في محاضرة حول العلماء الملوك في اليمن في عصر الدولة الرسولية.. د. العروسي:العلماء الملوك حرصوا على تعيين مستشاريهم من العلماء وولوهم أهم وأعلى المناصب

> صنعاء «الأيام» بشرى العامري:

>
نظم المركز اليمني للدراسات التاريخية وإستراتيجية المستقبل (منتدى منارات)مساء أمس محاضرة بعنوان (العلماء الملوك في اليمن في عصر الدولة الرسولية)تحدث فيها د. محمد علي العروسي عن النهضة العلمية والثقافية التي تزامنت مع ذلك العصر.

وكذا الاستقرار الاقتصادي والسياسي، وتطور الزراعة والصناعة، مشيرا إلى أن مدن اليمن المختلفة قد شهدت توسعا وتطورا في العمران والبناء غير مسبوق، ويرجع ذلك إلى أن الملوك الرسوليين كانوا علماء، اجتهدوا في طلب العلم وجَدّوا في اكتساب المعارف حتى بلغوا درجات جهابذة العلماء ومكانتهم العظيمة، فصنفوا المؤلفات الجليلة النافعة المفيدة في مجالات وفروع العلوم المختلفة، وكرموا العلماء من عامة الناس، ورفعوهم المكانة التي تليق بحالهم، وكافأوهم على مصنفاتهم، واستضافوا الكثير من العلماء المشهورين، واستقدموهم من مختلف أقطار العالم الإسلامي، ورغبوهم وحببوا إليهم البقاء والعيش في اليمن بغية الاستفادة والاستزادة من علومهم. وانتشرت في عصر هؤلاء العلماء الملوك مجالس العلم والأدب، وظهرت وانتشرت مئات المنشآت التعليمية المختلفة من مدارس وأربطة علم وخانقات وغيرها، ودُرست العلوم المختلفة فيها، وزخرت الجوامع والمساجد بحلقات الدرس، وتحولت منازل بعض الفقهاء إلى مدارس علم، وتعلم الملك والغني والأمير والفقير واليتيم.

وقال: «حرص العلماء الملوك من بني رسول على تعيين مستشاريهم من العلماء، وولوهم أهم وأعلى المناصب والوظائف، ومنحوهم كامل الحرية الفكرية، يكتبون ويقولون أراءهم بصدق وأمانة دون خوف أو تردد، وكان إذا وجه عالم نصيحة أو نقدا أو مقترحا يصحح مسارا أو يفيد الناس تقبله الملك وعمل به، وقدر صاحبه وقربه منه».

وأضاف: «كانت أولى وأهم خطوات ملوك الدولة الرسولية لنشر العلم هي القيام بإنشاء وعمارة مدارس للعلوم الإسلامية في العديد من المدن والمناطق اليمنية، وقد أنشأ مؤسس الدولة الرسولية وأول ملوكها المنصور نور الدين عمر بن علي بن رسول (626 - 647هـ/1229 - 1249م) ثمان مدارس، مدرسة للفقه في مكة المكرمة، ومدرستان في مدينة تعز، وثلاث مدارس في مدينة زبيد، ومدرسة في مدينة عدن، وأخرى في حد المنسكية بوادي سهام في محافظة الحديدة، وعمل الملوك الرسوليون الذين توارثوا الحكم من بعد الملك (المنصور عمر) على نشر العلم والمعارف من خلال قيامهم ببناء المدارس والجوامع والخانقات والأربطة، وحرصوا على تجديد وترميم وإصلاح هذه المنشآت التعليمية.

وحذا بعض الأمراء من بني رسول حذو ملوكهم في بناء وعمارة مدارس العلوم الإسلامية، فشيدوا أكثر من خمس عشرة مدرسة، وشاركت الأميرات الرسوليات في الحياة السياسية والدينية والعلمية والثقافية، وكان لهن دور بارز في نشر العلم والثقافة في اليمن في العصر الرسولي، حيث قامت الكثير من الأميرات بإنشاء العشرات من مدارس العلوم الإسلامية والمساجد، وقد بـلغ عدد المدارس التي أنشأتها الأميرات الرسوليات أربعا وثلاثين مدرسة، وأوقفوا على تلك المدارس أوقافا جليلة مكنت غالبية هذه المدارس من الاستمرار في أداء وظيفتها حتى يومنا هذا، كما ساهم الكثير من العلماء والقضاة والفقهاء والتجار في العصر الرسولي في بناء الكثير من المدارس وأربطة العلم.

وبشكل عام فقد بنيت مدارس العلوم الإسلامية في العصر الرسولي في عدد من المدن والقرى اليمنية، وعلى وجه الخصوص في بعض قرى ومدن تهامة في محافظة الحديدة وفي محافظات تعز وإب وعدن، ويبلغ عدد المدارس التي أنشئت في مدينة زبيد أكثر من خمسين مدرسة، وبُنيت في مدينة تعز وضواحيها حوالي ثلاثين مدرسة، وبنيت في محافظة إب أكثر من أربعين مدرسة، منها عشر مدارس في مدينة إب وتسع مدارس في مدينة ذي جبلة، بالإضافة إلى عدد كبير من مدارس العلوم الإسلامية التي بنيت في العصر الرسولي في أماكن مختلفة من اليمن، وفي مكة المكرمة والمدينة المنورة».

وأشار إلى أن «حرص الملوك والأميرات والأمراء الرسوليين على نشر العلم وبناء المنشآت التعليمية والاهتمام بالعلماء والمدرسين وطلبة العلم والإنفاق عليهم بسخاء يعد واحدا من أبرز مظاهر مشاركتهم الرائدة في تطوير الحياة العلمية والثقافية في اليمن في عهدهم.

وكان الاشتغال بالعلم والمعرفة في العصر الرسولي أهم الخيارات وأفضلها على الإطلاق، وكان ملوك الدولة الرسولية علماء، وبفضل العلم وهؤلاء العلماء الملوك صارت اليمن واحدة من أقوى دول الشرق في العصور الوسطى، بل إن اليمن تميزت عن غيرها من شعوب العالم الإسلامي في تلك الفترة بأنها صنعت نموذجا علميا وثقافيا عربيا إسلاميا عظيما، قام على أساس وجود توازن سياسي بل وشراكة سياسية بين أولئك العلماء الملوك وعامة الشعب، وجعلوا من طلب العلم ونشره سلوكا وثقافة شكلت جزءا هاما من حياة الحكام والمحكومين».

وقال أيضا: «من المؤكد أن اشتغال هؤلاء العلماء الملوك بالعلم لم يؤثر على أدائهم في الحكم بل كان من أهم عوامل نجاحهم في حكم البلاد وحمايتها وتطويرها وبنائها، كانوا قريبين من الرعية، يعالجون قضاياهم ويخففون معاناتهم، وإن ضاقت أحوالهم بسبب الجفاف أو القحط أو التهم الجراد محاصيلهم أمدهم ملوكهم بالمساعدات المادية والعينية التي تعينهم، وأعفوهم من الرسوم التي كانوا يدفعونها للدولة، وإن شكا أحد الرعية إليهم واليا أو عاملا من عمالهم عزلوه».

ثم استعرض نبذة موجزة عن ملوك الدولة الرسولية وفترات حكمهم وأهم صفاتهم وآثارهم ومؤلفاتهم.

وقال: «حكم اليمن في عصر الدولة الرسولية الذي دام مائتين وتسعا وعشرين سنة أربعة عشر ملكا، أولهم الملك المنصور عمر بن علي بن رسول وآخرهم المسعود صلاح الدين بن إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل بن العباس بن علي بن داوود بن يوسف بن عمر بن علي بن رسول».

وقد حضر الفعالية المهندس عبدالرحمن الإرياني وزير المياه، وعدد من المفكرين والباحثين، وكان مركز (منتدى منارات) قد أقام الثلاثاء الماضي محاضرة حول قضايا الأمة العربية والإسلامية بين هزائم السياسة وانتصار المقاومة، تحدث خلالها أ.د.حمود صالح العودي أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء عن الأبعاد السياسية والاجتماعية لهزائم السياسة العربية وانتصارات العدو الإسرائيلي، مشيرا إلى أن انتصار المقاومة صار مشروطا بغياب السلطة، أو بالرغم منها، مؤكدا أنه حيثما تغيب السلطة تنتصر المقاومة والعكس صحيح. وقال: «إن كل انتصارات المقاومة قد تمت وتتم بسبب غياب النظام الرسمي أو ضعفه أو بالرغم منه، وهكذا أصبحت الانتصارات الوطنية والقومية شبه مشروطة بغياب النظام الرسـمي أو ضعفـه أو بـالرغم منه على الأقل.

وهذا ما يؤكد انتصار المد المقاوم لحماس فلسطين ولبنان حزب الله، وعراق المقاومة الشريفة ضد الاحتلال وليس قتلة الأبرياء بالجملة، وأخيرا صومال المحاكم الإسلامية، مقابل ارتباط الهزائم الوطنية والقومية النكراء بتضخم وتورم الأنظمة الرسمية».

وأشار إلى الأبعاد السياسية والاجتماعية لانتصارات المقاومة متناولا تحليل أبعاد ودلالات كل منها في كل من فلسطين ولبنان والعراق والصومال، مبينا أن حماس بالدرجة الأولى وكل أشكال المقاومة الوطنية الفلسطينية هي خلاصة تجربتنا الوطنية والقومية ورمز تاريخنا النضالي وحاضرنا الممانع والمقاوم، ومستقبلنا المنتصر بإذن الله، والتي حققت على أرض فلسطين في أقل من عقدين عسكريا وسياسيا ما عجز عنه غيرها داخل وخارج الوطن الفلسطيني من عشرات الدول العربية وملايين البشر المغلوبين على أمرهم فيها، وتجاوز خط الممانعة والمقاومة بفضل حماس وكل فصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى كل خطوط المواجهة الرسمية الفلسطينية والعربية معا مع العدو الصهيوني داخل وخارج فلسطين.

وتناول مسألة المقاطعة السياسية والحصار الاقتصادي والعسكري والتجويع للشعب الفلسطيني عقوبة له على انتخاب حماس، وأنه هو الرد الأولي على ذلك، بل ولقد باشر النظام العربي الرسمي المقاطعة والحصار والتجويع قبل أن يطالب حكومة حماس بالاعتراف والتطبيع، هذا هو ما صار يمارس علنا بدءا من رام الله مرورا بعمان والقاهرة فالرياض حتى تل أبيب وواشنطن، حيث يصنع القرار أصلا.

أما ما لم يكن معلنا فهو الأخطر على الإطلاق وهو ما يتعلق بإطلاق يد إسرائيل وآلتها العسكرية الهائلة لتصفية حماس والمقاومة الفلسطينية عموما بالإبادة المنظمة للبشر والشجر والحجر تحت سمع وبصر النظام العربي الرسمي.

كما أكد الأستاذ حاتم أبو حاتم عضو مجلس الأمناء بالمركز أن مشروع المقاومة والممانعة هو الطريق الأمثل لمواجهة المخاطر ودحر المشروع الأمريكي الصهيوني الذي هو شر مطلق على الأمة، لذا يجب أن تتواجد الكتائب الداعمة ومقاطعة البضائع الصهيوأمريكية أحد الأسلحة، والسعي للوحدة العربية والمشروع العربي التحرري، وزيادة الوعي الشعبي والقبول بالتعددية ونبذ ثقافة الصراع الداخلي وتحويله إلى حوار الرأي والرأي الآخر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى