«الأيام» تستطلع أوضاع أهالي الضبيات بالضالع.. الضبيات.. المنطقة التي جاورت القمر فعاثت فيها أيادي البشر

> «الأيام» محمد مرشد عقابي

>
منظر لوادي الضبيات
منظر لوادي الضبيات
الضبيات منطقة تقع جنوب محافظة الضالع تأسر بجمال مناظرها الألباب وتسحر بطبيعتها الأفئدة، هي منطقة تعانق الضباب وتجاور القمر فتحكي له أسرار مجدها وعنفوانها، إلا أن آهاتها وآلامها من انعدام المشاريع المهمة لاستمرار الحياة.. صحيح أن الكهرباء وصلت وكذلك الاتصالات إلا أن هناك ما هو أهم كالماء، الصحة والطريق.

> عن ذلك يحدثنا مشتاق الشيخ بن طه: «المياه شيء ضروري لاستمرار الحياة وهذا ما يجعل من الضبيات آفة الآفات فلقد نزح العديد من الأسر هرباً من عدم توفر المياه الصالحة للشرب حيث تذهب النساء والأطفال لجلب المياه من أماكن بعيدة كالسدود التي تعتمد أساسا على مياه الأمطار، صحيح يوجد لدينا السد العالي الكبير وقد تم تنفيذه قريبا بجهود ذاتية وفاعلي الخير ولكنه بعيد جدا وهذا هو سبب النزوح المستمر من الضبيات إلى مناطق أخرى».

> وعن الصحة يواصل:«صحتنا عليلة تبحث عن من يداويها أولاً فلمن نشتكي، إذا كان المتسبب هو صاحب الشأن وهو من يحتال على المشاريع ويأخذ مردودها إلى غير رجعة دون أن يردعه عن ذلك أحد. فالصحة عندنا لا شيء غير المركز الصحي الذي هو حديث البناء منذ سنتين ولا توجد بداخله حتى طاولة أو قطعة شاش أو حتى شريحة زجاجية لعمل الفحص فنحن ننقل مرضانا إلى الضالع ولحج فلماذا إذاً تم بناء المركز الصحي مادام دون تأثيث ولم يتم تشغيله منذ سنتين؟

أليس من أجل تقديم الخدمات والإسعافات الأولية أم لكي نتفرج عليه ونحوله إلى قاعة حفلات ومناسبات؟!

إني أناشد وعبر هذا المنبر الحر الجهات المختصة بسرعة تشغيل وتأثيث المركز الصحي لكل يخفف على الناس بعضاً من معاناتهم ومرضاهم وإلا فعلى الحكومة أن تنذر به كي نحوله إلى مقبرة للموتى الذين يموتون دون سابق إنذار بسبب الإهمال والتماطل الذي هو بضاعتها أصلاً».

> وعن الطريق يشاركنا الطالب الجامعي صادق عدنان بقوله:«من يريد أن يزور الضبيات لابد له أن يسلك طريقاً ترابية متعرجة وتكثر فيها الحفريات والمطبات فالطلاب الجامعيون يسلكون هذه الطريق يومياً ذهاباً وإياباً مما يسبب لهم متاعب فما أن يصلوا كلية التربية الضالع حتى تطير معلوماتهم الدراسية من شدة الغبار الذي يغطي رؤوسهم ويعكر فكرهم.

وكذلك إذا أردنا أن نسعف مريضاً أصابته نوبات من الحمى والبرد وعندما نصل به إلى مستشفى النصر نجده يشكو تهالكا جسديا وآلاما في المفاصل والعظام مع صداع شديد وشقيقة بدلا من الحمى والبرد التي كانت هي سبب إسعافه وكل ذلك بسبب الطريق علما أنه تم اعتمادها قبل عشر سنوات وإلى الآن ونحن ننتظر حلماً طالما راودنا ولم نجن منه إلا زيف الحكومة وإهمالها المتعمد بغرض عزل الضبيات عن المناطق الأخرى».

التعليم والتجهيل صورتان لوجه واحد في الضبيات

> عن التعليم يحدثنا الأخ فهد عبدالحكيم موفق:«أيعقل ما تقوم به السلطة وتنفقه على مشاريع وهمية ومليارات تذهب إلى جيوب الفاسدين.. فها هي مدرستنا القديمة شامخة منذ زمن بعيد، أما المدرسة التي بنيت في دولة الوحدة فهي تبدو كمساكن أشباح أو أنها من أيام قوم عاد وثمود، إنها مجرد هيكل لا غير.

فالطلاب يدرسون في المدرسة القديمة بالإضافة إلى مدرسة تم بناؤها حديثاً بجانب المدرسة التي لم يستكمل العمل فيها وقد توقف منذ أكثر من ثلاث سنوات فهي مبنى متهالك وجدرانه متشققة وكأنها بنيت منذ ألف عام.

وبالنسبة لمخرجات التعليم الحكومي فهي خارج نطاق التغطية، فالتعليم في الضبيات أضحى قصة من قصص ألف ليلة وليلة ولولا المسجد الذي تدرس فيه مناهج الدراسة بغرض التقوية على القراءة والكتابة لكانت هذه كارثة تعليمية لم يشهدها التاريخ من قبل.. فأين دور الحكومة في تقييم العملية التعليميه اذاً؟ وأين المليارات التي تنفق باسم التعليم.

وعلى الحكومة ألا تنسى أننا نعيش في عصر التكنولوجيا والتعليم عن بعد وهي لاتزال عاجزة عن إخراج جيل متعلم ومتحرر من قيود الأمية».

السد العالي الذي تشتهر به منطقة الضبيات
السد العالي الذي تشتهر به منطقة الضبيات
مشاهد محزنة لطبيعة خلابة

> كثير هم من اضطرتهم أحوال الضبيات المتدهورة اللجوء إلى العيش في مناطق أخرى مثل (المسيمير، الحبيلين، الضالع، لحج وعدن) فهم يحملون الحنين على جناح الشوق المحلق في سماء منطقة زينتها قدرة الله بجمال طبيعي لا يضاهيه جمال، ومن هولاء الناس أديب السيد، الذي أنهكته تنهيدات البعد وفقدان الحبيبة كما أخبرنا هو في بداية حديثه إلينا الذي خرج من فمه وكأنه رصاصات نارية كان جوفه محشواً بها.

صمت بعدها قليلا ليبادرنا بتنهيدة عميقة قائلا:«العيش في الضبيات مكرمة وراحة يتمناها كثير من الناس فهواؤها النقي ونسماتها العليلة شفاء واف ودواء كاف».

أما بالنسبة لما تعانيه الضبيات من أحوال متدهورة وإهمال متعمد يواصل أديب حديثه: «إنها مدينة مشهورة يحاول البعض أن يسلبها جمالها ورونقها فحرموها من المشاريع وقطعوا أهم وسيلة للوصول إليها وهي الطريق ولكن قدرة الله أقوى منهم ومن أفعالهم وتعمدهم في المماطلة بتنفيذ مشاريعها التنموية التي تنعق بها الحكومة ليل مساء..

فأين مشاريعك ياحكومة؟ .. وأين ما تنفقين عليه من مشاريع غير أوهام وأكاذيب هي أصلا العمل الأساسي في ماتقوم به الحكومة عبر الواقع وليس عبر الورق التي تمتلئ بها الأدراج والمخازن».

> في نهاية الاستطلاع ومع آخر نسمة من نسمات الضبيات نودع مدينة عظيمة تحمل بجانب مجدها وأرشيفها البالغ عنان السماء لطخات سوداء وأحزانا خلفتها أحوال السكان وأوجدتها أيادي العبث وأفعال الفاسدين الذين لايرون في الوجود شيئا جميلا وإلا فكيف بهم يهملون مدينة وتاريخا بحجم الضبيات فهو دليل واضح على أن ضمائرهم الميتة ترضى أن توأد مدينة بهذا الحجم.

فالإهمال هو السائد والتسيب هو الناطق الرسمي والتعمد في تشويه جمالها وسمعتها هو وصمة عار في جبين الحكومة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى