من ميادين النضال إلى سجون الاعتقال

> «الأيام» محمد علي الجنيدي:

> يأسف المرء حينما يشعر أن حقبة من عمره مرت، ولم يصل إلى ما يصبو إليه ويأمله، ويأسف حينما يدرك أن قرارا اتخذه بملء إرادته لم يجن ثماره، ويأسف المرء حينما يرى أخاه الذي اتخذه سندا يستند إليه، لم يكن أهلا للثقة والأمانة، ويأسف المرء أيما أسف عندما يجد وطنه كلعبة بيد محترفي الفساد الآثم والظلم الغاشم، وقد جعلوا منه أداة حادة تطعن جسد أبنائه.

إن كان الجنوب بالأمس هو المبادر للقيام بالوحدة، وعلى أثرها قدم التنازلات والتضحيات لإتمامها، فإنما ظنا منه أنه بالتوحد يصبح الوطن أكثر تطورا وحضارة وأمانا، وذا مستقبل مشرق تحكمه القوانين العادلة والأنظمة المنصفة المتخذة من الديمقراطية وحرية التعبير نهجا لها، فهل كان الجنوب محقا في ظنونه.

إن أبناء الوطن الذين ظلموا خلال الحقبة الماضية لا عجب أن نراهم يرتصون ويلتمون ويتكاتفون ويشكلون تكتلا يقف ضد الظلم وأهله، وبطبيعة الحال ستجد الجميع يقف معهم ويتمسك بهم ويؤمن بقضيتهم، وإذا طالب أبناء الوطن بالاعتراف بقضيتهم، فأن هذا لايعد جرما وإنما حق من حقوقهم، فهم الشريك الآخر في قيام الجمهورية اليمنية الموحدة، التي لأجلها سلموا دوله قائمة بذاتها وكيانها ومؤسساتها وثرواتها لقيام وحدة المساواة، ولكنهم لم يحصلوا سوى على الظلم والتهميش والإقصاء والنفي والذل والمهانة والخوف والاستبداد، وهم يرون بأم أعينهم أرضهم تنهب وتسلب وتستقطع، فكيف لايكون لهم الحق في الدفاع عنها.

ورغم كل المظالم التي سلط عليهم، إلا أن ذلك لم يدفعهم إلا للجوء للطرق السلمية المشروعة التي كفلها الدستور والقانون عن طريق الاعتصامات المطالبة بحقوقها المشروعة، ولم تقم بأي تمرد أو عصيان أو إثارة للشغب.

فما نشاهده ونتابعه من تلك الاعتصامات السلمية حق مكفول، ومن يدعون لقيامها هم كذلك يكفل لهم الدستور ذلك، فهم لم يدعوا إلى الانفصال أو التمرد، بل يطالبون بمطالب شرعية تعيد لهم كرامتهم وعزتهم وأرضهم وثرواتهم بالاعتراف بقضيتهم الجنوبية.

إن الطريقة الهمجية التي مورست بحق من يطالبون بحقوقهم تدل على ضيق الصدر، وشن حملة اعتقالات واسعة على قادة الحراك السلمي الجماهيري يضع البنزين على النار.. كان حريا بالسلطة أن تتصرف بعقلانية، لتجسيد روح الديمقراطية التي تتحدث عنها، أما من هم في سجون الاعتقال، فأقول لهم إن الصمود سمة الرجال، والتحمل عادة الأبطال، ولابد دون الشهد من إبر النحل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى