الرئيس:للانتقام من أمريكا فتحت العناصر المتطرفة في إيران جبهة في صعدة

> صنعاء «الأيام» سبأ:

>
علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية
علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية
نشرت أمس وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) نص مقابلة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية مع صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.. فيما يلي نص المقابلة.

> «نيويورك تايمز»: أولا فخامة الرئيس دعني أخبرك بأنني أحب اليمن، وهذه ثاني زيارة إليها، وأتمنى أن أزورها مرات أخرى أكثر من مرة، وهي في الحقيقة بلد ليست سهلة، ولكني أتمنى أن أتعلم منها الكثير, فخامة الرئيس أي زائر لليمن كان قد زارها من قبل يستطيع أن يلحظ هذه المرة أو في زيارته هذه الأيام إلى اليمن خاصة إلى مدينة صنعاء اختلافا واضحا، وهو وجود العديد من نقاط التفتيش في مختلف المناطق، سمعنا بأن الصراع الموجود أو المواجهات الموجودة في صعدة امتدت إلى مديرية بني حشيش.. في الحقيقة مثل هذا الصراع غير مفهوم في الغرب، هل يمكن أن تساعدونا يافخامة الرئيس في شرح هذا الصراع، وكيف وصل أو امتد إلى بني حشيش؟.

- فخامة الأخ الرئيس: على كل حال الصراع الموجود في صعدة هو امتداد للصراع الذي بدأ منذ قيام الثورة في 26 سبتمبر 1962 حتى انتصرت الثورة في عام 1970، واختفى ذلك الصراع بعد أن تم إيقاف الدعم الخارجي للعناصر الإمامية وهدأت الأمور واختفى هؤلاء الإماميون إلى أن جاءت التعددية السياسية بعد إعادة تحقيق الوحدة في عام 1990، حيث بدأت هذه العناصر الإمامية وعبر استغلال مناخات الديمقراطية والتعددية تطل برأسها مرة أخرى مستغلة تلك المناخات، حيث بدأوا يتجمعون ويتحركون تحت أسماء ولافتات متعددة ومن خلال أحزاب سياسية معلنين سواء من خلال ما يسمى (حزب الحق) أو ما يسمى (حزب اتحاد القوى الشعبية) اللذين تبنيا الدعوة لعودة الإمامة إلى اليمن، فأطلت تلك العناصر برأسها مرة أخرى في محافظة صعدة، وبدأت ترفع شعار الموت لأمريكا، وهذا شعار تم أخذه من الشعارات التي ظل يرددها بعض الإيرانيين المتعصبين، حيث يدعون أن الأنظمة السياسية في المنطقة مدعومة من أمريكا، وسايرتهم تلك العناصر المتمردة في صعدة في رفع نفس شعار الموت لأمريكا، وفي ظل دعم إيراني غير رسمي من بعض الجهات أو العناصر المتطرفة في إيران للانتقام من الولايات المتحدة الأمريكية، ففتحت جبهة في صعدة عبر تلك العناصر الإمامية التي ظلت تحلم بإعادة النظام الإمامي البائد والمتخلف.. هذه هي الخلفية للأحداث التي بدأت في صعدة، وكان لها امتداد في إحدى المديريات المجاورة لصنعاء، وهي مديرية بني حشيش التي تواجدت فيها أو تسللت إليها بعض تلك العناصر، لكن الدولة حسمت الأمر بسرعة وسيطرت على الوضع في بني حشيش. أما فيما يتعلق بإقامة نقاط التفتيش على مداخل العاصمة فهو يأتي من باب اتخاذ الإجراءات الأمنية الاحترازية، لأن تلك العناصر الإمامية المتمردة لها جذور ومعها عناصر في صنعاء تدعمها بالمال والحملات الدعائية والبيانات ومواقع الإنترنت وبشتى الوسائل، فكان لزاما على الدولة أن تأخذ احتياطات أمنية ضد تلك العناصر المتمردة التي أطلت برأسها في محافظة صعدة، وكذلك ضد عناصر تنظيم القاعدة، لأن عناصر تنظيم القاعدة أيضا يشكلون خطرا آخر بذريعة أن الدولة تتبنى مكافحة الإرهاب، وأنها تتعاون في هذا الصدد مع الولايات المتحدة الأمريكية والأسرة الدولية, فلذلك نحن نواجه صراعين في آن واحد صراع مع تنظيم القاعدة المدعوم من بن لادن والآخر مع العناصر الإمامية التي أطلت برأسها في بعض مديريات محافظة صعدة.

> «نيويورك تايمز»: فخامة الرئيس أود توضيحا أكثر.. البعض يردد أو يقول إن مثل هذا الصراع طائفي، ولكن أنا أرى أن هذا الزعم غير صحيح، لأنك أنت نفسك تنتمي لنفس مذهب الذين يحاربونك, فهم زيديون ويقولون بأنك تحارب الزيدية, أعتقد كما قلت إنهم بالفعل يحاولون إعادة النظام الإمامي.

- فخامة الأخ الرئيس: النظام الإمامي نظام عنصري، وقائم على الادعاء بالحق الإلهي في الحكم، ولا علاقة لما يجري في بعض مديريات صعدة بأي مذهب، لكن العناصر التي أشعلت فتنة التخريب والتمرد تستغل عواطف الناس وتسعى لحشد أنصار لها بالترويج لافتراءات مضللة تزعم فيها أن الدولة تحارب المذهب الزيدي, وهذا افتراء باطل, وطبعا هناك من يدعي أن الحكم ينبغي أن يكون حكرا على الهاشميين في اليمن، وأنه يجب أن يكون تحديدا لأسرة آل حميد الدين، وأنه لايجوز الولاية العامة إلا فيهم، ولكن هؤلاء قلة ولايمثلون الهاشميين أبدا، فالغالبية من الهاشميين وطنيون وثوار ومخلصون وجمهوريون ويؤمنون بالديمقراطية وبالتعددية ولايدعون بالحق الإلهي، ولكن هذه العناصر القليلة والضالة هي التي تسيء إلى الهاشمية والهاشميين بمثل هذه الهراءات المضللة.

> «نيويورك تايمز»: إذاً لماذا إيران تدعم مثل هذا التوجه، خاصة عندما أشرتم أنه ليس طائفيا.. وهل هناك تنسيق يمني أمريكي لمواجهة هؤلاء؟.

- فخامة الأخ الرئيس: هؤلاء مدعومون من بعض العناصر المتطرفة والمتعصبة في بعض الجهات الإيرانية، وهي التي تدعم هؤلاء من منطلق أنهم من آل البيت بحسب رأي تلك العناصر المتطرفة، ويشاطرونهم نفس الأفكار الضالة.. وبعضهم لديه أجندة لتصفية حسابات مع الولايات المتحدة الأمريكية على الأراضي اليمنية وعلى حساب الدم اليمني، وبالنسبة للتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية حول أحداث صعدة لايوجد أي تنسيق بين البلدين في مواجهة مثل هذا الموقف في صعدة، ولكن هناك تعاون ثنائي بيننا وبين الولايات المتحدة الأمريكية ومع الأسرة الدولية حول مكافحة الإرهاب، خاصة فيما يخص تنظيم القاعدة، وهو تعاون أمني ومعلوماتي ومن أجل مصلحة الجميع.

> «نيويورك تايمز»: فخامة الرئيس أود أن أسأل عن القاعدة. لقد حققتم نجاحات متعددة في هذا المجال، ولكن مؤخرا حدثت بعض الحوادث أو الهجمات، أعتقد أنها صغيرة، ولكن السؤال ماذا يحدث مع القاعدة، هل تعتقدون أن هناك جيلا جديدا من القاعدة أصبح هو من يقوم بهذه العمليات؟.

- فخامة الأخ الرئيس: عناصر تنظيم القاعدة نحن نتابعها، والأجهزة الأمنية في متابعة مستمرة لها، وهي مرصودة، وهم يقومون بين الحين والآخر بهجمات هنا وهناك، لكن الأجهزة الأمنية يقظة وتتابعهم باستمرار وبلا هوادة، والدولة مصممة على مواجهة الإرهاب لأنه آفة خبيثة وخطيرة تضر بمصالح الجميع وأمنهم، وهذه العناصر التي ترتكب الأعمال الإرهابية تحت لافتة القاعدة لا علاقة لها بالإسلام، بل هي بأعمالها تلك تخالف تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف ومبادئه السمحة، وتسيء إليها.

> «نيويورك تايمز»: فخامة الرئيس، الحكومة الأمريكية أحيانا تنتقد الحكومة اليمنية فيما يتعلق إما بالتوجه المتخذ أو المتبع نحو عناصر تنظيم القاعدة، فيما يتعلق باستخدام مثل هذه العناصر أحيانا كمصادر استخباراتية، وإطلاق مثل هذه العناصر لكي يتم إلقاء القبض على عناصر أخرى من القاعدة، وهو توجه أو سياسة تختلف كثيرا عن السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية نحو القاعدة، هل يمكن أن تشرحوا لنا مثل هذه النظرية؟.

- فخامة الأخ الرئيس: نحن عملنا في الحرب ضد الإرهاب على مسارين المسار الأول الترغيب لمن يريد أن يتخلى عن الإرهاب ويعود كمواطن صالح في المجتمع نعطيه الأمان بشرط أن يبتعد عن تنظيم القاعدة وفي نفس الوقت يوفر لنا المعلومات لمتابعة العناصر المتشددة، الشق الآخر هو المسار الذي نتابع عبره عناصر القاعدة بقوة وبحزم، فالولايات المتحدة الأمريكية كانت في البداية غير راضية عن الحوار مع القاعدة، وهم يعتقدون بأن الحوار وإصلاح هذه العناصر خطأ، في الوقت الذي نجري فيه الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية لتسليمنا العناصر اليمنية المحتجزة في معتقل غوانتانامو، وقالت الولايات المتحدة الأمريكية سنسلمكم إياهم لكن نريد منكم أن لاتلحقوا بهم ضررا وأعيدوا تأهيلهم، وهم يفرضون شروطا لإعادة تأهيل هذه العناصر ومن ضمنها إقناع هذه العناصر بالتخلي عن العنف, والحقيقة نحن في حيرة من السياسة الأمريكية لأن العالم يتابع ما يجري لهؤلاء المحتجزين في معتقل غوانتانامو.

> «نيويورك تايمز»: هناك سؤال ليس مهما بالنسبة لي ولكن أسمع الكثير من الحديث واللغط حول جمال البدوي، وأود أن أعرف ما هو الموقف اليمني من هذا الشخص، ولماذا هو مهم؟ أمريكا تطالب بتسليم البدوي وجابر البناء أو ربما الاثنين معا. ما تعليقكم؟.

- فخامة الأخ الرئيس: أمريكا تطالب بتسليم جابر البناء وكذلك جمال البدوي، ولكن الدستور اليمني يحرم مثل هذا الأمر، أي أن يسلم مواطن يمني إلى دولة أجنبية، هذه نقطة أولى, ثانياً جمال البدوي متورط في حادثة المدمرة (يو إس إس كول) وقد حوكم وحكم عليه بالسجن وفر من السجن، وبعد فراره ظل مطاردا من قبل الأجهزة الأمنية، وعندما رأى نفسه محاصرا وشعر أنه لن يستطيع الفرار وسيلقى القبض عليه من قبل الأجهزة الأمنية جاء وسلم نفسه للدولة وأبدى استعداده للتعاون مع الأجهزة الأمنية عن طريق إقناع هؤلاء الشباب الفارين من تنظيم القاعدة بتسليم أنفسهم والكف عن إلحاق الأذى بوطنهم لأن ضرب المصالح الأمريكية والغربية في اليمن يضر بالاقتصاد اليمني، فبدأ يقول أنه سيقنعهم وإذا لم يقنعهم سوف يتعاون مع الأجهزة الأمنية لملاحقتهم ولهذا تركناه في منزله، ولكن المسئولين في الولايات المتحدة الأمريكية وأجهزتها الأمنية أقامت الدنيا ولم تقعدها خاصة من قبل الحزبين الديمقراطي والجمهوري نتيجة للتنافس الانتخابي الجاري بينهما, وقالوا هذا قاتل كيف تطلقون سراحه، ولما رأينا أنه ستحدث أزمة في العلاقات اليمنية الأمريكية اضطررنا إلى إيداعه السجن مرة أخرى لإكمال مدة العقوبة، وهو موجود الآن في السجن وكذلك جابر البناء مودع هو الآخر في السجن ومحاكمته جارية. لقد كان من الواضح أن التنافس الحزبي في أمريكا عكس نفسه سلبيا على أمن واقتصاد اليمن، وكنا نعتقد أننا سنحقق نجاحات باهرة لإقناع الشباب المغرر بهم لتسليم أنفسهم أو ضربهم، ولكن التنافس الحزبي في الانتخابات الرئاسية سبب لنا هذه المشكلة.

> «نيويورك تايمز»: فخامة الرئيس نتحدث عن التطرف، ليس بالضرورة التطرف في الميدان، ولكن التطرف في الأفكار أي (التطرف العقلي)، وهناك دعم سياسي يقال قدمه الشيخ عبد المجيد الزنداني للرئيس خلال الانتخابات الأخيرة، ويقال إن هذا الرجل من خلال ثقافته وتعليمه لكثير من الشباب اليمني يؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة الإرهاب هل تتفقون مع هذا القول أم تختلفون معه؟. لأنه في المحصلة النهائية يتم انتقادكم أنتم شخصيا بدعم هذا الرجل.

- فخامة الأخ الرئيس: على كل حال الشيخ عبدالمجيد الزنداني كان مدعوما من الولايات المتحدة الأمريكية هو وكثير من أمثاله من علماء الدين في اليمن وغيرها من الدول العربية والإسلامية لتجنيدهم والدفع بهم إلى أفغانستان لمواجهة الغزو السوفيتي ومحاربة الشيوعية في أفغانستان، فدعمتهم أمريكا دعما لا محدودا، بل وأجبرت الولايات المتحدة الأمريكية الدول الصديقة لها مثل دول الخليج ومصر واليمن والسودان وسوريا وكثيرا من البلدان العربية على دعم الحركات الإسلامية للتوجه إلى أفغانستان، ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي إذا بالولايات المتحدة الأمريكية تأخذ موقفا مغايرا ومتشددا ضد الحركات الإسلامية، بل وتمارس الضغط على بعض الدول لإقحامها في صراع مع هذه الحركات، والأنظمة التي لاتقوم بذلك بحسب رأيها متواطئة مع هذه الحركات الإسلامية. نحن في اليمن لدينا ديمقراطية وتعددية سياسية، ورفضنا الدخول في صراع مع الحركات الإسلامية، بل وأشركناهم في العمل السياسي وفي التعددية السياسية، ودخلوا المعركة الانتخابية الرئاسية والبرلمانية والمحلية، وشاركوا في الحياة السياسية بفعالية. الشيخ عبد المجيد الزنداني عندما جاءت الانتخابات الرئاسية كان محايدا، وكانوا يريدون منه أن يكون مع أحزاب اللقاء المشترك المعارض لحزب المؤتمر الشعبي العام، فكان الشيخ عبد المجيد محايدا في موقفه، وبالنسبة لجامعة الإيمان فإن ما يجري فيها ليس ببعيد عن علم المخابرات الأمريكية التي لانشك بأنها تتابع ما يدور داخل هذه الجامعة وما يدرس فيها من مناهج، والولايات المتحدة الأمريكية تدرج الآن اسم الشيخ عبدالمجيد الزنداني في قائمة الإرهاب لماذا؟ لأنها تتهمه بجمع تبرعات لحركة حماس الفلسطينية في الوقت الذي لانعتبر نحن حركة حماس حركة إرهابية، بل هي حركة إسلامية مناضلة، تناضل من أجل الاستقلال ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي. أمريكا كحليف لإسرائيل تعتبر حركة حماس إرهابية، في الوقت الذي بدأت فيه الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية التفاوض مع حماس، فكيف تدرج اسم الشيخ عبد المجيد الزنداني على قائمة الإرهاب وتتهمه بأنه يدعم الإرهاب لمجرد أنه يدعم حماس؟ هذه أيضا من المفارقات الغريبة في السياسة الأمريكية، نحن نطالب بشطب اسم الشيخ عبدالمجيد الزنداني من قائمة الإرهاب، ونحن في اليمن كما قلت لانعتبر حماس منظمة إرهابية ولكنها حركة نضالية ضد الاحتلال، ثم إن أمريكا نفسها منحازة إلى إسرائيل.

> «نيويورك تايمز»: بكل تأكيد.

- فخامة الأخ الرئيس: ونحن منحازون إلى الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة من أجل الاستقرار والسلام، وكان المفروض على أمريكا كدولة عظمى أن تكون محايدة لأن سياسة العصى الغليظة لاتجدي أو تستمر.

> «نيويورك تايمز»: أنا موافق على هذا الرأي. سؤال عن الجنوب فخامة الرئيس، أنا لم أزر الجنوب ولكن كانت بعض الاضطرابات قد حدثت في الأشهر الماضية أو العام الماضي هناك، ولا أعتقد أنها خطيرة إلى حد كبير، ولكن ربما لأن الجنوب له تاريخ معين، هل يمكن أن تشرحوا لنا خلفية الذي حدث هناك؟.

- فخامة الأخ الرئيس: الجنوب جزء لايتجزأ من اليمن الواحد، كانت توجد إمامة في الشطر الشمالي ويوجد الاستعمار البريطاني في الشطر الجنوبي من الوطن، وهما اللذان مزقا الشعب اليمني، ونحن الآن لماذا نواجه الإماميين في صعدة بحزم وبقوة؟ لأنه إذا عادت الإمامة فإنها سوف تجزئ اليمن إلى أربعة أجزاء، وربما أكثر, لقد استعاد الشعب اليمني وحدته في عام 1990 بطرق سلمية وفي إطار شراكة بين النظام الذي كان موجودا في الشمال والنظام الذي كان موجوداً في الجنوب لفترة انتقالية دامت ثلاث سنوات وأخذنا بالتعددية السياسية، فكانت قيادات في الحزب الاشتراكي تحلم بالتحالف مع بعض أحزاب في المعارضة والاستيلاء على السلطة في الانتخابات التي جرت في عام 1993, وفي مقدمة هذه الأحزاب (حزبي الحق واتحاد القوى الشعبية) بالإضافة إلى التنظيم الوحدوي الناصري، ولكن الحزب الاشتراكي فشل في تحقيق هذه المآرب من خلال الانتخابات، فبدأ اتصالاته الخارجية بعدد من دول الجوار لدعمه للعودة بالأوضاع في اليمن إلى ما قبل 22 مايو 1990، فحدثت أزمة كبيرة أعقبتها حرب صيف 94م التي أشعلوها ودامت حوالي 67 يوما، والحمدلله انتصرت الوحدة والشرعية الدستورية وانهزم المخطط الانفصالي، وأعلنا عفوا عاما عنهم، فكمنوا لفترة، ولكنهم ظلوا يتصيدون الأحداث ويبحثون عن دعم لهم كقوى انفصالية مهزومة، وهم تارة يستغلون قضية ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وموضوع التقاعد لتك العناصر التي كانت في الجيش في المحافظات الجنوبية، ونحن عندما انتهت الحرب أعلنا عفوا عاما فعاد الجميع إلى قراهم، ولم يعد بعضهم إلى الخدمة في الجيش رغم أن الجيش كان فاتحا الأبواب لهم للعودة إلى صفوفه, فلما جاءت الظروف الراهنة وتسارعت الأحداث نتيجة ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة بدأوا يطلون من جديد وعلى أساس أنهم قوى منقطعة عن الخدمة، ومع هذا فقد قمنا باستيعابهم وإعادتهم إلى الخدمة وصرف مستحقاتهم ورواتبهم ورتبهم العسكرية خلال فترة الانقطاع لاعتبارات المصلحة الوطنية، وباعتبارهم من أبناء هذا الوطن.

المشكلة أن الحزب الاشتراكي يدعي أنه هو الممثل للمحافظات الجنوبية، في حين أن المحافظات الجنوبية وغيرها من محافظات الوطن قد جرت فيها انتخابات نيابية (ثلاث دورات) وانتخابات محلية ورئاسية فاز فيها حزب المؤتمر الشعبي العام (وفيه قيادات) من المحافظات الجنوبية وطنية وكفوءة، ويشاركون الآن كعناصر أساسية في كافة مفاصل السلطة سواء في رأس الدولة أم في الحكومة أم في السلطة المحلية وفي كل مؤسسات الدولة، المشكلة ورغم ذلك من المؤسف أن الحزب الاشتراكي مازال يعتبر نفسه وصيا على المحافظات الجنوبية، وأنه هو الذي يمثل الجنوب، ليس ذلك فحسب بل و يعتبر أن العناصر القيادية الجنوبية من غير الحزب لاتمثل الجنوب.

كما يريد أن يكون هو الشريك الفعلي في السلطة على أساس أنه وقع على اتفاقية الوحدة، ويتعمد أن يتناسى ويتجاهل أن هناك ديمقراطية تعددية، وأن الشراكة لاتأت إلا من خلال صناديق الاقتراع, فهذه هي الخلفية عن التطورات في المحافظات الجنوبية وموقف الحزب الاشتراكي، و الحزب الاشتراكي هو من أقصى نفسه عندما أعلنت بعض قياداته الحرب والانفصال في صيف عام 1994 وارتدت عن الوحدة وخرجت على الدستور والشرعية الدستورية وجاءت بعدها شخصيات وطنية بديلة من المحافظات الجنوبية، معظمها من الحزب الاشتراكي ومن جبهة التحرير وغيرها من القوى السياسية، وهي اليوم شريكة في السلطة وموجودة في كافة مؤسسات الدولة.

كما قلت وبإمكان الاشتراكي أن يكون في السلطة، ولكن عبر صناديق الاقتراع، مثله مثل بقية الأحزاب الأخرى, ونحن أجرينا مؤخرا انتخابات لمحافظي المحافظات في إطار الحكم المحلي الواسع الصلاحيات، ومن أجل توسيع نطاق المشاركة الشعبية في إدارة الشأن المحلي.

كما أنه تم تخصيص أكثر من 70 % من عائدات الثروة النفطية لصالح التنمية في المحافظات الجنوبية، لأن تلك المحافظات حرمت طوال 27 عاما من حكم النظام الشمولي للحزب الاشتراكي, لهذا ركزنا على إيجاد البنية التحتية وتحقيق تنمية كاملة في الكهرباء والطرقات والاتصالات والجامعات والمعاهد والصحة والتعليم الأساسي والتعليم العالي والمهني والرعاية الاجتماعية وبناء السدود وحواجز المياه وغيرها من مشاريع التنمية والخدمات، إدراكا منا بأن المحافظات الجنوبية كانت محرومة من كل شيء في ظل نظام شمولي انتهج الماركسية وجرّب تطبيقها في جزء من اليمن في الوقت الذي فشلت فيه فشلا ذريعا في عقر دارها ولدى من أرادوا نشرها في العالم، كما أننا في ظل دولة الوحدة انتهجنا مبدأ تحرير التجارة وآلية السوق وإعادة الممتلكات العامة المصادرة (المؤممة) من قبل الحزب الاشتراكي إلى أصحابها طبقا للدستور والقانون، والضجيج الذي جرى في بعض المحافظات الجنوبية هو نتيجة لهذه الإجراءات، ولأننا أحدثنا تنمية شاملة، وهو ما اعتبر محاكمة للعهد الشمولي السابق.

كما أننا أعدنا ممتلكات الناس المؤممة التي أممها الحزب الاشتراكي، باعتبار أن الملكية الخاصة مصانة طبقا للدستور، وهذا أمر لايروق للبعض.

> «نيويورك تايمز»: سؤال أخير فخامة الرئيس.

لقد حكمت اليمن 30 عاما، وحققتم الكثير من الإنجازات، كيف تتخيلون بقاءكم في السلطة في الوقت الذي يوجه لكم بعض النقاد أنكم تحاولون تثبيت أقدام ابنكم لقيادة البلاد، وهو إن حدث سيكون أمر غير ديمقراطي. في رأيكم كيف تنظرون إلى المستقبل في هذا المجال؟.

- فخامة الأخ الرئيس: أولا الدستور اليمني واضح، وليس فيه أي نص يشير إلى توريث الحكم، بل يؤكد على التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، وأنا إن شاء الله سأكمل الفترة الرئاسية التي انتخبت لها، ولن أرشح نفسي مرة أخرى، أما ابنى فهو مواطن يمني، وأنا لا أورثه الحكم، فالحكم في بلادنا طبقا للدستور ليس وراثيا بل الحكم هو نظام ديمقراطي جمهوري تعددي، يقوم على ما تقرره إرادة الشعب عبر صناديق الاقتراع، وكما قلت إذا أراد ابني أن يترشح مثله مثل أي مواطن يمني عبر الانتخابات فهذا من حقه، وليس عبر التوريث، ولكنني شخصيا أنصحه أن لايترشح لأن حكم اليمن صعب، وهو مثل الرقص على رؤوس الثعابين.

> «نيويورك تايمز»: أو مثل الركوب على الأسد، إذا وقعت أكلك!.

- فخامة الأخ الرئيس: نعم هو كذلك، ومن المؤسف أن من يتحدث عن التوريث هم من يدور مثل هذا الأمر في خيالهم فقط أما في الواقع فلا وجود له.

- «نيويورك تايمز»: شكرا كثيرا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى