاع ورئيس الجمهورية عبر صفحات «الأيام» فإلى التفاصيل:

> رمزي محمد ردمان عليوة حضر إلى مقر لجنة الاستقبال يتأبط شهادة وفاة والده الذي استشهد في يناير 86م وشهادات وفاة والدته وإخوته وجدته الذين استشهدوا بقذائف الكاتوشا في صيف 94م.. رمزي يتيم الأبوين، متزوج وأب لطفلين، وقيادي في التكوينات الصغرى للمؤتمر الشعبي العام، قال بصوت المظلوم ولهجة الإحباط :«خمسة أيام بلياليها وأنا أمام بوابة معسكر الكبسي بالملاح تم حذف اسمي من الكشف، وبعد مراجعة ومتابعة قالوا لنا انتظروا قليلا، وهكذا يتم صرفنا وإبعادنا وتطفيشنا حتى نستسلم، ويتم استبدالنا بآخرين عبر شفرات واتصالات تلفونية، لاندري لمن نشتكي؟ وأين سنجد ميزان العدالة وإعطاء كل ذي حق حقه؟».

> جلال محمد صالح غالب شاب من أسرة فقيرة، يتيم الأب، لم يستطع مواصلة التعليم الجامعي، ليس عنده تكاليف التعليم عاد خائبا مطأطئ الرأس تحت لهيب الشمس في صحراء منطقة الراحة، ولايوجد بحوزته سوى إيجار نقله ذهابا وإيابا، أحضر معه خبزا يابسا، قال جلال:«أولا قالوا لي عمرك مرتفع ثلاثة أشهر عن الشروط العمرية المطلوبة، وهناك من همس في أذني أنه سيتم قبولي بشرط أن أدفع حق التعب وحق اللجنة.. نشاهد أناس تدخل وتخرج وكشوفات مختومة وأشياء أخرى وجه لوجه، وأنا والله فقير فقير، كرهت التجنيد».

ورفض جلال مواصلة الحديث لأن الكلام لايجدي وليس له أثر مادام لجان الاستقبال ترفض التفاهم والإصغاء لواقع طالبي التجنيد.

> فتحي أحمد محمد سعيد من أسرة فلاحية فقيرة معوزة، حلف أيمانا أنه استدان قيمة الذهاب والإياب والانتظار ليسمع اسمه مقبولا في التسجيل العسكري، قال: «والله إننا انتظرنا وقلنا لعل وعسى لكن لافائدة، أصبحنا محرومين من الكليات الحربية وكليات الطيران ومعهد القضاء والبعثات الخارجية، وأخيرا حتى التجنيد العسكري، عملية التلاعب مرتبطة ومخطط لها من قبل أمناء عموم المجالس المحلية وبعض السماسرة الذين يستقبلونك قبل الدخول إلى لجنة الاستقبال، ناهيك عن بعض الروشتات».

وتحدث فتحي عن نفسه قائلا: «أنا مثل كثير ممن حرموا من القبول، لأن التسجيل خضع للمحسوبية والمجاملة، ولم يحترموا ويقدروا أولاد الشهداء والمناضلين».

> عمار أحمد علي سعيد العامري أحد الذين أوصدت أمامهم عملية النجاح والقبول في السلك العسكري، هو أصلا من مديرية القبيطة ويسكن منفصلا بين الراهدة والقبيطة في منطقة (حدابة) لم يستطع التسجيل، لأنه أصبح بين ملعب محلي القبيطة وكرة السلطة في الراهدة، محاولات من هنا وهناك لتسجيله ذهبت سدى، قال له أحد أفراد لجنة القبول: «إن شاء الله المرة القادمة». وذكر عمار أن نهاية العلاج الكي، ونهاية اليأس أن تسجل عسكري، وقال: «نحن على يقين من أن رواتب الجيش لاتسمن ولاتغني من جوع، ولكن الفقر وصعوبة العيش جعلتنا نغامر طلبا في التجنيد، ولم نتوفق لأسباب ومسببات لايعلمها إلا الله، ثم الراسخون في طرق التلاعب بحالات التجنيد».

> يحيى محمد عبدالله صالح يتيم الأب سقط سهوا، قام بتقطيع وثائقه في ساحة معركة القبول، لايدري أين ضاع اسمه ومن الذي أضاعه من كشف التسجيل.. عاد يحيى غاضبا على المؤامرات على أسماء الشباب المساكين، بينما الذين تدخل أسماؤهم عبر مسؤولين وسماسرة يكتب لها النجاح.

> بكيل محسن هزاع قال: «هناك تميز في الحصص المعتمدة لكل مركز انتخابي، حيث يتم اعتماد خمس حالات لبعض المراكز، والمتقدمون أكثر من مائة وخمسين حالة، ضآلة وقلة الحالات المعتمدة أصبحت فتنة ومحل صراع.. وتحدث أحيانا عملية تقاسم واحتراف على الحالات من قبل السلطة المحلية، وأنا أحد الضحايا الذين رفضت لجنة القبول تسجيلهم، لأن المجلس المحلي معه كشفان كشف ظاهر للجميع وكشف خفي تعتمده اللجنة».

وذكر بكيل أن آلام المعاناة التي يعيشها ويكتوي بها- بعد مرض والده ووالدته- وأمور كثيرة يرى أنه من العيب الإفصاح عنها حسب عادتهم في الريف جعلته يترك التعليم، والوقوف في الطابور منذ ثلاثة أيام خلف سراب التجنيد العسكري، وأوهام الوعود بالاهتمام بشريحة الشباب.

> محمد ردمان علي سعيد تعرض والده للسجن ظلما، وأصيب عدد من أسرته في حرب 94م قال: «لاينظرون إلينا نحن الفقراء، ولايبقى لي إلا مناشدة وزير الدفاع عبر الصحافة، لقد فشلت محاولات تسجيلي في السلك العسكري لأسباب غامضة، ولأن بشرتي سوداء فقط».

> طارق حيدرة شائف قال: «أنا ضد أية أعمال تجر إلى الفوضى والشغب واستغلال مطالبهم، ولكن هناك بعض الشباب في سن المراهقة، ولايعرفون كيف يأخذون نصيبهم بالتي هي أحسن، وهناك مسؤولون يستثمرون هذه الفوضى، وهم الذين يصطنعونها، ولم يعرفوا عواقبها، الأمور تسير بعشوائية.

وأنا واحد من الذين تعرضوا للقرصنة، لقد طال انتظاري واقفا وسط الزحام والعطش، قالوا لي بصوت مرتفع: «لاتتعب نفسك اسمك غير موجود»، مع أني متأكد من وجود اسمي في الوثيقة المرفوعة من المجلس المحلي، أدعو قيادة وزارة الدفاع إرسال أشخاص يراقبون عملية التسجيل والقبول من بعيد حتى يعرفوا حقيقة العبث واللعب والوساطات».

> فهد علي صالح من مناطق الضاحي قال: «رغم أني عضو في المؤتمر الشعبي العام، ولدي ما يؤكد انتمائي له، وكان اسمي واضحا في المذكرة المرفوعة من قبل عضو المجلس المحلي إلا أنه تم رفضي، ورمي ورقة عضو المجلس المحلي، وهناك أسماء يتم رفعها عبر مقرات المؤتمر الشعبي العام، تم استثناء بعض الأسماء، وأنا واحد منهم، وهي تصرفات تثير الغضب بالطبع، ولاحول ولاقوة إلا بالله.. الرزق على الله!».

ختاما

الحديث السابق والنماذج الشبابية التي حرمت من فرص التجنيد تؤكد أن الوضع المعيشي أجبر الشباب على الزحام أياما وليالي، وأنهم أمام مستقبل مجهول، لا عناية ولا اهتمام ولا وظائف ولا زواج، وبالتالي لا حياة حقيقة.

وأوضحوا أنهم على أمل أن يستجيب وزير الدفاع والجهات المختصة لإعادة النظر وتمكينهم من الالتحاق بالسلك العسكري ومعالجة أسباب الحرمان، مع معاقبة الأيادي المتلاعبة بحقوق الشباب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى