الثأر .. نهاية مشكلة..أم بداية مأساة!!

> «الأيام» فهد علي البرشاء:

> حينما يكون التعصب القبلي هو سيد الموقف..وحينما يكون نصرة القبيلة هو المبدأ والأساس الذي يقوم عليه الانتماء القبلي..وحينما يجرد الإنسان من كل الحصانات السماوية التي كفلها له الشرع، وتنتهك حرماته، وتستباح دماؤه تحت مسميات وألقاب لاتمت للإنسانية بصلة، ضاربة عرض الحائط، ومتجاوزة حدود الكتاب والسنة.. وحينما يزر الأبرياء وزر السفاحين، ويتحملون فداحة الفعل وقسوة الموقف.. حتى وإن لم يكن لهم في غير المشكلة ونفير الحسرة شيء، أو يفجع قلب الأم بولدها، وتنساب دموع القهر على الوجن مخافة مأساة، تظل الأم صريعة لها، تتقاذفها أكف النوح ولحظات الذكرى على ماض تولى، وحاضر يحمل بين ثناياه البؤس والتعاسة..

وحينما يكلم فؤاد الأب بابنه، ويعتصر الألم دواخله، وتبدأ الحسرة تستوطن بواطن الذات، وترسم على المحيى علامات الإقامة الجبرية التي تحمل بين طياتها رحلة البحث عن الانتقام، ورد الاعتبار المسلوب، والحق المهدور الذي أهدرته أيادي الطيش، أو ربما لحظات الخطأ التي تعمى فيها البصيرة والبصر، وتهدر فيها الدماء بني البشر.. حينها يكون الثأر هو السيد وهو الحل لكل تلك الاحتقانات القبلية، التي تحدث في مجتمع تسوده تعاليم الإسلام التي يتخذ منها البعض مجرد مظلة يستظلون تحتها أحيانا بذريعة اجتثاث جذور المشاكل ووضع حد يمنع حدوثها، حتى وإن كانت ناجمة عن أخطاء غير متعمدة..

وحينما يكون الثأر هو القانون السائد في حل المشاكل الناجمة في المجتمعات دون اللجوء إلى قانون السماء أو حتى دستور البلاد الذي يحث على التعامل مع الواقع بعقلانية، بعيدا عن التعصب الأعمى الذي يقود بني البشر إلى حافة الهلاك، والدخول في حرب لا تنتهي، ويتفاخر بها البعض رغم مساوئها وسلبياتها، التي تعتمد اعتمادا كليا على إشباع الرغبات الذاتية من دماء الآخرين دون وازع ديني أو رادع إنساني، لتؤسس قاعدة مفادها أنه ستكون سلطة القبيلة فوق كل اعتبار، وستطبق أحكام الشريعة الدموية والجسدية مهما كانت الأسباب تافهة أو بسيطة، لأنها لاتعترف إلا بلغة الدم، وتبدأ مأساة الأسرة أو القبيلة تكبر مع بزوغ كل فجر، وبدافع الغيرة ورد الاعتبار تستفحل بداخلهم المأساة حتى يشفى غليلهم، وتخمد النيران المستعرة بداخلهم.

يظل سيناريو الثأر قضية تواد، وأخرى تكبر مع ربيعات العمر وساعات القهر.. إذن يبدأ الثأر من حيث ينتهي أرواح تزهق، وأخرى ترتجي قبرا غير بعيد وأملا أظنه يرغد في جنبات المحال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى