شارك في مساجلته الشاعران صالح مبارك سالمين وجمال عبدالله حميد.. يسلم بن علي .. والفن بين الأمس واليوم

> «الأيام» رياض عوض باشراحيل:

> بعد غزو القنوات الفضائية للفضاء الإعلامي وسيطرة الأغنية المصورة ذات المشاهد الصارخة على الأغنية السمعية الأصيلة عاد الفن الغنائي العربي عموماً خطوات إلى الخلف افتقرت معها جل النصوص الغنائية إلى الموضوعية والشعر الحقيقي وأساء كثير من الأغنيات إلى الذائقة وكرست مفاهيم جديدة هابطة وروجت للإسفاف، وليست كل الأغاني بالطبع على هذا النهج، ولكن الجيد كان نادراً والأغلب كذلك تؤكده حالة التهافت الغنائي للفن الذي تبرزه كلمات ركيكة هزيلة القيمة الفنية ومشاهد مقحمة من خارج النصوص الغنائية تصدم وجدان المتلقي وتثير سخريته فينعى القيم الفنية الحقيقية التي تسمو بالروح العربية التي نشأت على تذوق الفن الحقيقي والتفاعل مع الأغنية الأصيلة .

والمطرب الأصيل هو الصوت الباقي في ذاكرة الغناء العربي وقد حصد بقاءه وخلود أغنياته من قوة صوته وجماله وحسن ذوقه وليس من وسامة شكله أو لبسه أو من علاقات وصفقات وغايات تحكم الكثير من الأصوات الغنائية البارزة اليوم .

وفي ضوء هذا الواقع تحركت ذاكرة الشاعر الغنائي القدير (يسلم بن علي) صاحب أغنيات شهيرة غناها كبار المطربين في جزيرة العرب ومنها: في سلم الطائرة وياعسكري فك الإشارة لطلال مداح، وأنا مالي وإلى هنا وانتهينا لأبي بكر سالم بلفقيه، ومنك ياعسل دوعن لعبدالمجيد عبدالله، وسقوك المر ياقلبي ومن يربي عيال الناس لفيصل علوي، و..غيرها، تحركت ذاكرة (ابن علي) وعادت به إلى زمن الأصالة والإبداع في مواجهة حقيقية بين الماضي والحاضر، فتحسر على إشراقات الفن الأصيل في الماضي واستبد به الحزن على واقع غنائي انخفض بعد ارتفاع وانحدر بعد شموخ وتهافت بعد سمو، واقع يمجد الأصوات الغنائية بمقاييس شخصية وشكلية وسطحية ويشهرها بعيداً عن المعايير الفنية الدقيقة.. وأخذ الشاعر يقارن بين فن الأمس واليوم بأسلوب فني تمتزج فيه السخرية من الواقع الفني مع الطرافة والفكاهة وخفة الروح التي عرف بها (يسلم بن علي) مشيراً إلى الفنان جواد العلي كرمز للمطرب الشاب الوسيم والفنانة نجوى كرم كرمز لمطربة اليوم، فقال :

زمان يافن برجك في السماء معتلي

رموك في البحر قرب الجانب الساحلي

ماقصدهم شي فن من إنسان جيبه خلي

يبغون نجوى كرم والا جواد العلي

باشاهدك في الفضائية وقلبي سلي

باشوف جسم منعم مكتسي بالحلي

والفن مطحون مابين العجل والدلي

وقد نمت أبيات الشاعر يسلم بن علي إلى أذن الشاعر الغنائي الفنان صالح مبارك سالمين (بوعلي) فآثر الأخير أن يصدح برأيه ويدلي بدلوه في هذا الموضوع الفني المهم، فنظم على ذات الوزن والروي أبياتاً أكد فيها أن الفن اليوم أضحى مريضاً وبحاجة إلى علاج وأن الشللية والعلاقات الشخصية والغايات غير النزيهة هي التي تحكم الروابط الفنية في المجتمع الغنائي وأوصلت الفن إلى ما وصل إليه .. فخاطب الفنان صالح مبارك الشاعر يسلم بن علي (أبو فضل) قائلا له :

أبو فضل أيش البصر من بالهوى مبتلي

الفن ممزوج في دمه بلي بوعلي

وبلي بشلة بغت دعوة لها من ولي

أما هداية وأما جور به تبتلي

الفن عفن صار صوبه عالكبد والكلي

موجود تعبان دعوا له بالشفاء العاجلي

يتناتفونه شلل ذا لك وهذاك لي

والدنكلية لها إلا زوجها الدنكلي

أما الشاعر الشاب جمال عبدالله حميد فقد اعتبر رواج فن الميوعة والتفاهة الذي تبناه بعض أدعياء الفن والمنتسبين باطلاً إلى الوسط الفني هو أحد الأسباب المهمة لتدني المستوى الفني، ويعقد شاعرنا مقارنة بين ما سماه فن التفاهة والفن الراقي لينتصر للفن الحقيقي، ويشدو شاعرنا جمال في ختام أبياته بالأمل في انقشاع الغمة وانجلاء سحابة فن التفاهة والإسفاف والتطلع لإشراقة قريبة لشمس الأصالة ليعود الصفاء والنقاء والصدق الفني مثل ما كان في الزمن الجميل .. وأخذ شاعرنا جمال عبدالله يوجه جوابه الشعري للشاعر الكبير يسلم بن علي قائلاً :

الفن يابن علي عايشتكي لك ولي

ويصبح دركاه يامن قد بقي من هلي

كل يوم مما نشوفه ونسمعه نغتلي

بالزور نسبوا إليَّ كم من دعي باطلي

عدّى زماني وزمن هيفاء أتى وزلزلي

فن التفاهة قضى هو والميوعة علي

ولعاد شي فن راقي به المحب يستلي

والروح به ترتقي في صفو ظاهر جلي

متى متى عن سمانا الغيم ذا ينجلي

والفن شمسه تشع مثل الزمن الأولي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى